على الرغم من أهمية العوامل الاستراتيجية والأمنية والسياسية التي دفعت إسرائيل إلى الحرص على التوصل لاتفاق المصالحة مع تركيا، فإن الاعتبارات الاقتصادية كانت الأكثر حسماً في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتوقيع على الاتفاق، رغم اعتراض عدد من وزرائه وتحفظ قطاعات كبيرة من الرأي العام الإسرائيلي عليه.
ولا تنبع أهمية الاعتبارات الاقتصادية فقط لاتفاق المصالحة من قيمة العوائد التي ستجنيها إسرائيل من الاتفاق، بل إن نتنياهو يراهن أيضاً على توظيف هذه العوائد في تحسين مكانته السياسية داخلياً، لاسيما في ظل الانتقادات التي توجه له بسبب فشله في تحسين الأوضاع الأمنية، وكذلك في أعقاب قضايا الفساد، التي تورطت فيها زوجته.
وحسب مراقبين فإن نتنياهو يراهن على أن يسمح اتفاق المصالحة مع تركيا في الشروع في استنفاذ الطاقة الاقتصادية الكامنة في حقول الغاز التي سيطرت عليها إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط.
وكان نتنياهو ووزير الطاقة يوفال شطاينتس قد بشرا الإسرائيليين عشية الانتخابات الأخيرة بإحداث "نقلة نوعية" في الواقع الاقتصادي بسبب عوائد صادرات الغاز المنتظرة، لكن الإثنين اكتشفا أن تأمين أسواق خارجية لتصريف الغاز مهمة صعبة جداً، لاسيما بعدما تراجعت فرص تصديره لمصر.
فقد أدى اكتشاف حقل "زهر" قبالة الشواطئ المصرية إلى تراجع حماسة المصريين لاستيراد الغاز من إسرائيل؛ إلى جانب أن إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي تشترط على إسرائيل التنازل عن 1.67 مليار دولار، فرضها قرار تحكيم دولي على مصر بسبب إخلالها باتفاق توريد الغاز لإسرائيل في أعقاب تفجر ثورة 25 يناير.
وأفضى تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 بنسبة تصل لنحو 60% إلى فقدان الغاز الإسرائيلي قدرته التنافسية داخل إسرائيل نفسها، حيث إن المزيد من المرافق الصناعية باتت معنية بالاعتماد على النفط بدل الغاز في توليد الطاقة.
وتراهن إسرائيل على حالة انعدام اليقين التي تسود دوائر صنع القرار التركية بشأن قدرة أنقرة في المستقبل على تأمين احتياجاتها من الغاز في أعقاب الأزمة مع روسيا، في إقناع الأتراك باستيراد الغاز الإسرائيلي.
وبالفعل فقد تضمن اتفاق المصالحة بنداً ينص على شروع كل من تركيا وإسرائيل في مفاوضات رسمية لتدشين أنبوب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، حيث تشتري أنقرة الغاز لاحتياجاتها الخاصة وتبيعه أيضا لأوروبا.
لكن هذا البند تحديداً يرسم علامات من الشك حول مصير الاتفاق المبدئي الذي توصلت إليه اليونان وإسرائيل قبل ستة أشهر وينص على تدشين أنبوب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر اليونان بكلفة 6 مليارات دولار.
وذكرت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر الأحد الماضي أن الحكومة اليونانية أرسلت بالفعل رسائل لتل أبيب تبدي فيها قلقاً إزاء مستقبل العلاقات الثنائية والاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الجانبين.
في الوقت ذاته، فإن تل أبيب تراهن على أن يفضي اتفاق المصالحة إلى تعزيز التبادل التجاري بين أنقرة وتل أبيب، الذي لم يتوقف على الرغم من تأزم العلاقات السياسية بين الجانبين.
ويشير البرفسور درور زئيفي، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، والمتخصص في العلاقات التركية الإسرائيلية، إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا واسرائيل يبلغ حاليا ستة مليارات دولار.
وفي مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عددها الصادر أمس، أوضح زيفي أن ميناء حيفا تحول في السنوات الأخيرة إلى أكبر قاعدة لاستقبال البضائع التركية، التي تأخذ طريقها في شاحنات إلى الأردن والعراق.
وحسب زئيفي فإن اتفاق المصالحة سيسمح باستنفاذ الطاقة الكامنة في التبادل التجاري، متوقعاً أن تتضاعف قيم هذا التبادل.
ويلفت زيفي الأنظار إلى أن إسرائيل تراهن على العوائد الكامنة في "التكامل" بين الاقتصادين التركي والإسرائيلي، لاسيما في التكنولوجيا المتقدمة والصناعة والزراعة.
من ناحية أخرى، توقع تحقيق نشرته صحيفة "ميكور ريشون" في عددها الصادر اليوم أن يفضي الاتفاق إلى انتعاش السياحة الإسرائيلية إلى تركيا. وأشار التحقيق إلى أن تركيا، كانت قبل ست سنوات، الوجهة الأولى للسائح الإسرائيلي، حيث كان نصف مليون إسرائيلي يقضون عطلهم الصيفية في تركيا.
وذكرت الصحيفة أن حركة السياح الإسرائيليين إلى تركيا قد تراجعت بعد تدهور العلاقات إلى بضع عشرات الآلاف، حيث إن معظم السياح الذين يصلون حالياً تركيا من إسرائيل هم من فلسطينيي الداخل، والذين لا يتجاوز عددهم بضع عشرات الآلاف.
ونوهت الصحيفة إلى أن السياح الإسرائيليين الذين توجهوا لليونان وبلجيكا كبديل عن تركيا خاب أملهم من هذين الخيارين بسبب "تواضع" المغريات التي يقدمها هذان البلدان للسياح.
ونقلت الصحيفة عن إيلان شليف، المدير العام لشركة "شتفيم للسياحة" تفاؤله إزاء تعاظم فرص السياحة إلى تركيا، متوقعاً أن يتوجه 180 ألف سائح إسرائيلي لتركيا بعد التوصل للاتفاق.
اقــرأ أيضاً
ولا تنبع أهمية الاعتبارات الاقتصادية فقط لاتفاق المصالحة من قيمة العوائد التي ستجنيها إسرائيل من الاتفاق، بل إن نتنياهو يراهن أيضاً على توظيف هذه العوائد في تحسين مكانته السياسية داخلياً، لاسيما في ظل الانتقادات التي توجه له بسبب فشله في تحسين الأوضاع الأمنية، وكذلك في أعقاب قضايا الفساد، التي تورطت فيها زوجته.
وحسب مراقبين فإن نتنياهو يراهن على أن يسمح اتفاق المصالحة مع تركيا في الشروع في استنفاذ الطاقة الاقتصادية الكامنة في حقول الغاز التي سيطرت عليها إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط.
وكان نتنياهو ووزير الطاقة يوفال شطاينتس قد بشرا الإسرائيليين عشية الانتخابات الأخيرة بإحداث "نقلة نوعية" في الواقع الاقتصادي بسبب عوائد صادرات الغاز المنتظرة، لكن الإثنين اكتشفا أن تأمين أسواق خارجية لتصريف الغاز مهمة صعبة جداً، لاسيما بعدما تراجعت فرص تصديره لمصر.
فقد أدى اكتشاف حقل "زهر" قبالة الشواطئ المصرية إلى تراجع حماسة المصريين لاستيراد الغاز من إسرائيل؛ إلى جانب أن إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي تشترط على إسرائيل التنازل عن 1.67 مليار دولار، فرضها قرار تحكيم دولي على مصر بسبب إخلالها باتفاق توريد الغاز لإسرائيل في أعقاب تفجر ثورة 25 يناير.
وأفضى تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 بنسبة تصل لنحو 60% إلى فقدان الغاز الإسرائيلي قدرته التنافسية داخل إسرائيل نفسها، حيث إن المزيد من المرافق الصناعية باتت معنية بالاعتماد على النفط بدل الغاز في توليد الطاقة.
وتراهن إسرائيل على حالة انعدام اليقين التي تسود دوائر صنع القرار التركية بشأن قدرة أنقرة في المستقبل على تأمين احتياجاتها من الغاز في أعقاب الأزمة مع روسيا، في إقناع الأتراك باستيراد الغاز الإسرائيلي.
وبالفعل فقد تضمن اتفاق المصالحة بنداً ينص على شروع كل من تركيا وإسرائيل في مفاوضات رسمية لتدشين أنبوب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، حيث تشتري أنقرة الغاز لاحتياجاتها الخاصة وتبيعه أيضا لأوروبا.
لكن هذا البند تحديداً يرسم علامات من الشك حول مصير الاتفاق المبدئي الذي توصلت إليه اليونان وإسرائيل قبل ستة أشهر وينص على تدشين أنبوب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر اليونان بكلفة 6 مليارات دولار.
وذكرت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر الأحد الماضي أن الحكومة اليونانية أرسلت بالفعل رسائل لتل أبيب تبدي فيها قلقاً إزاء مستقبل العلاقات الثنائية والاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الجانبين.
في الوقت ذاته، فإن تل أبيب تراهن على أن يفضي اتفاق المصالحة إلى تعزيز التبادل التجاري بين أنقرة وتل أبيب، الذي لم يتوقف على الرغم من تأزم العلاقات السياسية بين الجانبين.
ويشير البرفسور درور زئيفي، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، والمتخصص في العلاقات التركية الإسرائيلية، إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا واسرائيل يبلغ حاليا ستة مليارات دولار.
وفي مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عددها الصادر أمس، أوضح زيفي أن ميناء حيفا تحول في السنوات الأخيرة إلى أكبر قاعدة لاستقبال البضائع التركية، التي تأخذ طريقها في شاحنات إلى الأردن والعراق.
وحسب زئيفي فإن اتفاق المصالحة سيسمح باستنفاذ الطاقة الكامنة في التبادل التجاري، متوقعاً أن تتضاعف قيم هذا التبادل.
ويلفت زيفي الأنظار إلى أن إسرائيل تراهن على العوائد الكامنة في "التكامل" بين الاقتصادين التركي والإسرائيلي، لاسيما في التكنولوجيا المتقدمة والصناعة والزراعة.
من ناحية أخرى، توقع تحقيق نشرته صحيفة "ميكور ريشون" في عددها الصادر اليوم أن يفضي الاتفاق إلى انتعاش السياحة الإسرائيلية إلى تركيا. وأشار التحقيق إلى أن تركيا، كانت قبل ست سنوات، الوجهة الأولى للسائح الإسرائيلي، حيث كان نصف مليون إسرائيلي يقضون عطلهم الصيفية في تركيا.
وذكرت الصحيفة أن حركة السياح الإسرائيليين إلى تركيا قد تراجعت بعد تدهور العلاقات إلى بضع عشرات الآلاف، حيث إن معظم السياح الذين يصلون حالياً تركيا من إسرائيل هم من فلسطينيي الداخل، والذين لا يتجاوز عددهم بضع عشرات الآلاف.
ونوهت الصحيفة إلى أن السياح الإسرائيليين الذين توجهوا لليونان وبلجيكا كبديل عن تركيا خاب أملهم من هذين الخيارين بسبب "تواضع" المغريات التي يقدمها هذان البلدان للسياح.
ونقلت الصحيفة عن إيلان شليف، المدير العام لشركة "شتفيم للسياحة" تفاؤله إزاء تعاظم فرص السياحة إلى تركيا، متوقعاً أن يتوجه 180 ألف سائح إسرائيلي لتركيا بعد التوصل للاتفاق.