ونقلت وسائل إعلام محلية عراقية، عن مسؤولين في الدولة أنه رغم إعلان الحكومة العراقيّة النصر النهائيَّ على تنظيم "داعش" الإرهابي، وتحرير المناطق التي سيطر عليها، إلا أن العديد من النازحين لم يعودوا إلى مناطق سكناهم، بالرغم من الأموال الطائلة التي صرفتها الحكومة العراقية على ملف النازحين الّذي تولى إدارته مسؤول حكوميّ رفيع جداً عام 2014.
وكشفت عن ملفات فساد ضخمة من بينها حالات تزوير وتلاعب بالأرقام تصل إلى 20 ملفاً، أبرزها وجود قرابة 19 ألف بصمة إبهام مزيّفة لأشخاص غير نازحين اعتبروا نازحين، وأكثر من 3500 بصمة مكررة في عدد من مدن الأنبار، فضلاً عن أن صرف مبلغ مليون دينار للنازحين في بابل فضح وجود أكثر من 500 بصمة لا تحتوي على مميزات وواضحة، وأنّ حالات الفساد ورداءة المواد المستخدمة في صنع 800 كرفان في مجمع إيواء النازحين في الديوانية بمبلغ 10 مليارات دينار، أدى إلى تعرضها للدمار بفعل رياح متوسطة الشدة، لافتة إلى أن البصمات المطبوعة في البودرة الخاصة بتوزيع منحة المليون دينار الموزَّعة من قبل وزارة الهجرة والمهجرين على النازحين في بغداد لا تحتوي على مميزات واضحة وكافية لإجراء المضاهاة.
وبيّنت قيام عدد كبير من النازحين في الأنبار وكركوك وبغداد بتقديم شكاوى بخصوص حصول حالات تلاعب وتزوير في الأسماء والبصمات وعدم تسلمهم منحة المليون دينار، موضحا أنه تم تسجيل أشخاص كنازحين وتسلُّمهم المنحة المالية الخاصة، رغم كونهم من سكان محافظات لم تحصل فيها أية حالة نزوح.
وقال كيلان عباس، مدير مكتب منظمة الحياة الأميركية في ديالى، إنّ أوضاع النازحين ليست جيدة، نظرا لبقاء عدد كبير منهم في مخيمات النازحين حتى بعد مرور نحو ستة أعوام على نزوحهم، وأنّ الأموال التي صرفت على ملف النازحين يمكن أن تُبنى بها مدن كاملة، وليس فقط إعانة أسر نازحة، لكنها لم توزع بعدالة ولم تشمل جميع العائلات النازحة، بل هناك الكثير ممن لم ينزحوا أصلا من مناطقهم، ولم يكونوا يوما في مخيمات النازحين، حصلوا على تلك المنحة بشكل أو بآخر.
وأكد عباس لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك تلاعباً كبيراً بملف النازحين والأموال المخصصة لهم، إذ لا يمكن أن يكون هناك نازحون بالرغم من تحرير مناطقهم، وهناك عائلات نازحة لم تتسلم منحة المليون نحو 800 دولار، وهم بأمس الحاجة لإعانتهم خصوصا العائلات التي تسكن خارج المخيمات وفي عشوائيات ولم تصلهم المنظمات المحلية أو الدولية لتقديم المساعدة.
وشدد على ضرورة القيام بمعرفة تفاصيل المنح والأموال الطائلة المصروفة للنازحين بعد أن تبين أنّ الكثير من تلك الأموال تذهب لغير مستحقيها، وجهات تستفيد من تلك الأموال بشكل أو بآخر، مستغلين ملف النازحين والصفقات مواد وكرفانات من منشئ غير جيد، وأن الهدف من تلك الصفقات الربح وإن كان على حساب أناس تضرروا بفعل الحرب والنزوح.
وكانت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية والمهجرين في مجلس النواب، أعلنت في آب/ أغسطس الماضي، عزمها فتح تحقيق بإهدار تريليون دينار عراقي في وزارة الهجرة والمهجرين.
وقال نائب رئيس اللجنة حسين عرب الصريفي في تصريح صحافي، إن اللجنة بصدد فتح كل ملفات الفساد والتجاوز على المال العام خلال المرحلة الماضية، وأنّ لدى اللجنة ملفاً خاصاً بإهدار تريليون دينار عراقي في لجنة إغاثة النازحين التي كان يترأسها أحد كبار السياسيين عام 2014، وأن اللجنة لا يهمها أن تكون تلك الملفات تمسّ سياسيين أو غيرهم وما يعنيها فقط أن هذا الملف فيه تجاوز على المال العام من عدمه، مؤكداً "تقديم طلب إلى وزير الهجرة والمهجرين لتزويد اللجنة بجميع الأولويات الخاصة بعمل اللجان الخاصة بالنازحين الممتد بين عامي 2015 و2018".
كما كشفت عضو اللجنة النيابية المؤقتة للنازحين، شروق العبايجي، في تصريح سابق، عن وجود فساد كبير في ملف النازحين في مجالات المنح المالية والخيم والكرفانات والسلة الغذائية ووجدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار الخيم المخصص للنازحين، إذ وصل سعر الواحدة منها إلى أربعة ملايين دينار عراقي، لافتة إلى أنها غير صالحة لإيواء البشر.
وزارة الهجرة والمهجرين أعلنت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في بيان صحافي عن قرب إطلاق الوجبة الثالثة من منحة المليون ونصف المليون دينار للعائدين لمناطقهم المحررة بعد استكمال توفير التخصيصات المالية والتي شملت 9733 عائلة.