استمع إلى الملخص
- حذرت الشبكة العربية للطفولة من التأثيرات النفسية للحرب، مثل الصدمات النفسية والخوف، حيث يعمل متطوعون في صيدا على تقديم الدعم النفسي للأطفال النازحين.
- يعبر الأطفال النازحون عن خوفهم من القصف، ويستخدمون اللعب لتخفيف التوتر، متمنين انتهاء الحرب والعودة لحياتهم الطبيعية.
وسط العدوان الإسرائيلي الذي اشتدّت حدّته على لبنان أخيراً، أشارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في آخر تقرير لها صادر في الرابع من الشهر الجاري، إلى أنّ "التقارير المتوفّرة تفيد بأنّ أكثر من 690 طفلاً في لبنان أصيبوا في الأسابيع الأخيرة". وطالبت المنظمة، في بيان صحافي، بحماية الأطفال ودعمهم على الصعد كلها في ظلّ تدهور الأوضاع.
وأشارت إلى أنّ "ما لا يقلّ عن 127 طفلاً قُتلوا خلال عام"، وقدرت عدد الأطفال النازحين في لبنان، منذ بدء التصعيد قبل عام، بأكثر من 300 ألف طفل.
من جهتها، حذرت الشبكة العربية للطفولة من تداعيات الحرب وأصوات القصف والدمار على الأطفال، وما يتبعها من صدمات نفسية وحالات خوف وقلق لدى هذه الفئة.
وبسبب ما يعانيه الأطفال جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان وتداعياتها من خوف ونزوح، يحاول بعض المتخصصين مساعدة الصغار على تجاوز هذه الصدمات. في مدارس الإيواء في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، يعمل متطوعون على تقديم الخدمات للنازحين من الجنوب بالإضافة إلى أنشطة الدعم النفسي للأطفال، بهدف التخفيف عنهم.
وتقول المتخصصة في علم النفس العيادي، ثريا دمرداش: "بعد اشتداد العدوان أخيراً، نزحت العديد من الأسر اللبنانية من الجنوب متوجهة نحو صيدا ومناطق لبنانية أخرى. نعمل في ثانوية البزري في المدينة على تقديم الخدمات للنازحين، فيما أعمل مع الأطفال الذين يختبرون أوضاعاً صعبة بعدما فروا من بلداتهم وتركوا بيوتهم ومدارسهم وشاهدوا وسمعوا القصف". وتشير إلى حاجة الأطفال إلى أماكن آمنة والتعبير عن أنفسهم. لذلك، "ننظم لمدة ساعتين يومياً أنشطة دعم نفسي للأطفال لتفريغ غضبهم جراء الأخبار التي يسمعونها على مدار الساعة". وتوضح أن الأطفال "يعرفون ما يحصل من حولهم. ربما تأذوا بشكل كبير بسبب أصوات القصف التي يسمعونها. بداية، كانوا يخافون عندما يسمعون أصوات سيارات الإسعاف، إذ لم تعد لديهم قدرة على تحمل المزيد".
وتوضح أنه من خلال أنشطة الدعم النفسي "نساعد الأطفال على استرجاع قوتهم والشعور بالأمان". تضيف: "في البداية، لم يرغبوا في القيام بهذه الأنشطة، لكن في وقت لاحق، صار الأطفال يأتون إلينا للتعبير عما في داخلهم من خلال اللعب أو التحدث إلينا".
وتتحدث عن ماهية الأنشطة، موضحة أنها تتضمن الألعاب كلعبة شد الحبل، والرسم على الوجوه، والأنشطة البدنية. وتقول القائدة في الكشاف المسلم والمقيمة في مدينة صيدا، والطالبة في الجامعة اللبنانية الدولية زينب كيوان: "يومياً، نقوم بأنشطة دعم نفسي متنوعة ترفيهية للأطفال في ثانوية البزري في صيدا لنحو ثلاث ساعات. بسبب خبرتي، أساعد في تقديم هذه الأنشطة للأولاد، كما أنني أتقن الرسم على الوجوه، والأطفال يحبون هذا النوع من الأنشطة فيطلبون رسم فراشة أو وردة أو علم لبنان".
تتابع: "من خلال أنشطة الدعم النفسي، نحاول إلهاء الأطفال عن التفكير في الحرب. فحتى مرور سيارات الإسعاف والمسعفين سبب كاف لشعورهم بالخوف. لذلك، نحن نحاول تقديم كل ما في وسعنا للتخفيف عن هؤلاء الأطفال".
إلى ذلك، يقول الطفل النازح من بلدة كوثرية السياد الواقعة في منطقة جبل عامل والتابعة لقضاء صيدا، جنوب لبنان، أحمد فارس (8 سنوات): "هربت مع أهلي وأشقائي الثلاثة عندما بدأت الحرب. خفت من أصوات القذائف وسيارات الإسعاف التي كانت تقل الجرحى. بكيت. هربت مع أهلي حتى لا تصلنا الصواريخ ونتأذى. عندما تركنا بيتنا جئنا إلى هذه المدرسة. رحت أبحث عن أطفال يمكنني أن ألعب معهم، فرفاقي ليسوا هنا". يضيف أن اللعب "يساعدني على نسيان أنني تركت بيتي وألعابي ومدرستي. أشعر بالانزعاج لأنني تركت بيتي، وأتمنى أن نتهي الحرب لأعود إليه وإلى غرفتي وألعابي ومدرستي ورفاقي".
أما الطفل عرفات نصرالله (8 سنوات)، النازح من منطقة برج رحال الواقعة شمال شرق مدينة صور، فيقول إنه "في الصف الثالث ولديه خمسة أشقاء. هربنا من بيتنا بسبب القصف الإسرائيلي إذ شعرنا بالخوف. أخذنا ما نحتاجه من أغراض وهربنا". يضيف: "في المدرسة التي لجأنا إليها للاحتماء من القصف، ألعب حتى أتسلى محاولاً نسيان صوت الصواريخ. عندما أسمع الطائرات، أشعر بالخوف". يضيف: "أنتظر أن تنتهي الحرب لأعود إلى منطقتي وأرى أهلها وألعب مع رفاقي".
كثيرون هم الأطفال الذين تركوا بيوتهم وأحلامهم وألعابهم ورفاقهم، وكانوا ينتظرون بدء العام الدراسي للقائهم.