النزوح يضاعف معاناة عائلة إدريس: حياة على حافة الفقر في سورية

12 نوفمبر 2024
معاناة النازحين في سورية، 12 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعيش عائلة علي إدريس في ظروف قاسية بعد نزوحها من معرة النعمان إلى أطراف إدلب، حيث يعاني رب الأسرة من أمراض تمنعه من العمل، مما يضطر زوجته وابنتيه لجمع المواد البلاستيكية من النفايات.
- قبل النزوح، كانت العائلة تعيش حياة مستقرة، حيث كان علي يعمل في البناء ويربي الأغنام، لكن تدهورت حالته الصحية بعد فقدان المنزل والعمل.
- الابن الأكبر يزن يعاني من نوبات اختلاج ويعمل في ظروف خطرة، بينما الابن الأصغر كفاح يعاني من تقوس العمود الفقري ويجمع البلاستيك.

تواجه عائلة علي إدريس واقعاً قاسياً في ظل الفقر المدقع الذي تعيشه منذ نزوحها من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي قبل خمسة أعوام، إذ يحمل الرجل الخمسيني المصاب بعدة أمراض على كاهله الكثير من المشاق، في خيمته المتهالكة، على أطراف مدينة إدلب شمال غربي سورية.

وفي محاولة يائسة لمواجهة الفقر، تنهمك زوجة إدريس وابنتاه في جمع المواد البلاستيكية من حاويات النفايات في المدينة، بينما يعمل ولداه المصابان بأمراض مزمنة في حال توافر العمل، سعياً لتأمين لقمة الطعام التي تبقيهم على قيد الحياة فقط، حيث تعيش العائلة تحدياً يومياً مستمراً، يعبر عنه رب الأسرة قائلاً لـ"العربي الجديد":"في كل ليلة أتمنى أن لا تشرق الشمس وأنا على قيد الحياة".

الصورة
معاناة النازحين في سورية، 12 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)
علي إدريس يجسد معاناة النازحين في سورية، 12 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

قبل سيطرة قوات النظام السوري على مدينة معرة النعمان مطلع عام 2020، كان إدريس يعيش وعائلته حياة جيدة في منزلهم، يعمل على رافعة مواد البناء، ويربي الأغنام، لكن بعد النزوح خسر كل شيء، منزله، وعمله، وأصيب بانقراص الفقرات، وفقد النظر في إحدى عينيه المصابة بـ"الساد" (إعتام العين)، ما أفقده القدرة على العمل.

يزن، الابن الأكبر في عائلة إدريس، تعرض في طفولته لحادثة سقوط من شجرة الزيتون سبّبت له كسراً في الجمجمة، مع مرور الوقت تعافى، لكنه في كل فترة وأخرى قد يقع في حالة اختلاج تدوم لعدة ساعات. فلا يتوفر له عمل دائم بسبب وضعه الصحي وقلة فرص العمل في المنطقة، لكنه في الفترة الحالية يعمل مرافقاً لصهريج ماء، يزود خزانات الزبائن بالماء على أسطح الأبنية، وهذا ما يشكل خطراً على حياته في حال أصابته نوبة الاختلاج وهو في الطوابق المرتفعة.

الصورة
معاناة النازحين في سورية، 12 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)
خيمة مهترئة لا تقل بؤسا عن ساكنيها، 12 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

أما كفاح، الابن الأصغر، فقد ولد مصاباً بتقوس في العمود الفقري، وقصر في إحدى ساقيه بفارق 7 سنتيمترات عن السليمة، ومع هذا يكافح يومياً طوال النهار، لجمع المواد البلاستيكية أو أي شيء يمكن بيعه من مكبات النفايات، ليوفر ثمن رغيف الخبز للعائلة.

ويومياً تحمل زوجة علي كيساً كبيراً على كتفها، وتتنقل بين حاوية وأخرى في مدينة إدلب لجمع أي شيء يمكن بيعه، يرافقها ابنتاها لمساعدتها والنزول إلى داخل حاوية القمامة، رغم أنهما ما زالا في سن الطفولة، وفي آخر النهار المحطة الأخيرة لهم مركز لشراء ما جمعوه، يحصلون على النقود ويذهبون لشراء طبخة اليوم قبل العودة إلى خيمتهم.

حصلت الزوجة بعد يوم كامل من العمل على مبلغ من المال، اشترت بها علبة زيت وكيلو واحد فقط من الأرز، لتحضير عشاء العائلة، فبعد يوم شاق بين مكبات النفايات تعود إلى خيمة العائلة لتمارس الأعمال المنزلية اليومية.

يقول علي إدريس لـ"العربي الجديد": "لا أستطيع العمل، وأجد صعوبة في المشي أيضاً، والرؤية سيئة للغاية في عينيّ، لدي موعد عملية جراحية بهما بداية العام القادم في إحدى المستشفيات العامة بمدينة إدلب". ويضيف: "أشعر بالأسى والقهر لأن أفراد أسرتي يعملون عملاً غير لائق ويعرضون أنفسهم للخطر من أجل لقمة العيش".

مشاعر الأسى والكآبة تظلل بخيامها على العائلة لافتقادهم منزلهم والحياة الكريمة والأجواء العائلية الجميلة التي كانت تجمعهم مع باقي أفراد الأسرة وأقاربهم في الحي الشمالي لمدينة معرة النعمان.

المساهمون