ووفقاً للمصادر المصرية المطلعة فإن زيارة المملوك، إلى القاهرة، انتهت مساء أول من أمس، بعد لقاءات سرية مع مدير الاستخبارات المصرية اللواء خالد فوزي، وعدد من قيادات جهاز الأمن القومي في الاستخبارات المصرية. ولم تعلن مصر رسمياً عن الزيارة، بينما أعلنت عنها سورية، عبر وكالتها الرسمية "سانا" صباح أمس الإثنين، ووصفتها بـ"زيارة رسمية استغرقت يوماً واحداً بناء على دعوة من مدير الاستخبارات المصرية، وتم الاتفاق بين الجانبين على تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب وتنسيق المواقف السياسية بين البلدين".
وأوضحت المصادر المصرية أن "زيارة المملوك هي أرفع زيارة لمسؤول سوري من نظام بشار الأسد إلى مصر خلال العامين الماضيين، نظراً لحساسية منصب المملوك في نظام الأسد، وأدائه دوراً مهماً في التنسيق مع الاستخبارات والجيش الروسيين". وأشارت إلى أن فوزي والمملوك ناقشا التعاون الاستخباراتي بين البلدين في موضوعات عدة، أبرزها تبادل المعلومات حول تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والمجموعات التابعة له في مصر، ورصد المصريين الذين يتوجهون إلى سورية للمشاركة في الحرب في صفوف التنظيمات الإسلامية.
وذكرت أن الجانبين اتفقا أيضاً على إرسال المصريين الذين يتم القبض عليهم في سورية إلى القاهرة للتحقيق معهم ومحاكمتهم، بالإضافة إلى "مناقشة الدور الذي يمكن أن تؤديه مصر في استضافة حوار بين الأطراف السورية التي تقبل باستمرار نظام الأسد كجزء من خارطة المستقبل السورية، وذلك برعاية روسية، كما حدث على نطاق محدود مطلع العام الماضي". وأشارت إلى أن الطرفين اتفقا على رفع مستوى التنسيق بين نظامي الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي والأسد، انطلاقاً من موقف السيسي المساند لاستمرار الأسد في الحكم أو المشهد السياسي على أقل تقدير، وعدم المساس بمؤسسات الدولة السورية.
وتعليقاً على هذه الزيارة، أكد مصدر دبلوماسي مصري في ديوان وزارة الخارجية أنها "تورط مصر في مزيد من الخلافات مع السعودية، لأنها مؤشر واضح على أن الموقف المصري المتحفظ من إعلان انحيازه في القضية السورية قد تحول علناً إلى انحياز رسمي للموقف الروسي المساند لبقاء بشار الأسد". وأضاف المصدر نفسه أن "الخارجية أحيطت علماً مساء السبت الماضي بأن وفداً سورياً رفيعاً سيزور مصر، لكن المعلومات الكاملة لم تكن متاحة إلا على مستوى مكتب وزير الخارجية، نظراً لحساسية الزيارة"، مشيراً إلى أن "إعلان الجانب السوري عن اللقاء من طرف واحد يكشف أن مصر لم تكن راغبة في إعلانه في هذا التوقيت، وقد يؤدي هذا لتعقيد العلاقات أكثر مع السعودية".
وأوضح المصدر أن "الاتصالات المصرية السعودية التي جرت خلال الأيام الماضية على خلفية قرار وقف الإمدادات البترولية السعودية إلى مصر، شهدت انتقادات سعودية لمشاركة مصر في مناورات حماة الصداقة 2016 التدريبية مع روسيا، التي تجري حالياً بمنطقة الحمام غرب الإسكندرية، واعتبرت هذه المناورات مساندة ضمنية للنشاط العسكري الروسي في سورية، وتأييداً لموقفها المساند لبشار الأسد، وأن ممثلي الخارجية المصرية بذلوا جهوداً حثيثة لتجميل الموقف المصري، وحصر المناورات في ملف التعاون العسكري بين البلدين". وشدد على أن استضافة القاهرة للمملوك "ستزيد الطين بلة"، على حد وصفه. ولم يستبعد أن "تكون بداية لأزمة جديدة بين القاهرة والرياض، لا سيما أن المملوك من الشخصيات غير المرغوبة للسعودية، منذ زيارته إلى جدة في أغسطس/آب 2015 بوساطة روسية، ولقائه آنذاك بالأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، وهو اللقاء الذي لم يسفر عن أي حلحلة في الموقف السعودي من الأسد"، على حد قول المصدر.
يذكر أن الخلافات المكتومة بين السيسي والسعودية، والتي نشرت "العربي الجديد" تفاصيل عديدة عنها خلال الشهور الماضية، تفجرت على الملأ لأول مرة الأسبوع الماضي، بعد أيام من تصويت مصر لصالح مشروعي قرارين متناقضين بشأن الأحداث الدامية في مدينة حلب السورية، أحدهما تبنته فرنسا وإسبانيا وحظي بقبول السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا، والثاني تبنته روسيا وعارضته جميع الدول المذكورة. وعلقت السعودية إمداداتها البترولية المتعاقد عليها لمصر لشهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي. وعزت مصادر سعودية ذلك القرار إلى توجيهات سياسية عليا، ما اضطر مصر للتباحث مع دول أخرى لتوفير احتياجاتها البترولية.