كشفت وكالات عالمية للتصنيف الائتماني، عن إمكانية خفض التصنيف الائتماني للكويت على المديين المتوسط والطويل، ما يعرقل مساعي الحكومة التوجه إلى سوق السندات الدولية قبل نهاية العام الجاري لاقتراض مبالغ ضخمة تساهم في تمويل عجز الميزانية الناتج عن تراجع أسعار النفط.
وحصلت "العربي الجديد" على تقرير خاص أعدته السلطات المالية في الكويت، يتعلق بملاحظات وكالات التصنيف العالمية على الإصلاحات المالية التي تجريها الحكومة.
ونوّه التقرير إلى أن وكالات التصنيف الدولية تؤكد أن التصنيف السيادي الحالي للكويت في طريقه للخفض على المستويين المتوسط وطويل الأمد، مشيرا إلى أن درجة الخفض تزيد كلما فشلت خطط الإصلاح التي تعد الحكومة بتنفيذها.
وبحسب تصريح وكيل وزارة المالية الكويتية، خليفة حمادة، فإن الكويت ستجري مفاوضات مع دول أجنبية لطرح سندات دولية بقيمة 10 مليارات دولار، مطلع سبتمبر/أيلول المقبل، للمساهمة في تغطية عجز الموازنة البالغ 18 مليار دولار.
ومن المعروف أن سهولة تغطية السندات الدولية لأي دولة تعتمد بشكل كبير على أدائها المالي والاقتصادي، ويقل حجم الفائدة على السندات كلما كان مستوى التصنيف الائتماني للدولة عند مستويات جيدة.
وستتم تغطية العجز من خلال إصدار سندات محلية بـ 6.6 مليارات دولار، وإصدار سندات عالمية بـ 9.9 مليارات دولار والبقية تخصم من الاحتياطي العام للدولة.
ويكتسب تقرير السلطات المالية أهمية كونه يختصر نظرة وكالات التصنيف الكبرى إلى وضع الكويت خلال تنفيذها خارطة إجراءات الإصلاح المالي التي أقرتها في مارس/آذار الماضي؛ لمواجهة تداعيات الانخفاض الحاد لأسعار النفط.
ويشير التقرير إلى ضرورة تطبيق تدابير مالية لإبقاء العجز عند مستويات مقبولة بالنسبة إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي، حتى لا تدخل الاحتياطات المتراكمة من سنوات الوفرة المالية في دائرة التآكل السريع.
ويؤكد على ضرورة التمييز بين قوّة المركز المالي للدولة والعجز المتوقع في سنة معيّنة، على اعتبار أن استمرارية العجز المالي للدولة ستؤثر سلباً على المركز المالي.
ويشير إلى أن ضخامة الأصول الخارجية للكويت تبقي تصنيفها السيادي في مأمن على المدى المنظور فقط.
ويرى التقرير أنه لضمان الاستدامة المالية للدولة على المدى البعيد، يجب تقليص المصروفات الجارية غير الضرورية، فضلاً عن ضرورة البدء بخطوات إصلاحية جذريّة في المالية العامة، مثل رفع الدعم عن الوقود وإدخال إصلاحات ضريبية أساسية.
وبخصوص اقتراب إصدار الكويت للسندات العالمية، يقول التقرير إن الإصلاح المالي سيكتسب أهمية مضاعفة بعد أن تدخل الكويت إلى سوق السندات العالمية لتمويل العجز، حيث ستكون الإدارة المالية للكويت تحت أنظار المستثمرين في أسواق رأس المال، وبقدر ما تكون الإدارة جيدة تتمكن الحكومة من تسويق أوراقها المالية بسلاسة أكبر وتكلفة أقل.
يذكر أن وكالة "موديز" العالمية للتصنيف الائتماني، أعلنت مطلع مارس/آذار الماضي وضع التصنيف السيادي للكويت عند AA2 مع نظرة مستقبلية مستقرة تحت المراجعة للنظر في تخفيضه.
وقالت الوكالة إنها ستقوم خلال فترة المراجعة بتقييم مدى تأثير حدوث المزيد من الانخفاض الحاد في أسعار النفط، التي توقعت الوكالة أن تظل عند مستويات منخفضة على مدى عدة سنوات، على الأداء الاقتصادي وميزانية الحكومة في الكويت خلال السنوات المقبلة.
وفي مايو/أيار الماضي، تثبتت "موديز" تقييمها للتصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت والإمارات وقطر، وخفضت تصنيف كل من السعودية والبحرين وسلطنة عمان، مع نظرة مستقبلية سلبية للكويت والإمارات وقطر والبحرين.
وقالت الوكالة في تقييمها، إن تأكيدها للتصنيف السيادي لدولة الكويت عند المرتبة AA2 يعكس ارتفاع الجدارة الائتمانية، ويعكس رؤية الوكالة للتحديات التي تواجهها الدولة في تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي بشكل فعال.
ويقول الخبير الاقتصادي، حجاج بوخضور: "لا خوف مبدئياً من تراجع التصنيف السيادي للكويت رغم استمرار عجز الموازنة، إلا أن ذلك لا يعني التهاون في تنفيذ الإجراءات الإصلاحية للمالية العامة للدولة، خاصة وأن أسعار النفط لم تشهد حتى الآن استقراراً واضحا يعكس توجهها خلال الفترة المقبلة".
وأضاف لـ "العربي الجديد"، أنه لا شك أن ضعف الإصلاح الاقتصادي كان سبباً رئيساً من الأسباب التي جعلت وكالات التصنيف ومنها موديز، تبحث تخفيض التصنيف الائتماني للكويت.