يهدد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بكارثة بيئية وإنسانية بمواصلته التمدد شمالاً واقترابه من أكبر سد في العراق، ورابع أكبر السدود في العالم. كارثة لن تتمكن الحكومة العراقية من معالجتها في المنظور القريب إذا ما فجّر سدّ الموصل.
القضية الأكبر التي تشغل الكثيرين تتجسد في ما بعد التفجير، إذا ما تمكن "داعش" من السيطرة على السد. يقول الخبير في مجال الري والزراعة، هاشم النعيمي، إن "مياه الفيضان ستجرف الأراضي الزراعية والحقول والبساتين، وستؤدي إلى كارثة بيئية من الصعب تجاوزها إذا ما بقيت الحكومة العراقية تنتهج سياسة اللامبالاة أمام التهديدات التي تواجهها البلاد"، بحسب تعبيره.
وأضاف النعيمي لـ"العربي الجديد"، أن مئات الكيلومترات من الأراضي الخصبة والقرى والمناطق الزراعية ومناطق الرعي، وملايين الأشجار المثمرة وملايين الحيوانات، كلها ستموت. أما على الجانب الإنساني فالمناطق التي سيغمرها الفيضان لا بد وأن تشهد حالات وفاة".
واستشهد النعيمي بغرق قضاء أبو غريب قبل أشهر، بسبب فتح جزء من سد الفلوجة. وحذّر من حدوث كارثة بيئية على الرغم من أن المياه لم ترتفع في أغلب المناطق إلى أكثر من متر واحد. ويتابع، "لكنها أدت إلى حدوث وفيات بين السكان بسبب غرقهم، إضافة إلى نفوق الحيوانات وانتشار الأوبئة وتدمير المناطق الزراعية والسكنية"، شارحاً أن "حصول كارثة بيئية لن يقتصر تأثيره على المناطق المنكوبة".
ويلفت النعيمي إلى أن "اختلاط مياه الفيضان بمياه الصرف الصحي والحيوانات الغارقة يهدد بانتشار أوبئة عديدة تهدد حياة الإنسان والثروة الحيوانية والبيئة، حتى في المناطق الناجية من الغرق".
ويُعتبر سد الموصل، الذي شيد في العام 1980 بطاقةٍ استيعابية تبلغ نحو 12 مليار متر مكعب، "أخطر سد في العالم"، بحسب تقرير لفرقة الهندسة في الجيش الأميركي عام 2006. كما أن السد بإمكانه دفع كمية من المياه تبلغ 50 مليون غالون في الثانية باتجاه الموصل، يمكن لها أن تغرق نصف المدينة خلال ساعات ومن ثم محافظة صلاح الدين، كما يمكن أن تغرق بغداد خلال ثلاثة أيام.
أما المحلل السياسي، علي الصميدعي، فيؤكد أن غضباً شعبياً سيتولّد في حال نجح "داعش" في السيطرة على السد، وتنفيذ مخططه الرامي إلى تفجيره. ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه "في حال بقيت القوى العالمية تمارس دور المشاهد ولم توقف تمدد داعش، التي تبيّن أن لها إمكانات استخبارية ولوجستية تمكنها من مواصلة تنفيذ ما تسعى اليه، فإن الكارثة ستتنامى". ويضيف، "سنشهد ارتفاع الغضب الشعبي ضد الحكومة التي لن تتمكن من تسويق المبررات حول هزائم الجيش، كما يحصل منذ بدء انطلاق التنظيم في ممارسة السيطرة على المدن، وتراجع الجيش أمام تقدمه".
ونشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية تقريراً يؤكد أن وعيد تنظيم "داعش" بتفجير سد الموصل يهدّد مدناً عراقية كبيرة، بالغرق، وليس مستبعداً أن تكون من بينها بغداد، بحسب الصحيفة، التي وصفت سيطرة التنظيم على السد بأنه نقطة تحول في الحرب الأهلية المتصاعدة في البلد. ولم تستبعد الصحيفة اللندنية أن يصبح السد ورقة مساومة، إذا ما سيطرت عليه "داعش"، لافتةً إلى أن السيطرة على السد تعطي "داعش" قدرة أكبر على الإطاحة بحكومة نوري المالكي.
وفي تصريح خصّ به صحيفة "الغد" العراقية، أكد النائب عن "ائتلاف دولة القانون"، إحسان العوادي، أن "سدّ الموصل لم يسقط حتى الآن بيد المسلحين، وما زال بيد القوات الكردية التي نتأمل أن تتعاون بجدية لدرء هذا الخطر، وأن تنسّق الأمر مع القوات العراقية". وأكد العوادي أنه في حال تخريب السد "فإن مدينة الموصل ستكون تحت أمتار من المياه وسيصل الطوفان إلى كركوك"، مستبعداً حصول خطر مماثل على بغداد.