في حفلة الجنون المستمرة منذ 10 سنوات في لبنان، لم يتمّ التحريض يوماً على الصحافيين، كما يحصل اليوم. وفي حفلة الجنون المستمرة منذ 10 سنوات في لبنان لم نر انقساما إعلامياً أسوأ من هذا الذي نراه اليوم. ثمّة من يقول إنه تكرار مطابق لما شاهدناه خلال الحرب الأهلية مع اختلاف الأطراف: يومها، اي خلال الحرب كان الانقسام الإعلامي بين اليمين واليسار، أو بين المسيحيين والمسلمين. أما اليوم فالانقسام هو مجرد صورة عن الانقسام في كل المنطقة العربية ومحاورها.
قبل أيام، خرج علينا أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله بتصنيفات واضحة. بعدها بساعات كانت هذه التصنيفات حاضرة، مع اجتهادات عدة على مواقع التواصل: هذا وطني وذاك خائن. هذا مع الإرهاب وذاك مع محاور الممانعة. هذا داعشي، وذاك حريص على وحدة اللبنانيين. كل التصنيفات باتت مسموحة. حتى إن صحافيين اشتهروا خلال مسيرتهم الطويلة بالدفاع عن الحريات دعوا على "تويتر" و"فيسبوك" إلى حسم المعركة "مع الخونة الإرهابيين على الجبهات وأيضاً في الإعلام".
ثمّ أطلت علينا الصورة الشهيرة، وعليها أسماء مجموعة من الصحافيين والمدونين (بعض منهم زملاء لنا في "العربي الجديد") مع دعوات مخيفة لمقاطعتهم تارة، وتارة أخرى لإسكات اصواتهم: هؤلاء هم "شيعة السفارة". هؤلاء لا حق لهم بالكلام، هؤلاء عار على طائفتهم لأنهم خرجوا عن الإجماع، لأنهم كتبوا مقالات ترفض التجييش الطائفي، ترفض إرسال شباب وأطفال بعمر الورد للقتال في معارك خارج حدود الوطن، ولأنهم رفضوا توجيه البندقية إلى سورية وإلى شعبها.
حاول هؤلاء، اي "شيعة السفارة" الردّ... بالكلمة. من دون تهويل، من دون تهديد. قالوا ما عندهم على حساباتهم. منهم من سخر، منهم من تهكّم، وأخيراً أنشأوا صفحة جامعة على "فيسبوك" بعنوان "الساكت عن التهديد..." (شيطان أخرس طبعاً). وجاء في ما يشبه البيان الذي نشرته الإعلامية الزميلة ديانا مقلد على الصفحة: "لن تخيفنا"...خطران يتهددان هذه المنطقة اليوم، ويتهددان خاصة لبنان: خطر تنظيم الدولة الإسلامية (...) وخطر حزب الله. بات لبنان في الأيام الأخيرة يعيش تصعيداً خطيراً في لغة التهديد والترهيب، وهي اللغة التي طالت قسماً وافراً من أصحاب الرأي والناشطين والإعلاميين والمثقفين، خصوصاً منهم المعارضين لسياسات الحزب، وبالأخص بينهم المواطنون الشيعة الذين لا يدينون بالولاء له، ويعبّرون عن آراء نقدية متعددة، ترفض سطوته الثقيلة على الطائفة أو مصادرته لها".
وأضافت: "ولئن خص الامين العام في تهديداته مثقفين ومفكرين وكتاب رأي وصحافيين صدف انهم ينتمون الى طائفته نفسها، فإن سلوكاً كهذا لا يختلف كثيراً، في جوهره واحتمالاته، عما يفعله تنظيم الدولة الإسلامية في الأراضي السورية التي يحتلها. لكنه يتطلب منا بالحد الأدنى رفع الصوت والتعبير عن اعتراضنا على فقدان الحياة السياسية، وإخلاء الدولة لمساحات متروكة للحزب، بما فيها حماية أمن مواطنيها، وهي وظيفة الدولة الأولى".
ربما لن تجد هذه الكلمات طريقها السريع إلى عقول بعض اللبنانيين. لغة العقل لا تغري... وحدها لغة التهديد والوعيد تستحق التصفيق. صدق من قال: المشهد الإعلامي أشبه ما يكون بسنوات الحرب الأهلية.
إقرأ أيضاً: #هيا_إلى_التعبئة_العامة: نصر الله يُهدّد بالجُملة
قبل أيام، خرج علينا أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله بتصنيفات واضحة. بعدها بساعات كانت هذه التصنيفات حاضرة، مع اجتهادات عدة على مواقع التواصل: هذا وطني وذاك خائن. هذا مع الإرهاب وذاك مع محاور الممانعة. هذا داعشي، وذاك حريص على وحدة اللبنانيين. كل التصنيفات باتت مسموحة. حتى إن صحافيين اشتهروا خلال مسيرتهم الطويلة بالدفاع عن الحريات دعوا على "تويتر" و"فيسبوك" إلى حسم المعركة "مع الخونة الإرهابيين على الجبهات وأيضاً في الإعلام".
ثمّ أطلت علينا الصورة الشهيرة، وعليها أسماء مجموعة من الصحافيين والمدونين (بعض منهم زملاء لنا في "العربي الجديد") مع دعوات مخيفة لمقاطعتهم تارة، وتارة أخرى لإسكات اصواتهم: هؤلاء هم "شيعة السفارة". هؤلاء لا حق لهم بالكلام، هؤلاء عار على طائفتهم لأنهم خرجوا عن الإجماع، لأنهم كتبوا مقالات ترفض التجييش الطائفي، ترفض إرسال شباب وأطفال بعمر الورد للقتال في معارك خارج حدود الوطن، ولأنهم رفضوا توجيه البندقية إلى سورية وإلى شعبها.
حاول هؤلاء، اي "شيعة السفارة" الردّ... بالكلمة. من دون تهويل، من دون تهديد. قالوا ما عندهم على حساباتهم. منهم من سخر، منهم من تهكّم، وأخيراً أنشأوا صفحة جامعة على "فيسبوك" بعنوان "الساكت عن التهديد..." (شيطان أخرس طبعاً). وجاء في ما يشبه البيان الذي نشرته الإعلامية الزميلة ديانا مقلد على الصفحة: "لن تخيفنا"...خطران يتهددان هذه المنطقة اليوم، ويتهددان خاصة لبنان: خطر تنظيم الدولة الإسلامية (...) وخطر حزب الله. بات لبنان في الأيام الأخيرة يعيش تصعيداً خطيراً في لغة التهديد والترهيب، وهي اللغة التي طالت قسماً وافراً من أصحاب الرأي والناشطين والإعلاميين والمثقفين، خصوصاً منهم المعارضين لسياسات الحزب، وبالأخص بينهم المواطنون الشيعة الذين لا يدينون بالولاء له، ويعبّرون عن آراء نقدية متعددة، ترفض سطوته الثقيلة على الطائفة أو مصادرته لها".
وأضافت: "ولئن خص الامين العام في تهديداته مثقفين ومفكرين وكتاب رأي وصحافيين صدف انهم ينتمون الى طائفته نفسها، فإن سلوكاً كهذا لا يختلف كثيراً، في جوهره واحتمالاته، عما يفعله تنظيم الدولة الإسلامية في الأراضي السورية التي يحتلها. لكنه يتطلب منا بالحد الأدنى رفع الصوت والتعبير عن اعتراضنا على فقدان الحياة السياسية، وإخلاء الدولة لمساحات متروكة للحزب، بما فيها حماية أمن مواطنيها، وهي وظيفة الدولة الأولى".
ربما لن تجد هذه الكلمات طريقها السريع إلى عقول بعض اللبنانيين. لغة العقل لا تغري... وحدها لغة التهديد والوعيد تستحق التصفيق. صدق من قال: المشهد الإعلامي أشبه ما يكون بسنوات الحرب الأهلية.
إقرأ أيضاً: #هيا_إلى_التعبئة_العامة: نصر الله يُهدّد بالجُملة