تتفاقم من شهر إلى آخر أزمة الأعلاف لدى مربي الماشية في كل المحافظات التونسية. ومع كل أزمة جديدة، يضطر مئات المزارعين والمربين إلى التخلص من قطعانهم بأسعار دون سعر التكلفة في غالبية الأحيان لعدم القدرة على توفير الأعلاف بالأسعار المرتفعة.
وتعد الأزمة الحالية فرصة لصائدي الصفقات والسماسرة، والذين يستغلون هذه الظروف في شراء قطعان الماشية، لا سيما في المناطق الحدودية بأسعار بخسة من قبل المربين.
ويشكو علي المصباحي، والذي يعمل مزارعاً في منطقة جندوبة غرب العاصمة تونس، من ضعف الدعم الحكومي للمربين، مشيراً إلى أن السلطات المحلية والمركزية لا تحرك ساكنا أمام أزمة الأعلاف، وتركت المربين يواجهون مصيرهم بمفردهم، مما أجبر العديد منهم على التفريط في موارد رزقهم تفاديا للخسائر المضاعفة.
وأشار المصباحي في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن الجفاف أثر بشكل كبير هذا العام على توفر المراعي في المحافظات الغربية، مما أدى إلى شح كبير في توفر الأعلاف التي يحتكرها كبار التجار.
وأضاف أن توفير الأعلاف بات صعب المنال، لافتا إلى أن شبكات منظمة تحتكر هذه المواد وتتلاعب بالأسعار رغم تحديدها من قبل وزارة الزراعة، والتي لا تملك أية سلطة على تجار الأعلاف في السوق السوداء.
وتابع أن أطرافا متنفذة تقف وراء محتكري الأعلاف وتجار السوق السوداء، كما أن سماسرة الماشية يتمتعون بالحماية ذاتها، مما جعل المربي الحلقة الأضعف وفق تأكيده.
لا ينفي عمر الباهي، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين المكلف بالإنتاج الفلاحي (منظمة المزارعين)، الواقع الصعب الذي يواجهه قطاع تربية الماشية، قائلا إن "القطاع في حالة تضرر كبير".
ويعتبر الباهي الوضع الراهن سابقة في تونس في إشارة إلى الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الأعلاف.
وأعلنت وزارة الزراعة أخيرا عن إجراءات استثنائية لدعم سعر الشعير العلفي وزيادة الحصة الشهرية لكل محافظة، على أن يستمر هذا الدعم على مدار الأشهر الخمسة المقبلة، مع النظر في إمكانية توريد كميات إضافية من الأعلاف الخشنة لتأمين حاجيات المربين من هذه المادة.
وارتفعت أسعار الأعلاف بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 بنسبة 150 في المائة، رغم المحاولات الحكومية لتوفير هذه المواد عبر زيادة الكميات المستوردة، والتي تصل إلى 80 في المائة من احتياجات السوق. ويقول مربو الماشية إن عمليات توزيع الأعلاف تتم بطريقة غير عادلة.