تونس: القطاع العقاري يستغيث بـ"المركزي" لتيسير القروض

30 مارس 2018
لا انتعاش للعقارات بلا تمويل بشروط ميسّرة (فرانس برس)
+ الخط -
استنجد المطوّرون العقاريون بالبنك المركزي التونسي من أجل استصدار قرار لتمديد فترة سداد أقساط القروض العقارية من 20 إلى 30 سنة، بهدف تنشيط المبيعات وملاءمة قيمة الأقساط مع مستوى الأجور في البلاد.

وتعتمد المصارف التونسية 20 سنة حداً أقصى لسداد أقساط القروض العقارية مع ربط فترة السداد بسن الستين حداً أقصى، ما جعل قيمة الأقساط ترتفع كثيراً، مدفوعة بالارتفاع الصاروخي لأسعار العقارات.

وعلى رغم رغبة عموم التونسيين في تملّك مساكن يصفونها بـ"قبر الحياة" والاستقرار فيها، فقد بات اقتناء المسكن حلما صعب المنال، بسبب ارتفاع أسعار الشقق أكثر من 50% في السنوات السبع الماضية.

وبسبب إدراك غرفة المطورين للمخاطر الحقيقية التي تهدد قطاعهم، قال رئيسها فهمي شعبان، لـ"العربي الجديد"، إن المهنيين تقدموا بحزمة حلول إلى محافظ البنك المركزي مروان العباسي، من أجل دعوة المصارف التجارية إلى تنفيذها، وتتعلق أساساً بتمديد فترة سداد القروض العقارية وخفض حصة التمويل الذاتي من 30% حالياً إلى 10%.

وقال شعبان إن المصارف في جميع دول العالم تخلت عن الشروط المجحفة التي تعتمدها البنوك التونسية في توفير القروض السكنية، مشيراً إلى أن شروط التأجير حالياً لا تسمح لنحو 80% من التونسيين الذين يمثلون الطبقة الوسطى، بسداد أقساط تفوق 700 دينار شهرياً، أي نحو 300 دولار.



وأضاف أن معدل أجور كبار موظفي القطاع الحكومي لا يتجاوز 1800 دينار ( 750 دولاراً)، متسائلاً كيف لموظف أن يتحمل بقية مصاريف المعيشة إذا تخلى عن ثُلثي راتبه لسداد قسط اقتناء شقة سعرها 250 ألف دينار؟

ولفت رئيس الغرفة إلى أن سعر المتر المربع الواحد يراوح حالياً بين 1400 و3500 دينار (583 دولاراً و1450 دولاراً)، بحسب المنطقة، مؤكداً أنه لا يوجد أي مؤشر إلى تراجع أسعار العقارات، ما يستوجب البحث عن حلول لمصلحة المشترين قبل أن يغلق أمامهم أفق امتلاك مساكن نهائياً.

وأوضح شعبان أن تراجع المبيعات في المدة الأخيرة لم يؤثر في الأسعار، بعكس ما ذهب إليه بعض خبراء العقارات، مؤكداً أن ارتفاع أسعار الشقق مردّه زيادة أسعار كل مدخلات البناء، من حديد وإسمنت وأجر ومواد منشئية، بنسبة بين 7% و10% سنوياً، فضلاً عن تأثير المواد المورّدة في تراجع سعر الدينار مقابل اليورو والدولار.

وحول ارتفاع وتيرة اقتناء عقارات عوض ادخار الأموال في البنوك هرباً من تأثيرات التضخم، قال شعبان إن الفئة التي تدخر أموالها عن طريق شراء العقارات لا تمثل إلا 10% من عملاء المطورين، مشيراً إلى أن المهنيين يبحثون مع البنك المركزي عن حلول لكل التونسيين.

وتوقع رئيس غرفة المطورين العقاريين أن يوافق البنك المركزي على مقترحات بتعديل قوانين وإجراءات الإقراض السكني، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي الذي وصفه بـ"المحافظ"، لم يواكب تطورات السوق التي شهدتها تونس في السنوات الأخيرة.

ويموّل التونسيون 30% من سعر المسكن عبر الادخار، حيث يمثل الادخار السكني جزءاً من الثقافة الاقتصادية للأسر التونسية، والتي تعود جذورها إلى سبعينيات القرن الماضي، تاريخ إنشاء الدولة "البنك الحكومي للإسكان"، الذي كان يُسمّى سابقاً "الكنال".

وقد ساهم بنك الإسكان الحكومي لمدة عقود طويلة في تنشيط القطاع العقاري، عبر القروض السكنية الممددة التي يمنحها للتونسيين وتمويل إنشاء العقارات المنجزة من شركات التطوير الحكومية والخاصة، مقابل شبه احتكار لخدمات الادخار السكني.

وتمثل القروض الطويلة المدى المخصصة للسكن نحو 20% من إجمالي القروض المصرفية في تونس، وفق بيانات معهد الاستهلاك الحكومي.

في المقابل، يمثل توفير التمويل الذاتي المقدر بـ30% من قيمة العقار، العقبة الأولى التي تعترض عملاء المطورين، وفق الخبير العقاري، مراد السلامي، الذي أكد لـ"العربي الجديد"، أن مقترح غرفة المطورين العقاريين تخفيض هذه النسبة إلى 10% "يحمل الكثير من الوجاهة".

وأضاف السلامي أن الموظف التونسي مهما ارتفع راتبه، لا يملك القدرة على تأمين 90 ألف دينار (37.5 ألف دولار)، إذا رغب في شراء شقة تتكون من صالون و3 غرف، مشيراً إلى أن معدل أسعار الشقق العصرية يراوح بين 250 و300 ألف دينار (بين 104 و125 ألف دولار).

وأكد الخبير العقاري أن المصارف ستُجبر عاجلاً أم آجلاً، على تغيير شروط تمويل السكن، نظراً إلى أهمية هذا الفرع في تركيبة القروض المصرفية، ولفت إلى أن التعويل على الادخار لتأمين التمويل الذاتي يتراجع سنة بعد أخرى مع استمرار ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم.
وفي يناير/ كانون الثاني 2018، قرّر البنك المركزي التونسي زيادة النسبة الدنيا لتأجير الادخار بـ100 نقطة أساسية (1%) لتبلغ 5% بداية.

وذكر بيان مجلس إدارة البنك المركزي أنه "ينتظر من هذا الإجراء الأخير، الذي سيدفع النسبة الحقيقية لتأجير الادخار نحو مستوى إيجابي، أن يساعد على مزيد من تحفيز سياسة الادخار، وبالتالي أن يدعم تمويل الاستثمارات الداخلية عن طريق الموارد الذاتية".