أثار تطبيق ضريبة جديدة على اقتناء العقارات في تونس، قلقاً كبيراً في صفوف المطورين، الذين طالبوا بأن يجري سريان هذه الضريبة على المشاريع المنفذة من بداية العام الجاري، وليس على ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية.
وبدأ المطورون (المستثمرون) العقاريون مع مطلع يناير/كانون الثاني الجاري في تطبيق ضريبة بنسبة 13% على المبيعات تندرج تحت قائمة ضريبة القيمة المضافة، معتبرين أن فرض الضريبة الجديدة على الرصيد العقاري القديم سيؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات، التي سيتحمل العملاء في النهاية أعباءها.
ويبلغ الرصيد العقاري غير المباع وفق تقديرات الغرفة الوطنية للمطورين العقاريين نحو 300 ألف وحدة، بسبب الارتفاع غير المسبوق في أسعار العقارات في السنوات الأخيرة، وتراجع القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة من المواطنين، والتي مثلت لعقود طويلة عامل استقرار الاقتصاد التونسي بحكم قدرتها على الإنفاق وتحريك الإنتاج في قطاعات مختلفة.
وقال فهمي شعبان رئيس غرفة المطورين العقاريين في حديث لـ"العربي الجديد" إن هناك إشكاليات قانونية في تطبيق ضريبة القيمة المضافة على مبيعات العقارات، مشيرا إلى أن المهنيين (المستثمرين) اتفقوا على جرد الأرصدة العقارية المحدثة قبل دخول العام الجديد، للمطالبة بإعفائها من الضريبة الجديدة باعتبار أن القانون لا يسمح بتطبيق الضرائب بأثر رجعي على عقارات منجزة منذ سنوات.
وأضاف شعبان أن الرصيد العقاري غير المباع يعود في جزء منه إلى عام 2012، معتبرا أن إثقال كاهل العملاء بضرائب لم تكن محتسبة ضمن الكلفة الفعلية للعقارات سيضر بالقطاع الذي يرزح تحت ثقل الديون.
وأكد ضرورة إيجاد مخرج قانوني لحل هذا الإشكالية وإنقاذ العقارات من الركود، مشيرا إلى أن الأسعار شهدت استقراراً العام الماضي، ما يستدعي العمل على تنشيط المبيعات للحفاظ على استمرارية قطاع يوفر مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
وقال رئيس غرفة المطورين العقاريين إن المحافظة على قطاع التطوير العقاري سيساهم في رفع نسبة النمو بنقطة مئوية سنوياً، مؤكدا أن البناء والإنشاء هو المحرك الأساسي لكل اقتصاديات العالم.
ولحلحلة أزمة المبيعات وتداعيات قانون المالية الجديد على أسعار العقارات، دعا رئيس الغرفة إلى فتح باب تمليك الأجانب للعقارات، لافتا إلى أن فرض ضريبة 13% على شراء العقارات سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بنحو 15 ألف دولار في سعر الشقة الواحدة في المتوسط.
وقبيل إقرار قانون المالية الجديد (الموازنة) من قبل البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قدمت الغرفة الوطنية للمطورين العقاريين مقترحات بديلة، تأخذ بعين الاعتبار وضع القطاع والقدرة الشرائية للمواطن، مع ضمان تكريس العدالة الجبائية، وحق الدولة في توفير موارد إضافية، مقابل سحب الفصل المتعلق بالضريبة الجديدة على العقارات غير أن هذه المقترحات لم تجد صداها لدى الحكومة، وفق رئيس الغرفة.
وبحسب بيانات صادرة عن الغرفة، فإن 60% من التونسيين لا يملكون القدرة على امتلاك مساكن، نظرا لتدهور القدرة الشرائية.
وتطاول مخاوف الأزمة العقارية القطاع المصرفي، الذي يعتمد في جزء كبير من أرباحه على القروض العقارية طويلة المدى، والتي تصل نسبة فائدتها إلى 7.5%، بحسب مسؤول مصرفي.
وقال المسؤول المصرفي لـ"العربي الجديد"، إن البنوك لا تموّل فقط مشاريع السكن، بل كل الأنشطة الصناعية ذات العلاقة بقطاع البناء، مؤكدا أن ركود العقارات يعني دخول حلقة إنتاج كاملة في طور السبات وانحسار سوق العمل.
وتستحوذ تجارة الشقق السكنية على نحو 700 مليون دولار من معاملات القطاع العقاري، خاصة في منطقة تونس الكبرى (محافظات تونس ومنوبة وبن عروس وأريانة) والمناطق الشرقية ومدينة صفاقس (غرب).
ويقدر وسطاء عقاريون نسبة الارتفاع في أسعار العقارات بنحو 20% سنويا، بسبب زيادة أسعار المواد الأولية المستوردة وتراجع سعر صرف الدينار التونسي وقلة الأراضي الصالحة للبناء.
ودعا نور الدين شيحة، كاتب (أمين) عام الجمعية المهنية للبعث (الاستثمار) العقاري والبناء، الحكومة لمراجعة إخضاع السكن لضريبة القيمة المضافة، لما له من تأثير مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين.
وقال شيحة لـ"العربي الجديد" إن إعفاء المساكن الاجتماعية والاقتصادية لذوي الدخل المحدود من الضريبة الجديدة غير كاف لتنمية مبيعات القطاع، لافتا إلى أن هذه الفئة من المساكن لا تسمح بهامش ربح كبير للمطورين العقاريين، ما يجعلهم يجنحون نحو إنشاء أصناف أخرى من المباني التي تستجيب لشروط فرض الضرائب، ويؤدي إلى مراكمة الرصيد العقاري غير المباع.