شهدت تونس، في نهاية الأسبوع الماضي، لقاءً ليبياً غير مسبوق، أحاطه القيمون عليه بالغموض، جمع ممثلين عن القبائل والمدن الليبية المختلفة، من شرق البلاد وغربها، بهدف تحقيق "مصالحة شعبية" يمكن أن تساعد جهود المصالحة السياسية الجارية في أكثر من عاصمة.
اقرأ أيضاً (تونس تستعد لدخول "الحوار الليبي" بغطاء أميركي ــ بريطاني)
وعُقد هذا اللقاء تحت عنوان "مخرجات الحوار المجتمعي الليبي في لقاء تونس"، وجمع عدداً من مشايخ وأعيان ليبيا ممثلين عن مصراته وطرابلس وبنغازي وأجدابيا والبيضاء والمرج وسلوق والقبة والتميمي وشحات وبرقة وابرق، بما يعكس تمثيلاً لغرب وشرق ليبيا على حدّ سواء.
اقرأ أيضاً (تونس تستعد لدخول "الحوار الليبي" بغطاء أميركي ــ بريطاني)
وعُقد هذا اللقاء تحت عنوان "مخرجات الحوار المجتمعي الليبي في لقاء تونس"، وجمع عدداً من مشايخ وأعيان ليبيا ممثلين عن مصراته وطرابلس وبنغازي وأجدابيا والبيضاء والمرج وسلوق والقبة والتميمي وشحات وبرقة وابرق، بما يعكس تمثيلاً لغرب وشرق ليبيا على حدّ سواء.
انتهى اللقاء الذي دام لفترة طويلة، وكان صعباً بشهادة المشاركين، الى بيان ختامي نص على التأكيد على وحدة التراب الليبي وسيادته، ودعم الحوار الوطني القائم تحت إشراف الأمم المتحدة ودعم المؤسستين الأمنية والعسكرية والالتزام بمبادئ ثورة السابع عشر من فبراير 2011 وبناء دولة ديمقراطية تضمن التداول السلمي على السلطة، والدعوة إلى حقن دماء الليبيين من دون المهادنة مع الاٍرهاب، والعمل على مناهضة كل أشكاله وعدم دعمه من قبل أي طرف، والسعي إلى عودة الليبيين المهاجرين من الخارج والنازحين في الداخل ووضع آلية قابلة للتنفيذ لإخلاء جميع المدن الليبية بما فيها العاصمة من المظاهر المسلّحة وتغليب مبدأ التسامح والعفو والمصالحة بين القبائل والمناطق والمدن.
كما تم الاتفاق على ضرورة المحافظة على ثروات ليبيا وعدم تعريضها للخطر، والدعوة لتسليم جميع السجون والمعتقلات إلى السلطات، وتوجيه وسائل الاعلام لدعم السلم الاجتماعي والابتعاد عن بث روح الكراهية والفتنة بين الليبيين. وقرر المجتمعون متابعة تنفيذ مخرجات هذا الحوار من خلال لجنة تحضيرية جرى تشكيلها لهذا الغرض مع التأكيد على ضرورة مواصلة الحوار والتواصل مستقبلاً بين جميع الليبيين.
وجاء اللقاء، بحسب ما أكد مشاركون فيه لـ"العربي الجديد"، "نتيجة لدعوة أطلقها الدكتور محمد عبد الله بوكر، وهو ينحدر من مصراته ومن سكّان بنغازي، لكنه يقيم حالياً في تونس، ويتولى حالياً رئاسة مؤسسة الأحوال المدنية في ليبيا، وهو من المدافعين بشدة عن ترتيب البيت الداخلي الليبي، وذلك عبر إجراء مصالحة وطنية حقيقية تبدأ بإصدار عفو عام للمهجرين خارج البلاد دون أن يشمل هذا العفو من تلطخت أيديهم بالدماء. ويرتكز برنامج التوافق على المصالحة مع القبائل العريقة كقبيلة ورفلّة ترهونة وورشفانة وغيرها".
بدوره، أكد رئيس جلسات الحوار، كمال حُذيفة الهوني، لـ"العربي الجديد" أن "هذا الاجتماع جرى الترتيب له منذ مدة طويلة"، وأن "محاولات سابقة منٰيت بالفشل"، معتبراً أن "مجرد اجتماع هذه الأسماء والجهات يُعتبر في حد ذاته نجاحاً مهماً على خطى المصالحة"، مشدّداً على أن "المجتمعين في المغرب والجزائر كانوا على اتصال باجتماع تونس وباركوا نتائجه".
وأكد الهوني أن محمد بوكر هو صاحب فكرة اللقاء وراعيها مادياً أيضاً، مشيراً إلى أهمية دور تونس الحيادي من الأطراف المتنازعة في ليبيا. وقال أحد المشاركين في الاجتماع من مدينة مصراته، مفتاح عمر أخلف، لـ"العربي الجديد" إن "هدف الاجتماع هو لمّ شمل الليبيين وإجراء مصالحة وطنية، لأن الشعب الليبي راغب في الحوار"، وإن "المشاركين هم ممثلون لمجالس شورى المدن"، مؤكداً أن "كل ما يفرزه الحوار السياسي سيتم الالتزام به"، مقرّاً في الوقت نفسه أن "هذا اللقاء بين الليبيين تأخر كثيراً". وأشار مفتاح الى لقاء جرى مع رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الليبي، خليفة الغويل، الذي تزامن لقاؤه بالرئيس التونسي الباجي القائد السبسي مع انعقاد الاجتماع التصالحي.
بدوره، قال سلطان محمد سلطان من مدينة أجدابيا لـ"العربي الجديد" إن "الحوار كان جيداً لأنه هدف الى وقف سفك الدماء في ليبيا وتحقيق المصالحة الوطنية والعمل على المحافظة على وحدة التراب الليبي"، مؤكداً أنّ "هذا اللقاء شعبي مجتمعي ولا يعبّر عن أحزاب أو مؤسسات سياسية، لكنه في المقابل يلتزم بنتائج الحوار السياسي". وأضاف أن الوفد المصاحب له يمثل قبائل الجهة الشرقية، لافتاً الى أن وفده لم يشارك في اللقاء مع رئيس حكومة الإنقاذ.
واعتبر سلطان أن على كل جهة أن تقدم تنازلات للطرف الآخر لإجراء المصالحة، مشيراً إلى حصول تقارب بين الجهات المختلفة خلال الاجتماع، مؤكداً أن الجهة الشرقية دائماً مع الصلح ومع ما يحفظ دماء الليبيين. كما أكّد ناصر محمد الكريوي من طرابلس أن قبائل المنطقتين الشرقية والغربية التزموا بعد العودة الى ليبيا بالتوجه الى القواعد الشعبية والى عموم الليبيين لإقناعهم بـ"المصالحة الشاملة" التي لا تشكل عائقاً في الواقع، ولكن الاعلام هو الذي صورها وكأنها عملية مستحيلة. وقال إن اجتماعات أخرى ستتلو اجتماع تونس ولكن يمكن أن تجري قريباً في إحدى المدن الليبية.
من جهته، اعتبر عبد الفتاح يوسف يحيى أن اللقاء كان جيداً على الرغم من صعوبته، مشيراً إلى أنه كان نتيجة لاتفاقات سابقة بين قبائل الجهة الشرقية في برقة، التي دعت في اجتماعاتها في مدينة البيضاء التي جمعت أعيان ومشايخ القبائل، الى ضرورة التوجه الى إخوانهم في الجهة الغربية بغرض عقد لقاء مصالحة. وأوضح أن "تطبيق الاتفاق على الواقع سيتم في المستقبل القريب من خلال فرض المصالحة على نظرائهم في مختلف القبائل ونبذ كل فرد لا يدخل تحت المصالحة الشعبية"، مشدّداً على ضرورة تفادي الانتقام الشخصي واللجوء الى الدولة لحلّ جميع الخلافات.
اقرأ أيضاً (قيادي بـ"فجر ليبيا" يهدّد بإغلاق الحدود مع تونس)