تخطط الحكومة التونسية لتخفيض جديد في أسعار جميع أصناف المحروقات مع بداية شهر يوليو/تموز المقبل، وفق ما أكده مدير عام الطاقة بوزارة الطاقة والمناجم رضا بوزوادة، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "وات" قبل أيام.
ويعد التعديل المقرر إجراؤه، الثاني من نوعه منذ بداية العام الجاري، حيث سبق أن أجرت الحكومة تعديلاً طفيفاً على الأسعار في يناير/كانون الثاني، غير أن رضا التونسيين كان منعدماً، تقريباً، على هذا التخفيض الذي لم يتجاوز 20 سنتاً أميركياً، في اللتر الواحد.
وقال المسؤول بوزارة الطاقة، إن التعديل سيكون في اتجاه التخفيض على أساس أن الأسعار العالمية الحالية منخفضة، إذ يبلغ المعدل العام 33 دولاراً للبرميل، وهو أقل من السعر المرجعي الذي تم اعتماده عند إعداد ميزانية الدولة لسنة 2016 والبالغ 55 دولاراً للبرميل.
وأكد المصدر ذاته، أن كل الدراسات تدل أنه في السنوات القادمة لن ينزل معدل السعر العالمي لبرميل النفط تحت مستوى 35 دولاراً ولن يتجاوز 70 دولاراً.
ووعدت الحكومة إبان مناقشة قانون المالية في ديسمبر/كانون الأول 2015، باعتماد آلية التعديل الآلي لأسعار المحروقات تماشياً مع أسعار النفط في السوق العالمية، على أن يتم تفعيل هذه الآلية كل ثلاثة أشهر في اتجاه الخفض أو الرفع عملاً بتوصيات صندوق النقد الدولي.
ودعا صندوق النقد الدولي، الحكومة التونسية إلى اعتماد صيغة جديدة للتسعير التلقائي للوقود تسمح بالتجزئة تماشياً مع أسعار البترول في السوق العالمية، معتبراً أن أسعار المحروقات تتجاوز في الوقت الحالي المستويات الدولية بالنسبة لبعض المنتجات.
وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى تونس، أمين ماتي، في يونيو/حزيران الماضي: "يوجد أمام تونس هامش يمكنها من تخفيض أسعار المحروقات في السوق المحلية في ظل تراجع أسعار هذه المواد عالمياً".
وأعلن البنك المركزي التونسي، في مذكرته الصادرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن تأثيرات انخفاض أسعار البترول الخام ستكون محدودة على مستوى الاقتصاد الوطني، وتحديداً، نسب النمو.
وتفسر السلطة النقدية التونسية، محدودية تداعيات تراجع سعر البترول، باعتبار ارتفاع الكميات الموردة والهبوط الحاد لقيمة الدينار أساساً بالمقارنة مع الدولار.
ودعت منظمتا الصناعة والتجارة والمزارعين منذ 2014، الحكومة إلى خفض أسعار المحروقات ومساعدة القطاعات المنتجة على زيادة مساهمتها في الاقتصاد المحلي، عبر خفض كلفة أحد أهم مدخلات الإنتاج (المحروقات)، غير أن الحكومة ظلت تماطل في قرار الخفض، مستفيدة من فارق السعر الذي تم إقراره في الموازنة وأسعار السوق العالمية التي تتراوح بين 35 و40 دولاراً للبرميل.
وذكر مسؤول بوزارة المالية في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن لجنة مشتركة بين الوزارات الاقتصادية تعمل حالياً على أدوات التعديل الآلي، على أن تكون التفاصيل الفنية للمنظومة الجديدة جاهزة نهاية شهر مايو/أيار المقبل، لافتاً إلى أن التخفيض سيكون في حدود 50 مليماً للتر الواحد (الدينار التونسي ألف مليم)، في البنزين والسولار.
كما تدرس وزارة المالية إمكانية إحداث صندوق لتمويل الفارق في أسعار المحروقات، ستتأتى موارده من توظيف 5% على كل لتر من المحروقات، بما يمكن من تعبئة موارد مالية بقيمة 120 مليون دينار، أي ما يعادل 60 مليون دولار، إلى حدود شهر يوليو/تموز القادم، ستخصص لتعديل أسعار المحروقات في حال ارتفاعها.
ودعت منظمة الدفاع عن المستهلك (منظمة غير حكومية)، منذ يوليو/تموز الماضي، الحكومة إلى "التخفيض في سعر بيع المحروقات في السوق المحلية بقيمة 100 مليم في اللتر، (نحو 0.05 دولار)، معتبرة أنه من الظلم أن يواصل المستهلك تحمّل ضغوطات أسعار المحروقات في الوقت الذي تستفيد فيه ميزانية الدولة من تراجع الأسعار العالمية.
وقال الخبير الاقتصادي، رجب اللومي، إن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية يمكّن تونس من تحقيق أرباح في موازنتها العامة، لافتاً إلى أن تواصل هذا الانخفاض يمثل أرضية إيجابية للحكومة التونسية للمضي في إنجاز الاستثمارات العمومية، الخاصة بالبنية التحتية وفق تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد".
وتوفر الأرباح المحققة من تراجع سعر البترول عالمياً، وفق اللومي، فرصة للحكومة للتعامل مع عدة ملفات ملتهبة، أهمها تقليص العجز في الموازنة العامة وتقليص العجز في الميزان التجاري، زيادة على مجابهة المطالب الاجتماعية الملحة.
وبلغ حجم الأرباح التي حققتها تونس العام الماضي، بفضل انخفاض أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية من 90 دولاراً التي تم اعتمادها عند إعداد الموازنة العامة إلى نحو 60 دولاراً في المتوسط، نحو 1.2 مليار دينار تونسي (600 مليون دولار).
وحسب وزير المالية، سليم شاكر، فقد تم توجيه جزء من الأرباح المحققة الى مساعدة العائلات الفقيرة، بقيمة 100 مليون دينار، وتقديم مساعدات إضافية للطلبة بقيمة 100 مليون دينار في السنة الجامعية الجديدة.
(الدولار الأميركي يساوي نحو دينارين تونسيين).