أثار الفيديو الذي تمّ ترويجه من قبل كتيبة "عقبة بن نافع"، وهي مجموعة مسلّحة متشددة ومتحصّنة في جبال الشعانبي التونسية، جدلاً واسعاً. فقد أعلنت هذه المجموعة ولاءها لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ودعت المجموعة في التسجيل، الذي ظهر فيه أحد مقاتليها، ويبدو جزائري اللهجة، إلى "الانتقام من رجال الأمن والجيش التونسيين والمنافقين والمتعاونين معهم".
أثار الفيديو جدلاً في الساحة التونسيّة أيضاً، لجهة عرضه من عدمه. وذهب بعضهم إلى ضرورة عرضه كاملاً ليطّلع الجمهور عليه من دون وصاية، وبين من يرفض ذلك تحت شعار "لا حياد مع الإرهاب"، وهو الموقف الذي تبنّته النقابة الوطنيّة للصحافيين التونسيين والهيئة المستقلّة للاتصال السمعي والبصري.
أما وزارة الداخلية التونسية، فقد حذّرت على لسان الناطق باسمها محمد علي العروي، من بثّ مثل هذه الفيديوهات، لأنها "تخدم مصلحة المجموعات المتطرفة، وترسل رسائل سلبية للمواطنين التونسيين وتحاول إرباك قوات الأمن والجيش".
وذهب العروي إلى حدّ وصف هذا الشريط بالفرقعة الإعلامية التي وجب على وسائل الإعلام الحذر منها، وهو موقف شاركته فيه أغلب وسائل الإعلام التونسية التي تحدثت عن فحوى هذا التسجيل دون بثه اقتناعاً منها.
كما قال، حمزة البلومي، مقدم البرنامج، إن "الحياد مع الإرهاب يشكّل فى حدّ ذاته جريمة فى حق تونس لا تغتفر".
وكانت الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري، حريصةً من جهتها على عدم بث مثل هذه التسجيلات أو حتى شهادات قدمت من قبل منتمين للجماعات المتشددة دينياً، والتي من شأنها أن تثير البلبة والهلع في صفوف المواطنين والشارع التونسي الذي يستعدّ لموعدين انتخابيين على درجة من الأهمية.
واتساقاً مع هذا التوجه، بادرت الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري إلى لفت نظر إذاعة موزاييك بعد حلقة "ميدي شو" ليوم الثلاثاء 23 أيلول /سبتمبر 2014 بسبب بث مقدم البرنامج، بوبكر عكاشة، مقتطفاً لتونسيٍّ ينتمي إلى تنظيم داعش تضمن دعوة إلى القتل.
وأكّدت الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري أنّ مثل هذه الرسائل تمثّل مساساً بضوابط ممارسة حرية الاتصال السمعي والبصري، وهو ما يستوجب تنبيه الإذاعة إلى مثل هذه التصرّفات.
هذا الجدل حول حدود حرية الإعلام وضرورة المحافظة على المصلحة الوطنية، قد يزداد حدّة خاصة وأن التنظيمات الإرهابية تعمل على اختراق جدار الصمت المضروب عليها من قبل بعض وسائل الإعلام المحلية، وذلك من خلال تنشيط الشبكات الاجتماعية وخاصة صفحات الفايسبوك التي تعمل السلطات التونسية على مراقبتها والحدّ من خطورتها.