يثير موقف حركة "النهضة التونسيّة"، التي استبقت الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة التونسيّة، بدعوة ناخبيها ومناصريها إلى ما سُمّي بـ"الحياد الإيجابي"، الكثير من التساؤلات والتفسيرات. وفي حين يرى البعض في موقف "النهضة"، دعماً غير مباشر للرئيس التونسي الحالي المنصف المرزوقي، يعتبر آخرون أنّه "يعكس حسابات سياسيّة ضيّقة، تستشرف تحالفات المرحلة المقبلة مع حركة "نداء تونس"، وتترك بالتالي الباب مفتوحاً في هذا الاتجاه.
ويجمع المتابعون للانتخابات الرئاسيّة التونسيّة، بمن فيهم قيادات في حركة النهضة، على أنّ عدداً كبيراً من قواعدها الشعبيّة، انضمّ إلى حملة المرزوقي الانتخابيّة، وعمل على دعمه في الدورة الأولى من الانتخابات، قبل يومين.
ويأتي التصريح الأخير للأمين العام لحركة النهضة، وعضو مجلس نواب الشعب، الذي يرجّح أن يكون رئيس كتلتها البرلمانيّة، علي العريض، ليزيد من غموض موقف الحركة الرئاسي، بعد إشارته، خلال الإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسيّة، إلى أنّ "الحركة لن تتردّد في تعديل أو تغيير موقفها من الانتخابات الرئاسيّة، في حال اللجوء إلى دورة ثانية في هذه الانتخابات".
وفي موازاة إشارته، وفق تصريحات نقلتها عنه وكالة "تونس إفريقيا للأنباء"، إلى أنّ "اللجوء إلى دورة ثانية من الانتخابات الرئاسيّة أمر وارد جداً"، قبل بدء ظهور النتائج، لم ينكر العريض أن حركة النهضة ستلجأ إلى "درس نتائج الدورة الأولى، وستعود إلى مؤسّساتها لاتخاذ القرار النهائي"، بشأن المرشّح الذي ستدعمه.
من جهته، يشدّد المتحدّث الرسمي باسم حركة النهضة، زياد العذاري، لـ"العربي الجديد"، على أنّ "النهضة لم تتخذ بعدُ موقفاً واضحاً لناحية دعم مرشح للرئاسة"، مؤكّداً أنّ "مجلس الشورى سيّد نفسه، ويمكنه إذا رأى ضرورة في ذلك، أن يتّخذ الموقف الذي يراه ملائماً، بما في ذلك تعديل موقفه من الانتخابات الرئاسيّة في الدورة الثانية"، في إشارة إلى إمكانية الخروج من حالة الحياد الإيجابي.
وفي الإطار ذاته، يندرج تصريح رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، الذي لم يتأخر أمس الاثنين، في التأكيد على أنّ "مجلس شورى الحركة، سينعقد قريباً للنظر في مسألة مساندة مرشح في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسيّة، وتعديل موقفه الأول الذي التزم بموجبه الحياد".
وفي حين ترى مصادر مواكبة أن تصريح الغنوشي هو بمثابة توجيه قيادات النهضة للاصطفاف وراء قواعدها والإعلان صراحة عن دعم ترشّح المرزوقي، يصرّ مدير حملة الأخير، عدنان منصر، لـ"العربي الجديد" على أنّ "هذا التصريح يحتمل كلّ التأويلات، ويمكن أن يعني حياداً فعلياً وكاملاً للحركة، وليس بالضرورة أن يعني إعلاناً عن دعمها المباشر لمرشّح بعينه".
يذكر أن "حركة النهضة" كانت تركت لقواعدها حريّة الاختيار بين المرشحين للدورة الرئاسيّة الأولى، باعتبار أنّها لم ترشح أحداً للانتخابات الرئاسيّة من صفوفها. واستمرت مشاوراتها لأشهر عدّة قبل تحديد موقفها النهائي من الرئاسيات، لتنتهي بقرار مجلس شورى الحركة ترك الحريّة للقواعد الشعبيّة. ورأت بعض قيادات الحركة في ذلك موقفاً سلبياً، إذ اعتبرت النائب السابق في المجلس التأسيسي، كلثوم بدر الدين، أنّه كان من الأجدر على الحركة أن تتخذ موقفاً واضحاً وتدعم مرشحاً بعينه للانتخابات الرئاسيّة. ونفت "النهضة" وحركة "نداء تونس" الأنباء عن لقاء جمع الغنوشي والمرشّح الباجي قايد السبسي، للتنسيق بشأن الرئاسيات وتقاسم الحصص الحكوميّة.