ويعتبر خبراء الاقتصاد أن الانتخابات البلدية في حد ذاتها حدث اقتصادي مهم، بفعل الحركية التي يخلقها هذا الاستحقاق السياسي، ومساهمته في خلق فرص عمل موسمية وقطاعات الطباعة والنشر والنقل، وغيرها من القطاعات التي تنشط بهذه المناسبة.
وتتفق أغلب الأحزاب المتقدمة للانتخابات وحتى القوائم المستقلة من خلال برامجها الانتخابية على أن المحليات تحتاج إلى إعادة تهيئة للبنى التحتية للطرقات والمناطق الصناعية والحرفية بعد مدة إهمال طويلة، إلى جانب تطوير الخدمات الإدارية التي تسديها المصالح البلدية، ودفع المواطنين إلى تسديد الجباية المستوجبة على البنايات ومختلف الأنشطة التجارية داخل المناطق البلدية بهدف تحسين الإيرادات .
كما تطرح بعض الأحزاب ضمن برامجها مقترحات لتنمية مشاريع تدوير الفضلات البلاستيكية في إطار المحافظة على البيئة وخلق فرص العمل إلى جانب تحسين ظروف معيشة المواطنين في المناطق الريفية عبر الربط الطرقي للمسالك الزراعية وتوفير مياه الشراب والري وتنظيم الأسواق والعمل التجاري داخل هذه المناطق.
ويقول الخبير الاقتصادي بلحسن الزمني، إن المحليات مرت في السنوات الماضية بفترات ركود طويلة نتيجة الوضع الانتقالي الذي مرت به البلاد، وعدم قدرة النيابات الخصوصية التي ترأست وقتيا المحليات على اتخاذ قرارات أو تنفيذ مشاريع مهمة، رغم رصد الدولة للاعتمادات الضرورية معتبرا أن المرور من الوضع الانتقالي إلى مجالس بلدية منتخبة سيمكن من تسريع تنفيذ المشاريع المبرمجة والحد من الفساد الذي ينخر هذه الهياكل.
وفي حديث لـ"العربي الجديد" أكد الخبير الاقتصادي أن فترة النيابات الخصوصية التي تولت تسيير شؤون المجالس المحلية بصفة مؤقتة عرفت تجاوزات مالية كبيرة نتيجة ضعف القدرة على التسيير واستشراء الفساد الإداري مؤكدا على أن القانون الجديد للحكم المحلي الذي أقره البرلمان مؤخرا سيمكن البلديات المنتخبة من الآليات المادية والقانونية لحوكمة الإنفاق وتنفيذ المشاريع.
وأضاف المتحدث في السياق ذاته، أن تنفيذ أي مشروع محلي مهما كان حجمه يعني خلق فرص عمل وتحسين البنى التحتية، مؤكدا أن تحسين بنى الطرقات والخدمات الإدارية من الشروط الجالبة للاستثمارات الداخلية والخارجية، مؤكدا ضرورة التزام الأحزاب والقائمات التي ستفوز بالانتخابات بوعودها في تحسين الوضع في المناطق الداخلية بحسب قوله.
وتمثل ميزانية البلديات حاليا نحو 4% من الموازنة العامة للدولة فيما تطالب أحزاب سياسية برفع هذه النسبة إلى 10% حتى تتمكن البلديات من تنفيذ الحكم المحلي وتوفير الموارد المادية اللازمة لتنفيذ برامجها.
وأعلن وزير الشؤون المحلية والبيئة، رياض المؤخر، أن الحكومة تريد زيادة ما تخصصه موازنة الدولة للبلديات، من 4% الى ما بين "10 الى 15%" خلال السنوات القليلة المقبلة.
وقال الوزير المؤخر في مؤتمر صحافي "استراتيجيتنا هي الترفيع مستقبلا في ميزانية البلديات لنصل إلى 10 أو حتى 15% على امتداد عدة سنوات، لأن مفاتيح نجاح اللامركزية يتطلب ميزانية هامة".
وتخصص الحكومة التونسية حاليا نسبة 4% من موازنة الدولة للبلديات و"هذا غير كاف مقارنة بما هو موجود في دول البحر الأبيض المتوسط"، حسب الوزير المؤخر.
وأضاف أن "القانون الجديد يتضمن نقاطا تتعلق بقواعد التصرف المالي من بينها ألا تتجاوز كتلة الأجور 50 في المائة من مصاريف المجلس البلدي" وهو قرار وصفه الوزير بـ"الثوري".
وصادق البرلمان التونسي الأسبوع المنقضي على القانون الأساسي الذي ينظم عمل المجالس البلدية بأغلبية 147 نائباً وتحفظ عشرة، ولم يرفضه أي نائب (217 نائبا) خلال جلسة عامة.