في مثل هذا اليوم من كل سنة، من الصعب أن نعدّد كل الفعاليات الثقافية والاجتماعية التي تشهدها تونس. إنه "اليوم الوطني للمرأة" الذي يوافق هذا العام ستّينية إطلاق "مجلّة الأحوال الشخصية"، وهي مجموعة القوانين المنظّمة للعلاقات في الأسرة، وجرى فيها إلغاء تعدّد الزوجات وتقنين الطلاق، وقد أُطلقت بعد أشهر قليلة من الاستقلال، وقبل اعتماد النظام الجمهوري في تونس.
يتقاطع تاريخ 13 آب/ أغسطس من كل سنة مع معظم المهرجانات الصيفية الكبرى، لذا فهي تخصّص هذا اليوم لنشاط متعلّق به. فمثلاً، يقدّم "مهرجان الحمامات الدولي"، الليلة، المسرحية التاريخية "حراير تونس" لـ محمد رجاء فرحات، علماً أن المخرج نفسه يُجسّد، يوم الأربعاء القبل، شخصية الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة في مسرح مدينة سوسة في مسرحية بعنوان "بورقيبة والنساء" هي إحدى صياغات مسرحيته حول أوّل رؤساء بلاده.
كما يقترح فضاء "كارمن" في تونس العاصمة تظاهرة بعنوان "هي" تُقام فيها، إضافة إلى معرض للفنون التشكيلية، أمسية شعرية باللغتين العربية والفرنسية. وكان معرض فوتوغرافي جماعي بعنوان "تونسية ديما لقدام" (تونسية دائماً إلى الأمام) انطلق أمس في "المكتبة المعلوماتية" في مدينة أريانة.
المناسباتية هي الصفة التي تطغى على معظم الفعاليات اليوم، وهي جميعها، الرسمية منها أو التي لم تكن كذلك، تنسجم مع إحدى خيارات الدولة التونسية الاتصالية، فحديث "حقوق المرأة" قد أخذ حيّزاً مهمّاً من الخطاب الرسمي، خصوصاً مع الرئيس بورقيبة، قبل أن يعتبر خلفه زين العابدين بن علي بعده أنه أحد ثوابت هذا الخطاب.
لكن الملاحظ، هنا، هو ما يقابل هذا التضخّم الاحتفالي من إشارات عن وضع المرأة التونسية والذي لا يمكن أن تحميه النصوص وحدها بل قبل ذلك العقليات الاجتماعية، إذ أن النص القانوني (المثالي بالنسبة للبعض) لم يترتّب عنه وضع مثالي للمرأة.
هذا التباين، أشار إليه اليوم المدوّن التونسي، شريف القاضي، بشكل ساخر حين كتب "عيد مرأة سعيد لكل تونسية توفّيت وهي تضع مولودها في مستشفيات ما يسمى مناطق داخلية، لكل حفيدة من حفيدات الكاهنة زرعوا لها لوالب قلبية منتهية الصلوحية، ولكل عاملة فلاحة تعود إلى بيتها في شاحنة انقلبت بها"، في إشارة إلى قضايا رأي عام شغلت المجتمع في الآونة الأخيرة.
كل ذلك يجعل من "عيد المرأة" في تونس مجرّد مناسبةً احتفاليةً وفرصةً لاجتراح الشعارات، كما هو الشأن بالنسبة إلى أعياد أخرى، كعيد الطفولة وعيد الشباب وعيد الشجرة.
* كلام الصورة: بمناسبة عيد المرأة، سيحمل الحمار الحطب بدلاً عنك