ـ متى يأتون؟
ـ عندما يزهر الملح.
ـ حسناً، هو سيزهر عمّا قريب، فهل سيأتون؟
ـ لست واثقاً.
ـ لمَ إذن تعذّبني؟
ـ أنا أعذبك؟
ـ أجل، ألم تقل عندما يزهر الملح؟
ـ قلت.
ـ ألم تقل، حين أخبرتك عن قرب إزهاره، إنك لست واثقاً من مجيئهم؟
ـ في الحقيقة لست واثقاً.
ـ أنت ربطت الإزهار بمجيئهم، فكيف تناقض نفسك؟
ـ أنا؟
ـ لا، ظلّك على الحصى!
ـ اعذرني، لست كما يجب.
ـ ومتى كنتَ كما يجب؟
ـ أنا؟
ـ بل هو شبحك، ولست أنت.
ـ شبحي؟ عما تتكلم يا ذا المنطق.
ـ عنك!
ـ وهل تؤمن بالأشباح؟
ـ هي طريقة في السخرية فحسب.
ـ إذن فأنت تسخر مني؟
ـ العفو، العفو .. لنمضِ في طريقنا.
ـ هل ترى رؤوس الجبال هناك؟
ـ رؤوس؟
ـ تبدو زرقاء.
ـ زرقاء، هناك؟
ـ إي، زرقاء بتأثير الأضواء.
ـ ألا يلفتك أنها ما تزال نائية؟
ـ من؟
ـ الجبال.
ـ لا، قطعنا ثلثي الطريق، والباقي ثلث.
ـ هل لديك عزيمة لتواصل؟
ـ أتقوّى على ضعفي، لا مفرّ..
ـ اسمع، أنا تعبت.
ـ تعبت؟
ـ والجوع يشلّني.
ـ أنا فقط ظمآن.
ـ ......
ـ أما من ينابيع في هذه النواحي؟
ـ لا أظن.
ـ كيف عرفت؟
ـ من المسافة التي قطعناها. لم نصدف ولا ..
ـ صحيح. لكن علّنا نظفر بواحد، في المسافة المتبقية.
ـ لا أحتمل خيبة جديدة.
ـ يا رجل، دعنا نأمل.
ـ كلا. الخيبة آخر شيء ينقصنا.
ـ معك حق، لكنني جائع، والآن عطشان.
ـ لدي فكرة.
ـ أفصح.
ـ لنُنزل أثقالنا ولنبحث عن عشب طري نأكله.
ـ الأعشاب هنا إِبريّة.
ـ على الأقل نمتصّ رطوبتها.
ـ هل نسيت أننا في أول الظهيرة!
ـ ساعات ويهبط المساء.
ـ حسناً، لنواصل إذن، حتى يهبط.
ـ لنواصل.
ـ وهل سيكون بمقدورنا وقتها امتصاص العشب؟
ـ تقصد الإِبر؟
ـ العشب.
ـ أظن ذلك.
ـ تظن؟
ـ لست واثقاً.
ـ مرة أخرى؟
ـ سنحاول ونرى.
ـ أنا جائع.
ـ وأنا عطشان.
ـ لا، أنا عطشان أكثر منك.
ـ كيف؟
ـ أحسّ بالمذاق الملحيّ لدمي وهو يجري داخل جسمي.
ـ ماذا تقول؟
ـ وبالمذاق الملحي لعَرقي ودموعي.
ـ ولمن أيضاً؟
ـ ولِغائطي القادم!
ـ انظر، هل اقترب الهدف؟
ـ بضع خطوات.
ـ والجبال هناك، أما تزال زرقاء؟
ـ .. ونائية.
ـ ألم تقل اقتربنا؟
ـ لست واثقاً.
ـ اللعنة! اليوم هو يوم "لست واثقاً".
ـ اعذرني، لست كما يجب.
ـ ومتى كنتَ كما يجب؟
ـ أنا؟
ـ بل هو شبحك، ولست أنت.
ـ شبحي؟ عما تتكلم يا ذا المنطق.
ـ عنك!
ـ وهل تؤمن بالأشباح؟
ـ هي طريقة..
ـ لنواصل إذن، حتى يهبط المساء.
ـ نواصل.
* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة
اقــرأ أيضاً
ـ عندما يزهر الملح.
ـ حسناً، هو سيزهر عمّا قريب، فهل سيأتون؟
ـ لست واثقاً.
ـ لمَ إذن تعذّبني؟
ـ أنا أعذبك؟
ـ أجل، ألم تقل عندما يزهر الملح؟
ـ قلت.
ـ ألم تقل، حين أخبرتك عن قرب إزهاره، إنك لست واثقاً من مجيئهم؟
ـ في الحقيقة لست واثقاً.
ـ أنت ربطت الإزهار بمجيئهم، فكيف تناقض نفسك؟
ـ أنا؟
ـ لا، ظلّك على الحصى!
ـ اعذرني، لست كما يجب.
ـ ومتى كنتَ كما يجب؟
ـ أنا؟
ـ بل هو شبحك، ولست أنت.
ـ شبحي؟ عما تتكلم يا ذا المنطق.
ـ عنك!
ـ وهل تؤمن بالأشباح؟
ـ هي طريقة في السخرية فحسب.
ـ إذن فأنت تسخر مني؟
ـ العفو، العفو .. لنمضِ في طريقنا.
ـ هل ترى رؤوس الجبال هناك؟
ـ رؤوس؟
ـ تبدو زرقاء.
ـ زرقاء، هناك؟
ـ إي، زرقاء بتأثير الأضواء.
ـ ألا يلفتك أنها ما تزال نائية؟
ـ من؟
ـ الجبال.
ـ لا، قطعنا ثلثي الطريق، والباقي ثلث.
ـ هل لديك عزيمة لتواصل؟
ـ أتقوّى على ضعفي، لا مفرّ..
ـ اسمع، أنا تعبت.
ـ تعبت؟
ـ والجوع يشلّني.
ـ أنا فقط ظمآن.
ـ ......
ـ أما من ينابيع في هذه النواحي؟
ـ لا أظن.
ـ كيف عرفت؟
ـ من المسافة التي قطعناها. لم نصدف ولا ..
ـ صحيح. لكن علّنا نظفر بواحد، في المسافة المتبقية.
ـ لا أحتمل خيبة جديدة.
ـ يا رجل، دعنا نأمل.
ـ كلا. الخيبة آخر شيء ينقصنا.
ـ معك حق، لكنني جائع، والآن عطشان.
ـ لدي فكرة.
ـ أفصح.
ـ لنُنزل أثقالنا ولنبحث عن عشب طري نأكله.
ـ الأعشاب هنا إِبريّة.
ـ على الأقل نمتصّ رطوبتها.
ـ هل نسيت أننا في أول الظهيرة!
ـ ساعات ويهبط المساء.
ـ حسناً، لنواصل إذن، حتى يهبط.
ـ لنواصل.
ـ وهل سيكون بمقدورنا وقتها امتصاص العشب؟
ـ تقصد الإِبر؟
ـ العشب.
ـ أظن ذلك.
ـ تظن؟
ـ لست واثقاً.
ـ مرة أخرى؟
ـ سنحاول ونرى.
ـ أنا جائع.
ـ وأنا عطشان.
ـ لا، أنا عطشان أكثر منك.
ـ كيف؟
ـ أحسّ بالمذاق الملحيّ لدمي وهو يجري داخل جسمي.
ـ ماذا تقول؟
ـ وبالمذاق الملحي لعَرقي ودموعي.
ـ ولمن أيضاً؟
ـ ولِغائطي القادم!
ـ انظر، هل اقترب الهدف؟
ـ بضع خطوات.
ـ والجبال هناك، أما تزال زرقاء؟
ـ .. ونائية.
ـ ألم تقل اقتربنا؟
ـ لست واثقاً.
ـ اللعنة! اليوم هو يوم "لست واثقاً".
ـ اعذرني، لست كما يجب.
ـ ومتى كنتَ كما يجب؟
ـ أنا؟
ـ بل هو شبحك، ولست أنت.
ـ شبحي؟ عما تتكلم يا ذا المنطق.
ـ عنك!
ـ وهل تؤمن بالأشباح؟
ـ هي طريقة..
ـ لنواصل إذن، حتى يهبط المساء.
ـ نواصل.
* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة