وجّه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، اليوم الاثنين، الاتهام الأوضح لروسيا حتى الآن، بالوقوف خلف إسقاط الطائرة الماليزية، وإن بشكل غير مباشر، من خلال دعم موسكو للانفصاليين الأوكرانيين. في غضون ذلك، عاين فريق من المحققين الهولنديين، جثث ضحايا الطائرة داخل المناطق التي يسيطر عليها المتمردون الموالون لروسيا، التي اتهمت "مَن يحاول استغلال الحادثة"، بـ"السعي إلى تحقيق أهدافاً وضيعة".
واتهم أوباما الانفصاليين الموالين لروسيا بإزالة الأدلة والجثث من موقع التحطم، متسائلاً عما يحاول المتورطون إخفاءه بالتحديد. ورأى أن المسؤولية تقع على روسيا وعلى الرئيس فلاديمير بوتين في إجبار الانفصاليين على التعاون مع التحقيق.
وحذّر أوباما من أنه إذا استمرت روسيا في انتهاك السيادة الأوكرانية، فإن موسكو "ستزيد من عزلة نفسها بشكل أكبر"، و"سيستمر ازدياد التكاليف الاقتصادية"، في تهديد مبطن بزيادة حجم العقوبات الاقتصادية على موسكو.
وقد ردّت روسيا على اتهامها بالوقوف خلف إسقاط الطائرة الماليزية، من خلال وزارة الدفاع، التي قالت إن "طائرات حربية أوكرانية حلقت بالقرب من الطائرة الماليزية" قبل إسقاطها. وجددت الوزارة نفي أن تكون قد زوّدت الانفصاليين الموالين لموسكو في أوكرانيا، بأنظمة صواريخ مضادة للطائرات أو أي "أسلحة اخرى مشابهة".
على صعيد متصل، فتح المحققون الهولنديون الخمسة، يرافقهم ممثلون من "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا"، العربات الخمس التي تحوي جثث الركاب، والتي كان من المفترض أن تكون مبرّدة، لكنها لم تكن كذلك، إذ انبعثت منها روائح جثث متحللة.
وأوضح مدير البعثة، الخبير في الطب الشرعي الهولندي، بيتر فيا فيليت، أن "الجثث محفوظة بشكل جيد"، داعياً إلى تحرك "القطار اليوم ولكن لا نعلم بأي اتجاه أو ساعة انطلاقه".
وبرغم أن فيا فيليت كان محاطاً بخمسين مسلحاً متمرداً أمام محطة القطارات في توريز، لم يمنعه ذلك من التشديد على خروج قطار الجثث من منطقة الانفصاليين "ليكون بإمكاننا اجراء التحليلات اللازمة، لأنه تقنياً من المستحيل القيام بذلك هنا".
في موازاة ذلك، أعلن رئيس الوزراء الهولندي مارك روت، أن هدف بلاده هو نقل القطارات إلى مناطق تسيطر عليها السلطات الأوكرانية، مثل مدينة خاركيف المجاورة. وأوضح أن "الانفصاليين الموالين لروسيا اشترطوا وجود مراقبين دوليين أثناء رحيل القطار".
في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك، أن بلاده مستعدة لتكليف هولندا بتنسيق التحقيق الدولي حول تحطم الطائرة الماليزية "على الارجح بصاروخ"، لأنها "البلد الذي تعرض لأكبر معاناة"، في إشارة إلى أن 192 مواطناً هولندياً قُتلوا من بين حوالى 300 راكب فقدوا حياتهم.
وأضاف ياتسينيوك، في مؤتمر صحافي، في كييف: "لقد عثرنا على 272 جثة (من أصل 298) وقد وضعت منها 251 في قطاع مبرد (...) ونحن مستعدون لإرسال الجثث إلى امستردام لتشريحها وإخضاعها لكل الفحوص المستقلة الضرورية".
في غضون ذلك، انتقد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، "مَن يحاولون استغلال سقوط طائرة الركاب الماليزية"، شرق أوكرانيا، بالسعي إلى تحقيق أهداف سماها "وضيعة"، بحسب بيان نشر على موقع الكرملين.
وأوضح البيان أن "بوتين أنحى باللائمة على أوكرانيا في أعمال العنف الدائرة ضد المتمردين الموالين لروسيا شرق البلاد". وقال إن "المأساة استُغلت من قبل البعض لأهداف وضيعة"، من دون أن يشير إلى جهة بعينها.
كما أكد الرئيس الروسي دعمه "إجراء تحقيق بشأن تحطم الطائرة من قبل "فريق كامل من الخبراء"، بإشراف المنظمة الدولية للطيران المدني، التابعة للأمم المتحدة.
وتزامناً مع تصريحات بوتين، اتهمت وسائل الإعلام المقربة من الكرملين، الغرب بالتسرع في إلقاء اللوم على روسيا قبل التحقيق في حادث الطائرة الأوكرانية. وسخرت صحيفة "كومسولسكايا برافدا" من كون "الصحف الغربية تعرف من المسؤول عن تحطم الطائرة، وهو روسيا على ما يبدو". كما ذكّرت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" بأن "الولايات المتحدة كذبت من قبل عندما اتهمت الرئيس العراقي صدام حسين بامتلاك اسلحة للدمار الشامل".
من جهتها، اتهمت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" الرسمية، السلطات في كييف، برفض التعاون مع روسيا. وقالت الصحيفة ان "كييف ليست على عجلة من امرها للرد على الأسئلة العشرة حول طائرة البوينغ"، في اشارة الى مجموعة أسئلة وجهتها وزارة الدفاع الروسية الى السلطات الأوكرانية لكشف ملابسات الحادث. ورأت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا"، أن "الكارثة ليست في السماء فقط، بل في العلاقات بين روسيا والغرب ايضاً".
ميدانياً، سُجل قصف مدفعي في منطقة محطة القطارات في دونيتسك، في أحد الأحياء وسط كبرى مدن الشرق الاوكراني، معقل الانفصاليين الموالين لروسيا، وفق وكالة "فرانس برس". وأغلق الانفصاليون شوارع الحي، وتم إجلاء المدنيين على متن حافلات صغيرة للنقل المشترك، كما شوهدت مجموعات من السكان وهم يفرون سيراً على الاقدام.