سابق أشقاء العشريني الغزي كرم عرفات الوقت لإصدار تحويل طبي عاجل، حتى يتسنى له السفر عبر معبر رفح للعلاج من إصابته بقنبلة غاز تسببت في تهشم عظام رأسه، بعد رفض سلطات الاحتلال نقله من غزة عبر معبر بيت حانون "إيريز"، للعلاج في الداخل المحتل.
عانى عرفات من وضع صحي حرج، كما يقول شقيقه حمادة مردفا: "أبلغنا الأطباء بتعذر علاج كرم في غزة، وأن إنقاذ حياته رهين بنقله إلى الخارج حيث الإمكانات الطبية أفضل، واستكملنا الإجراءات، ونقل كرم بواسطة سيارة إسعاف إلى معبر رفح، وكان من المفترض نقله على الفور إلى سيارة إسعاف مصرية، لكن هذا لم يحدث"، إذ مكث حمادة وشقيقه المصاب 15 ساعة في الجانب المصري من معبر رفح، بينما ينتظران السماح لهما بالمغادرة، حتى بدأ الطاقم الطبي المرافق له يلاحظ تدهور حالته الصحية بصورة متسارعة، بعد توقف قلبه مرتين، ما استدعى إجراء إنعاش طارئ، وفي النهاية قرروا إعادته إلى مستشفى غزة الأوروبي جنوب القطاع، لكن وضعه الصحي تدهور أكثر، ليفارق الحياة بعد يومين.
إهمال ومعاناة
إلى جانب معاناة المصاب عرفات، وثق معد التحقيق حالة 12 جريحا آخرين، اشتكوا وذووهم من صعوبة إجراءات السفر عبر معبر رفح وإهمال علاجهم خلال وجودهم في مشافي سيناء والقاهرة بالإضافة إلى عرقلة محاولتهم السفر عبر مطار القاهرة الدولي، إلى تركيا لاستكمال العلاج، وهو ما تؤكده إفادة الدكتور بكر أبو صفية، رئيس اللجنة الصحيّة في الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، والذي أوضح أن سفر الجرحى إلى تركيا أو مصر تعتريه إشكالات ومعاناة كبيرة، قائلاً لـ "العربي الجديد": "لا أحبّذ أن يتوجّه الجرحى إلى مصر لتلقّي العلاج؛ نظرا لما قد يلاقوه هناك من إهمال ومعاملة قاسية، فالجريح يحتاج من ثلاثة إلى أربعة أيام للنظر في حالته بمصر، وبالتالي فإن أي إصابة ضرورية تحتاج إلى علاج مكثّف لا تحتمل إضافة إلى معاناة السفر مشاكل الانتظار المتعددة، لذلك أفضل لهم أن يبقوا في غزة لتلقي علاجهم، حتى في ظل نقص الإمكانات والكوادر الطبية"، بينما يضيف المحامي صلاح عبد العاطي، مسؤول اللجنة القانونية في الهيئة العليا لمسيرات العودة إلى ما سبق من عوائق، معاناة الجرحى ممن يسعون للسفر إلى تركيا عبر مصر من "مشكلة مُضاعفة سياسية أكثر منها صحيّة". وتابع قائلا لـ "العربي الجديد": "يتم إرجاع بعض الجرحى ومنع سفرهم، إلى المستشفيات التركية".
وتتطابق إفادة أبو صفية وعبد العاطي مع واقعة الشهيد وسام حجازي من سكان محافظة خان يونس جنوب القطاع، إذ سافر إلى مصر بينما يعاني من وضع صحي حرج وتفاقمت حالته في مستشفى العريش العام بسبب الإهمال خلال أربعة أيام من وجوده هناك كما يقول والده يوسف، والذي أوضح أنهم نقلوه إلى مستشفى خاص في القاهرة لمتابعة حالته الصحية حتى يتم نقله إلى تركيا، لكن رفض سفره في مطار القاهرة على الرغم من أوراق تحويل علاجه إلى تركيا الصادرة عن وزارة الصحة، اضطرهم إلى العودة لغزة بسيارة إسعاف كانت كذلك على حسابهم الشخصي، ليترك في المعبر ساعات طويلة، ناشد خلالها الطاقم الطبي المرافق له السلطات المصرية تسهيل خروجه، لكن هذا لم يحدث حتى استشهد داخل الجانب المصري من المعبر في 13 أغسطس/آب الماضي.
اقــرأ أيضاً
حصار الجرحى
بلغ عدد جرحى مسيرات العودة 22.500 مصاب حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول، من بينهم 900 يحتاجون إلى تلقى العلاج في خارج قطاع غزة بسبب نقص الإمكانيات الطبية في مشافيه وفق إحصاء حصل عليه معدا التحقيق من دائرة العلاج في الخارج التابعة لوزارة الصحة، والتي كشفت أن سلطات الاحتلال رفضت مرور 300 جريح عبر معبر بيت حانون لاستكمال علاجهم في مستشفيات الداخل والضفة الغربية، ما دفع مركز الميزان لحقوق الإنسان (منظمة غير حكومية) لرفع التماس قضائي في المحاكم الإسرائيلية، لم يسفر حتى الآن إلا بالسماح لثلاثة من الممنوعين بالمغادرة، بينما منحت سلطات الاحتلال 295 جريحا تصاريح مرور عبر معبر بيت حانون، فيما سافر 400 جريح عبر معبر رفح لتلقي العلاج في مصر وتركيا والأردن، ووفق لجنة الجرحى فقد وصل إلى تركيا 70 جريحا، و30 غادروا إلى مستشفيات الأردن، و100 ينتظرون في مصر لاستكمال إجراءات نقلهم إلى مستشفيات تركية لتلقي العلاج.
طرد من المعبر
رافقت الخمسينية فاطمة محمود طفلها الجريح أحمد يوسف البالغ من العمر 17 عاما، في رحلة للسفر عبر معبر رفح في أواسط يوليو/تموز الماضي، وبعد انتظار أكثر من سبع ساعات متواصلة في صالة معبر رفح البري في الجانب المصري، طلبت السلطات المصرية من 70 من مصابي مسيرات العودة ومرافقيهم العودة إلى القطاع، وأبلغتهم بمنع دخولهم الأراضي المصرية، دون الإفصاح عن أسباب على الرغم من أنهم كانوا في طريقهم إلى تركيا بعد حصولهم على تحويلات طبية كما تقول مضيفة: "سادت حالة من الغضب في الصالة المصرية، الجرحى ومعظمهم يعانون إعاقات حركية كبيرة، بالكاد استطاعوا الوصول إلى المعبر المصري، لكن لم نجد بدا من المغادرة وعدنا جميعا".
وكانت أسرة يوسف قد حصلت على التحويل الطبي واستكملت إجراءات السفر بعد شهرين ونصف، بسبب بطء إجراءات إصدار الأوراق من دائرة العلاج بالخارج، كما تقول فاطمة، موضحة أن حالة ابنها كانت بحاجة إلى علاج وجراحات أعصاب دقيقة في قدمه حتى يتمكن من المشي مجددا، غير أن كل هذا التأخير فاقم من آلامه ومعاناته الصحية.
اقــرأ أيضاً
مشاكل السفر
تعمل الهيئة العليا لمسيرات العودة على محاولة تسهيل سفر بعض الجرحى، "ولكن أحياناً تنجح، أو لا تنجح" وفق ما قاله مسؤول اللجنة القانونية في اللجنة، فيما يؤكد مصدر مطلع في الهيئة العليا لمسيرات العودة، أنها تحاول استغلال التقارب بين غزة ومصر، من أجل فتح مكتب تنسيقي في القاهرة يعمل على تسهيل خروج الجرحى إلى تركيا والأردن، وغيرها من الدول التي قدمت عروضا لعلاجهم.
وبحسب أرقام وإحصاءات حصل عليها معدا التحقيق من اللجنة المكلفة بمتابعة شؤون الجرحى، فإن نفقة علاج الجريح الواحد، من لحظة خروجه من قطاع غزة وحتى متابعة العلاج في تركيا، تبلغ نحو 20 ألف دولار، فيما بلغت مصاريف اللجنة على جرحى مسيرات العودة حتى نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، نحو مليوني دولار أميركي، عبارة عن "مصاريف سفر وتذاكر طيران" فقط.
وتكشف المصادر، والجرحى الذين تحدّثوا لـ"العربي الجديد"، أن "الخلافات السياسية بين أنقرة والقاهرة من أسباب تأخر سفرهم، إذ "تماطل" إدارة مطار القاهرة في السماح بمغادرة الجرحى الذين يحملون جوازات سفر مختومة بتأشيرة إلى تركيا، وحتى تم رفض بعضهم"، وبحسب الشهادات التي وثقها معدا التحقيق يمكث الجريح ومرافقه، مدة طويلة في مصر إلى حين ترتيب أمور سفره إلى تركيا، ويصل الأمر إلى شهرين كاملين، ويشكو ثلاثة تحدثوا لـ "العربي الجديد" رفضوا الكشف عن هويتهم خوفا من مضايقتهم أثناء العودة عبر معبر رفح، بأنه تم إلزامهم بحجز ثلاثة مقاعد وأحيانا أربعة لكل منهم؛ بحجة أنهم بحاجة إلى راحة، ورغم اعتراض الجرحى على ذلك، وتأكيدهم أنهم مكتفون بمقعدين، إلا أن كل جريح بدفع ما بين 1800 دولار 2400 دولار، تتم تغطيتها بمعرفة الهيئة، التي أبدت انزعاجها من هذا السلوك، بحسب مصادر فيها كشفت أن 10 جرحى ألزموا بدفع مبالغ مالية أكبر وحجز أكثر من مقعد على متن الطائرة.
وبحسب الجرحى، تم الرد على اعتراضاتهم وكذلك اعتراضات اللجنة الطبية التابعة للهيئة بأن ذلك "يندرج ضمن ضوابط الطيران، ووفق درجة الضرر الواقعة على المسافرين الذين يجلسون بجوار الجريح".
شكوى من السفارة
حاول الجريح محمود أحمد، (اسم مستعار خشية منعه من مغادرة معبر رفح مجدداً)، الاتصال عدة مرّات بالسفارة الفلسطينية في القاهرة لنقل شكواه لكنه لم يلمس تجاوبا مع مسؤوليها، وهو ما تكررّ مع معدي التحقيق اللذين راسلا السفارة الفلسطينية في القاهرة للرد على شكاوى الجرحى، كما كررا الاتصال بالسفير الفلسطيني على هاتفه لكن بدون نتيجة، ولكن تكرار انتقاد الجرحى دور السفارة، دفع سفير فلسطين لدى مصر، دياب اللوح، إلى الخروج عن صمته، والحديث لإذاعة "صوت فلسطين" الحكومية، في العشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، موضحاً أن ملف جرحى غزة من أهم الملفات التي تحظى باهتمام السفارة والمستشار الطبي لها في القاهرة، وتابع السفير اللوح: "المشكلة حدثت من جراء عدم التزام البعض بالمحطات المقررة لرحلة علاجهم"، قبل أن يضيف: "المشافي في مصر تعاني أصلاً من اكتظاظ المرضى".
هذان الإهمال والتأخير كانا أيضاً سببين لتأخير 90 جريحاً فلسطينياً في قطاع غزة يملكون تحويلات للعلاج في الخارج، لكن تحاول لجنة الجرحى تأخير سفرهم إلى حين إنهاء معاملات 100 جريح موجودين في مصر حالياً، بمعنى أنها لا ترغب في أن تسبب اكتظاظاً وتكدساً في الجرحى هناك في ظل أمورهم العالقة، وفق ما أكده منسقان في اللجنة لـ"معدي التحقيق"، رفضا ذكر اسميهما، تجنباً لانتقاد السلطات المصرية، وهو ما طابقه الدكتور أبو صفية الذي قال: "إن مئات الجرحى ينتظرون السفر لتلقّي العلاج في الخارج إذ إن كوادر القطاع الطبية مستنزفة وتعيش صِداما مستمرا مع الاحتلال".
عانى عرفات من وضع صحي حرج، كما يقول شقيقه حمادة مردفا: "أبلغنا الأطباء بتعذر علاج كرم في غزة، وأن إنقاذ حياته رهين بنقله إلى الخارج حيث الإمكانات الطبية أفضل، واستكملنا الإجراءات، ونقل كرم بواسطة سيارة إسعاف إلى معبر رفح، وكان من المفترض نقله على الفور إلى سيارة إسعاف مصرية، لكن هذا لم يحدث"، إذ مكث حمادة وشقيقه المصاب 15 ساعة في الجانب المصري من معبر رفح، بينما ينتظران السماح لهما بالمغادرة، حتى بدأ الطاقم الطبي المرافق له يلاحظ تدهور حالته الصحية بصورة متسارعة، بعد توقف قلبه مرتين، ما استدعى إجراء إنعاش طارئ، وفي النهاية قرروا إعادته إلى مستشفى غزة الأوروبي جنوب القطاع، لكن وضعه الصحي تدهور أكثر، ليفارق الحياة بعد يومين.
إهمال ومعاناة
إلى جانب معاناة المصاب عرفات، وثق معد التحقيق حالة 12 جريحا آخرين، اشتكوا وذووهم من صعوبة إجراءات السفر عبر معبر رفح وإهمال علاجهم خلال وجودهم في مشافي سيناء والقاهرة بالإضافة إلى عرقلة محاولتهم السفر عبر مطار القاهرة الدولي، إلى تركيا لاستكمال العلاج، وهو ما تؤكده إفادة الدكتور بكر أبو صفية، رئيس اللجنة الصحيّة في الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، والذي أوضح أن سفر الجرحى إلى تركيا أو مصر تعتريه إشكالات ومعاناة كبيرة، قائلاً لـ "العربي الجديد": "لا أحبّذ أن يتوجّه الجرحى إلى مصر لتلقّي العلاج؛ نظرا لما قد يلاقوه هناك من إهمال ومعاملة قاسية، فالجريح يحتاج من ثلاثة إلى أربعة أيام للنظر في حالته بمصر، وبالتالي فإن أي إصابة ضرورية تحتاج إلى علاج مكثّف لا تحتمل إضافة إلى معاناة السفر مشاكل الانتظار المتعددة، لذلك أفضل لهم أن يبقوا في غزة لتلقي علاجهم، حتى في ظل نقص الإمكانات والكوادر الطبية"، بينما يضيف المحامي صلاح عبد العاطي، مسؤول اللجنة القانونية في الهيئة العليا لمسيرات العودة إلى ما سبق من عوائق، معاناة الجرحى ممن يسعون للسفر إلى تركيا عبر مصر من "مشكلة مُضاعفة سياسية أكثر منها صحيّة". وتابع قائلا لـ "العربي الجديد": "يتم إرجاع بعض الجرحى ومنع سفرهم، إلى المستشفيات التركية".
وتتطابق إفادة أبو صفية وعبد العاطي مع واقعة الشهيد وسام حجازي من سكان محافظة خان يونس جنوب القطاع، إذ سافر إلى مصر بينما يعاني من وضع صحي حرج وتفاقمت حالته في مستشفى العريش العام بسبب الإهمال خلال أربعة أيام من وجوده هناك كما يقول والده يوسف، والذي أوضح أنهم نقلوه إلى مستشفى خاص في القاهرة لمتابعة حالته الصحية حتى يتم نقله إلى تركيا، لكن رفض سفره في مطار القاهرة على الرغم من أوراق تحويل علاجه إلى تركيا الصادرة عن وزارة الصحة، اضطرهم إلى العودة لغزة بسيارة إسعاف كانت كذلك على حسابهم الشخصي، ليترك في المعبر ساعات طويلة، ناشد خلالها الطاقم الطبي المرافق له السلطات المصرية تسهيل خروجه، لكن هذا لم يحدث حتى استشهد داخل الجانب المصري من المعبر في 13 أغسطس/آب الماضي.
حصار الجرحى
بلغ عدد جرحى مسيرات العودة 22.500 مصاب حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول، من بينهم 900 يحتاجون إلى تلقى العلاج في خارج قطاع غزة بسبب نقص الإمكانيات الطبية في مشافيه وفق إحصاء حصل عليه معدا التحقيق من دائرة العلاج في الخارج التابعة لوزارة الصحة، والتي كشفت أن سلطات الاحتلال رفضت مرور 300 جريح عبر معبر بيت حانون لاستكمال علاجهم في مستشفيات الداخل والضفة الغربية، ما دفع مركز الميزان لحقوق الإنسان (منظمة غير حكومية) لرفع التماس قضائي في المحاكم الإسرائيلية، لم يسفر حتى الآن إلا بالسماح لثلاثة من الممنوعين بالمغادرة، بينما منحت سلطات الاحتلال 295 جريحا تصاريح مرور عبر معبر بيت حانون، فيما سافر 400 جريح عبر معبر رفح لتلقي العلاج في مصر وتركيا والأردن، ووفق لجنة الجرحى فقد وصل إلى تركيا 70 جريحا، و30 غادروا إلى مستشفيات الأردن، و100 ينتظرون في مصر لاستكمال إجراءات نقلهم إلى مستشفيات تركية لتلقي العلاج.
طرد من المعبر
رافقت الخمسينية فاطمة محمود طفلها الجريح أحمد يوسف البالغ من العمر 17 عاما، في رحلة للسفر عبر معبر رفح في أواسط يوليو/تموز الماضي، وبعد انتظار أكثر من سبع ساعات متواصلة في صالة معبر رفح البري في الجانب المصري، طلبت السلطات المصرية من 70 من مصابي مسيرات العودة ومرافقيهم العودة إلى القطاع، وأبلغتهم بمنع دخولهم الأراضي المصرية، دون الإفصاح عن أسباب على الرغم من أنهم كانوا في طريقهم إلى تركيا بعد حصولهم على تحويلات طبية كما تقول مضيفة: "سادت حالة من الغضب في الصالة المصرية، الجرحى ومعظمهم يعانون إعاقات حركية كبيرة، بالكاد استطاعوا الوصول إلى المعبر المصري، لكن لم نجد بدا من المغادرة وعدنا جميعا".
وكانت أسرة يوسف قد حصلت على التحويل الطبي واستكملت إجراءات السفر بعد شهرين ونصف، بسبب بطء إجراءات إصدار الأوراق من دائرة العلاج بالخارج، كما تقول فاطمة، موضحة أن حالة ابنها كانت بحاجة إلى علاج وجراحات أعصاب دقيقة في قدمه حتى يتمكن من المشي مجددا، غير أن كل هذا التأخير فاقم من آلامه ومعاناته الصحية.
مشاكل السفر
تعمل الهيئة العليا لمسيرات العودة على محاولة تسهيل سفر بعض الجرحى، "ولكن أحياناً تنجح، أو لا تنجح" وفق ما قاله مسؤول اللجنة القانونية في اللجنة، فيما يؤكد مصدر مطلع في الهيئة العليا لمسيرات العودة، أنها تحاول استغلال التقارب بين غزة ومصر، من أجل فتح مكتب تنسيقي في القاهرة يعمل على تسهيل خروج الجرحى إلى تركيا والأردن، وغيرها من الدول التي قدمت عروضا لعلاجهم.
وبحسب أرقام وإحصاءات حصل عليها معدا التحقيق من اللجنة المكلفة بمتابعة شؤون الجرحى، فإن نفقة علاج الجريح الواحد، من لحظة خروجه من قطاع غزة وحتى متابعة العلاج في تركيا، تبلغ نحو 20 ألف دولار، فيما بلغت مصاريف اللجنة على جرحى مسيرات العودة حتى نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، نحو مليوني دولار أميركي، عبارة عن "مصاريف سفر وتذاكر طيران" فقط.
وتكشف المصادر، والجرحى الذين تحدّثوا لـ"العربي الجديد"، أن "الخلافات السياسية بين أنقرة والقاهرة من أسباب تأخر سفرهم، إذ "تماطل" إدارة مطار القاهرة في السماح بمغادرة الجرحى الذين يحملون جوازات سفر مختومة بتأشيرة إلى تركيا، وحتى تم رفض بعضهم"، وبحسب الشهادات التي وثقها معدا التحقيق يمكث الجريح ومرافقه، مدة طويلة في مصر إلى حين ترتيب أمور سفره إلى تركيا، ويصل الأمر إلى شهرين كاملين، ويشكو ثلاثة تحدثوا لـ "العربي الجديد" رفضوا الكشف عن هويتهم خوفا من مضايقتهم أثناء العودة عبر معبر رفح، بأنه تم إلزامهم بحجز ثلاثة مقاعد وأحيانا أربعة لكل منهم؛ بحجة أنهم بحاجة إلى راحة، ورغم اعتراض الجرحى على ذلك، وتأكيدهم أنهم مكتفون بمقعدين، إلا أن كل جريح بدفع ما بين 1800 دولار 2400 دولار، تتم تغطيتها بمعرفة الهيئة، التي أبدت انزعاجها من هذا السلوك، بحسب مصادر فيها كشفت أن 10 جرحى ألزموا بدفع مبالغ مالية أكبر وحجز أكثر من مقعد على متن الطائرة.
وبحسب الجرحى، تم الرد على اعتراضاتهم وكذلك اعتراضات اللجنة الطبية التابعة للهيئة بأن ذلك "يندرج ضمن ضوابط الطيران، ووفق درجة الضرر الواقعة على المسافرين الذين يجلسون بجوار الجريح".
شكوى من السفارة
حاول الجريح محمود أحمد، (اسم مستعار خشية منعه من مغادرة معبر رفح مجدداً)، الاتصال عدة مرّات بالسفارة الفلسطينية في القاهرة لنقل شكواه لكنه لم يلمس تجاوبا مع مسؤوليها، وهو ما تكررّ مع معدي التحقيق اللذين راسلا السفارة الفلسطينية في القاهرة للرد على شكاوى الجرحى، كما كررا الاتصال بالسفير الفلسطيني على هاتفه لكن بدون نتيجة، ولكن تكرار انتقاد الجرحى دور السفارة، دفع سفير فلسطين لدى مصر، دياب اللوح، إلى الخروج عن صمته، والحديث لإذاعة "صوت فلسطين" الحكومية، في العشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، موضحاً أن ملف جرحى غزة من أهم الملفات التي تحظى باهتمام السفارة والمستشار الطبي لها في القاهرة، وتابع السفير اللوح: "المشكلة حدثت من جراء عدم التزام البعض بالمحطات المقررة لرحلة علاجهم"، قبل أن يضيف: "المشافي في مصر تعاني أصلاً من اكتظاظ المرضى".
هذان الإهمال والتأخير كانا أيضاً سببين لتأخير 90 جريحاً فلسطينياً في قطاع غزة يملكون تحويلات للعلاج في الخارج، لكن تحاول لجنة الجرحى تأخير سفرهم إلى حين إنهاء معاملات 100 جريح موجودين في مصر حالياً، بمعنى أنها لا ترغب في أن تسبب اكتظاظاً وتكدساً في الجرحى هناك في ظل أمورهم العالقة، وفق ما أكده منسقان في اللجنة لـ"معدي التحقيق"، رفضا ذكر اسميهما، تجنباً لانتقاد السلطات المصرية، وهو ما طابقه الدكتور أبو صفية الذي قال: "إن مئات الجرحى ينتظرون السفر لتلقّي العلاج في الخارج إذ إن كوادر القطاع الطبية مستنزفة وتعيش صِداما مستمرا مع الاحتلال".