ورغم ترحيب الحكومة بالمبادرات السياسية من أجل حل أزمة البلاد، إلا أنها لا تزال على موقفها الرافض للحوار مع اللواء حفتر، فقد عبّر وزير الداخلية في حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، عن ترحيب الحكومة بمبادرات تنهي الأزمة وتضمن وحدة مؤسسات الدولة ومدنيتها، لكنه أكد بقوله "لا مكان لمجرمي الحرب الطامعين في الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح" في إشارة واضحة إلى حفتر.
Twitter Post
|
واشترط باشاغا، في تصريح نشرته عملية "بركان الغضب" على صفحتها الرسمية، خضوع الجيش للسلطة المدنية في أي مفاوضات سياسية، مشيرا إلى أن العملية العسكرية التي أطلقتها حكومة الوفاق تهدف إلى الاستمرار في أهداف ثورة فبراير، الساعية إلى إقامة دولة مدنية ديمقراطية.
وأكد الوزير أن "إهمال التضحيات التي قُدمت من أجل إقامة دولة مدنية سيؤدي إلى استمرار الفوضى ويقوّض من قدرات الدولة"، مضيفاً "لم يعد ثمة مجال للفوضى والمزايدات باسم الثورة لمصالح فئوية ضيقة".
Twitter Post
|
ومنذ مطلع الأسبوع قبل الماضي، تمكنت قوات حكومة الوفاق من التقدم إلى مدينة سرت من ثلاثة محاور، والسيطرة على تخوم المدينة الأولى، خصوصا بوابة الثلاثين كيلومترا غربا، ووادي جارف وأجزاء متقدمة جنوب المدينة.
معارضة روسية وراءها مصر
وجاءت تصريحات باشاغا بعد ساعات من تصريحات لرئيس مجلس النواب المجتمع في طبرق، عقيلة صالح، إثر انتهاء زيارة أجراها للجزائر، أمس السبت، أكد خلاله تلقّيه وعودا من الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بالسعي مع نظيريه المصري والتونسي من أجل حل الأزمة الليبية، مطلعا إياه على المبادرة التي تقدم بها وأعلنت عنها القاهرة.
لكنّ مصدرا عسكريا مقربا من حكومة الوفاق قال لـ"العربي الجديد" إن الحكومة لا تزال مصرّة على ضرورة المضي في عمليتها العسكرية من أجل السيطرة على سرت، وسط البلاد، والاتجاه لإعادة السيطرة أيضا على قاعدة الجفرة جنوب البلاد، وسط معارضة روسية تقف وراءها القاهرة.
وأشار المصدر إلى أن عناصر شركة فاغنر متواجدون في سرت حاليا بعد انسحابهم من جنوب طرابلس وترهونة، مؤكدا أن الأنباء بشأن سرت والموقف الروسي سيتم حسمه بشكل نهائي إثر انتهاء لقاء بين وفد روسي وآخر تركي خلال الساعات المقبلة.
ويبدو أن المصدر يشير إلى اللقاء الذي سيجمع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ووزير الدفاع سيرغي شويغو، بمسؤولين أتراك في العاصمة التركية، غدا الاثنين، بحسب بيان للخارجية الروسية، أمس السبت، وسيكون الملف الليبي من أبرز ملفات اللقاء.
وتتلقى حكومة الوفاق، بالإضافة للدعم العسكري التركي، وفق الاتفاقية الأمنية الثنائية، دعما سياسيا كبيرا، أنتج في كثير من الأحيان تقاربا سياسيا تركيا روسيا، أبرزه اتفاق الدولتين على دعوة الأطراف الليبية إلى وقف لإطلاق النار في 12 من يناير الماضي.
وحول إمكانية قبول حكومة الوفاق بالجلوس على الطاولة والتفاوض، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري، يرى الباحث السياسي الليبي، سعيد الجواشي، أن منتهى الفصل الحالي من الأزمة الليبية سيكون حول طاول مفاوضات سياسية جديدة، لكنه أكد أن ما يجري حاليا هو ترتيب أوراق التفاوض حول الطاولة.
وتبدو تلك الترتيبات بشأن الاتفاق على نقاط معينة تتوقف عندها قوات الحكومة لأسباب منها، الخوف من سيطرة قوات الحكومة على مواقع النفط ما بعد سرت، من جانب، ومخاوف انجراف المنطقة إلى حرب أوسع لعدم قبول قبائل الشرق الليبي بخروج مواقع النفط من سيطرتها.
ويعلق الجواشي بأن هذه المخاوف عندها ستكون من جانبين، من جانب القاهرة التي ترى في ورقة النفط الورقة الوحيدة المتبقية للعب بها لحفظ مصالحها، ومن جانب تركيا حليف حكومة الوفاق التي ترى أن قوات الحكومة ستدخل حربا خاسرة في الصحراء المفتوحة التي تسيطر عليها قبائل شرق ليبيا، خصوصا في منطقة الهلال النفطي وحوض النفط.
ولم يخف صالح، خلال تصريحاته الأخيرة، أن مبادرته السياسية هي نفسها التي أعلن عنها في القاهرة، ما يراه الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، تأكيدا على اختيار القاهرة لرئيس مجلس النواب الحل السياسي كبديل على فشل حفتر العسكري، مؤكدا أن "عقيلة صالح هو الشخصية الأبرز في معسكر شرق البلاد، مقابل البدء التدريجي لاختفاء حفتر من المشهد".
وإن يرى البرق في عودة البعثة الأممية للواجهة مجددا وإعلانها عن بدء لقاءاتها، منذ نهاية الأسبوع الماضي، بشأن العودة للمفاوضات لجنة 5+5 دليلا على قناعة دولية بضرورة العودة للتفاوض والحلول السياسية، إلا أنه لا يرى في مبادرة عقيلة التي تبنتها القاهرة شكلا مناسبا للحل، مرجحا أن تبدأ المفاوضات السياسية في التوافق حول خارطة طريق جديدة.
وقال "عندما تصف مبادرة عقيلة والقاهرة قوات حفتر بالجيش وقوات الحكومة بالمليشيات وتطالب بحلها، يعني ذلك أنها مبادرة للضغط للقبول بالتفاوض السياسي أكثر منها مبادرة للحل".
ويرجح البرق أن الفترة الراهنة تبحث مسألة تحديد شكل الميدان ومواقع السيطرة وبدء إشغال اللجنة العسكرية 5+5 مقابل تأجيل الحديث عن الحل السياسي، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة لم تحزم أمرها بشأن بديل غسان سلامة حتى الآن، ولا يزال منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا شاغراً.