10 نوفمبر 2024
جنيف... المعركة المؤجلة
على الرغم من أن الاجتماع ضم وزيري الخارجية المنخرطين في الشأن السوري حتى النخاع، الأميركي جون كيري والروسي سيرجي لافروف، لم يتمكن المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، بعده من تحديد موعدٍ ثابتٍ لجولة مفاوضات جديدة في جنيف، ولا يفهم من لعثمته إلا أن مثل هذا الاجتماع لن يعقد قريباً.
في الأسابيع الأخيرة، أصبحت الهدنة حدثاً إعلامياً أكثر منه ميدانياً، وازدادت الخروق، حتى شملت معظم الجبهات، أما غرفة عمليات حميميم فقد صارت مجرد نكتة.
تتمسك روسيا بتمديد الهدنة، وقد أنشأت غرفة عمليات، لا تزال تُصدر أنباءً عن الخروق، في عملية تأكيد غير مباشر لاستمرارها، ولرضى أميركا عن هذا الوضع، على اعتبار أن تأمين وقف لإطلاق النار يخفِّض عدد الوفيات في بعض المناطق الساخنة، هو أقصى ما يمكن للمجتمع الدولي أن يقدمه للسوريين. ويحاول المتقاتلون على الأرض الاستفادة من فرصة الوقت الضائع، قبل تحديد موعد مشاورات جديدة لتحقيق بضع مكاسب، يعتقدون أنها تؤدي نفعاً خلال عملية توزيع الامتيازات لاحقاً.
حشدت روسيا زخماً إعلامياً، سبق معركةً سمتها تحرير الرقة، للتخلص من خطر داعش هناك، وتصدرت قوات سورية الديمقراطية، مع ما دعي أخيراً "جيش الثوار"، بقيادة جمال معروف، المشهدَ باعتبارهم الورقة الميدانية التي ستدعم الغطاء الجوي الأميركي والروسي، في عملية استرداد الرقة من جنود تنظيم الدولة الإسلامية.
بدأت الحملة بتمهيد إعلامي كثيف، رافقه وابل من قصف جوي، على أطراف مدينة الرقة وريفها البعيد، أدّى، كما جاء في عواجل الأخبار، إلى تحرير جزء في شمال المحافظة، الأمر الذي اعتبره مقربون من روسيا بداية النهاية للتنظيم المسيطر على المدينة، مع غض النظر عن التقدم الأخير لداعش في مدينة مارع، على حساب قوى محسوبة على المقاتلين المعتدلين.
غطّى تقدم الجيش العراقي، والقوات المتحالفة معه، إلى تخوم مدينة الفلوجة، على المعارك التي من المفترض أنها ستتواصل لتحرير الرقة السورية، من دون أن ترشح أخبار أو إشاعات تفيد بموعد اقتحام المدينة التي تتضوّر منذ سيطرة التنظيم عليها بشكل كامل.
يتواطأ النظام في سورية مع كل ما تدعوها روسيا عملية تحرير، ويستبعد من حساباته إمكانية الوصول، في المفاوضات، إلى أي حلٍّ لا يضمن استمراره بشكل يشابه ما كانت عليه الحال قبل ثورة مارس/ آذار 2011. ويتحرّك في أروقة الأمم المتحدة وكأنه لا يزال يمسك بزمام المساحة السورية كاملة. أما ميدانياً فهو يبدو عاجزاً في كل مكان، لا تغطيه مقاتلات السوخوي.
لم تكن فكرة سورية المجدية خياراً طوعياً، أو خطة مرسومة مسبقاً، أُعدّت حسب ما يمتلكه النظام، أو ما يمكنه الدفاع عنه، بل جاءت نتيجة ظروفٍ راهنة، فرضت نفسها عليه، يعتبرها النظام مؤقتةً، ويؤجل استعادة باقي الأراضي إلى حين تسنح الظروف. وفي سياق ذلك، تستميت اليوم قوات الأسد لاستعادة مدينة حلب، وتبرّر الأمر أمام مؤيديها الذين تعرّضوا، منذ أيام، لحوادث تفجير انتقامية أودت بحياة مدنيين، بأن حلب تملك أهمية استراتيجية وتراثية فريدة. مع علمنا أن الزخم الكلامي الذي يدور حول حلب ناجم عن أنها العاصمة الاقتصادية، وبأن مصانعها قد دمّرت، وأن صناعييها الذين يشكلون العصب الأساس لهذا الاقتصاد ارتحلوا بشكل شبه كامل عن جغرافيا المدينة، إلا أن إعلام النظام وجنوده والقوة الضاربة لحلفائه الروس والايرانيين ما زالوا ينجذبون إلى حلب، كأنهم قطع من المعدن، تلعب المدينة العريقة دور المغناطيس الذي يشدّهم، وفق قوانين طبيعية ليس لهم يد في وضعها.
يأتي غياب موعد مفاوضات جديدة منسجماً مع ما يبحث عنه نظام الأسد الذي ما زال يعيش على وهم استرجاع سورية كاملة، ولن تقنعه مخرجات أي عملية تفاوضٍ، ليغادر بوابة المفاوضات، متخلياً طوعاً عن أصغر المدن السورية، حتى وإن كان الحديث عن مدينة إدلب أو ريف دير الزور.
في الأسابيع الأخيرة، أصبحت الهدنة حدثاً إعلامياً أكثر منه ميدانياً، وازدادت الخروق، حتى شملت معظم الجبهات، أما غرفة عمليات حميميم فقد صارت مجرد نكتة.
تتمسك روسيا بتمديد الهدنة، وقد أنشأت غرفة عمليات، لا تزال تُصدر أنباءً عن الخروق، في عملية تأكيد غير مباشر لاستمرارها، ولرضى أميركا عن هذا الوضع، على اعتبار أن تأمين وقف لإطلاق النار يخفِّض عدد الوفيات في بعض المناطق الساخنة، هو أقصى ما يمكن للمجتمع الدولي أن يقدمه للسوريين. ويحاول المتقاتلون على الأرض الاستفادة من فرصة الوقت الضائع، قبل تحديد موعد مشاورات جديدة لتحقيق بضع مكاسب، يعتقدون أنها تؤدي نفعاً خلال عملية توزيع الامتيازات لاحقاً.
حشدت روسيا زخماً إعلامياً، سبق معركةً سمتها تحرير الرقة، للتخلص من خطر داعش هناك، وتصدرت قوات سورية الديمقراطية، مع ما دعي أخيراً "جيش الثوار"، بقيادة جمال معروف، المشهدَ باعتبارهم الورقة الميدانية التي ستدعم الغطاء الجوي الأميركي والروسي، في عملية استرداد الرقة من جنود تنظيم الدولة الإسلامية.
بدأت الحملة بتمهيد إعلامي كثيف، رافقه وابل من قصف جوي، على أطراف مدينة الرقة وريفها البعيد، أدّى، كما جاء في عواجل الأخبار، إلى تحرير جزء في شمال المحافظة، الأمر الذي اعتبره مقربون من روسيا بداية النهاية للتنظيم المسيطر على المدينة، مع غض النظر عن التقدم الأخير لداعش في مدينة مارع، على حساب قوى محسوبة على المقاتلين المعتدلين.
غطّى تقدم الجيش العراقي، والقوات المتحالفة معه، إلى تخوم مدينة الفلوجة، على المعارك التي من المفترض أنها ستتواصل لتحرير الرقة السورية، من دون أن ترشح أخبار أو إشاعات تفيد بموعد اقتحام المدينة التي تتضوّر منذ سيطرة التنظيم عليها بشكل كامل.
يتواطأ النظام في سورية مع كل ما تدعوها روسيا عملية تحرير، ويستبعد من حساباته إمكانية الوصول، في المفاوضات، إلى أي حلٍّ لا يضمن استمراره بشكل يشابه ما كانت عليه الحال قبل ثورة مارس/ آذار 2011. ويتحرّك في أروقة الأمم المتحدة وكأنه لا يزال يمسك بزمام المساحة السورية كاملة. أما ميدانياً فهو يبدو عاجزاً في كل مكان، لا تغطيه مقاتلات السوخوي.
لم تكن فكرة سورية المجدية خياراً طوعياً، أو خطة مرسومة مسبقاً، أُعدّت حسب ما يمتلكه النظام، أو ما يمكنه الدفاع عنه، بل جاءت نتيجة ظروفٍ راهنة، فرضت نفسها عليه، يعتبرها النظام مؤقتةً، ويؤجل استعادة باقي الأراضي إلى حين تسنح الظروف. وفي سياق ذلك، تستميت اليوم قوات الأسد لاستعادة مدينة حلب، وتبرّر الأمر أمام مؤيديها الذين تعرّضوا، منذ أيام، لحوادث تفجير انتقامية أودت بحياة مدنيين، بأن حلب تملك أهمية استراتيجية وتراثية فريدة. مع علمنا أن الزخم الكلامي الذي يدور حول حلب ناجم عن أنها العاصمة الاقتصادية، وبأن مصانعها قد دمّرت، وأن صناعييها الذين يشكلون العصب الأساس لهذا الاقتصاد ارتحلوا بشكل شبه كامل عن جغرافيا المدينة، إلا أن إعلام النظام وجنوده والقوة الضاربة لحلفائه الروس والايرانيين ما زالوا ينجذبون إلى حلب، كأنهم قطع من المعدن، تلعب المدينة العريقة دور المغناطيس الذي يشدّهم، وفق قوانين طبيعية ليس لهم يد في وضعها.
يأتي غياب موعد مفاوضات جديدة منسجماً مع ما يبحث عنه نظام الأسد الذي ما زال يعيش على وهم استرجاع سورية كاملة، ولن تقنعه مخرجات أي عملية تفاوضٍ، ليغادر بوابة المفاوضات، متخلياً طوعاً عن أصغر المدن السورية، حتى وإن كان الحديث عن مدينة إدلب أو ريف دير الزور.