لم تكن بعض نتائج المسابقة الرسمية، الخاصّة بالدورة الـ 38 (15 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) لـ "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، متوافقة ومزاجا نقديّا عاما، مرتبكا أصلاً في مشاهدته أفلاماً تتنافس على الجوائز السبع. وهذا أمرٌ معتادٌ، إذْ نادراً ما تلتقي آراء النقاد والمشاهدين وأعضاء لجان التحكيم، لأن الهوّة بينهم شاسعة، ولأن أمزجتهم متضاربة، ولأن آلية عمل لجان التحكيم ترتكز على هواجس أعضائها، وأهواء مهرجاناتها، وتوجّهات منظّمي المهرجانات تلك، في حين أن للنقاد والمشاهدين أساليب مغايرة لمُشاهداتٍ مختلفة، تتحرّر من كلّ حساب تفرضه آليات العمل هذه.
ذلك أن إثارة "ميموزا" للفرنسي أوليفر لاكس، الموغل في مشهديات تأمليّة غامضة، درجةً من الحساسية لدى نقاد ومشاهدين، لم يَحُلْ دون فوزه بجائزتي "الهرم الذهبي لأفضل فيلم"، ينالها منتجوه فيليبي لاجي وناديا تورنسيس ولميا شْرايبي وميشال ميركت وجولي غاييه، وأفضل ممثل، يحصل عليها شكيب بن عمرو. وأن يواجَه "يوم للستات"، للمصرية كاملة أبو ذكري (افتتاح الدورة الـ 38)، بكمٍّ من المقالات والتعليقات السلبية، فهذا لم يمنع لجنة التحكيم، برئاسة الألماني كريستيان بيتزولد، من منح ناهد السباعي جائزة أفضل ممثلة، عن دورها فيه.
والفرق شاسعٌ بين الفيلمين، درامياً وجمالياً، إذْ إن "ميموزا" منحازٌ إلى لحظات بصرية موغلة في تأملاتها الشاعرية، المرتبكة والقلقة، في أحوال أفراد يعبرون الصحراء والتحدّيات والمصائب، ليُحققوا أمنية شيخٍ متوفى، تتمثل بدفنه في قريته؛ في حين أن "يوم للستات" يتوق إلى التعمّق في انفعالات نساء، يُسمَح لهنّ باستخدام "مسبح عام"، ليوم واحد فقط، حيث لن تكتفي الكاميرا بتعرية أحوالهنّ وهواجسهنّ فقط، بل أيضاً أحوال بيئة واجتماع، وهواجس أناس يُحيطون بهنّ. وهذا كلّه بلغة سينمائية عادية.
لكن، في المقابل، ينال الإيطالي "غرباء تماماً"، لباولو جينوفيزي، "جائزة نجيب محفوظ لأفضل سيناريو"، الموزّعة على كتّابه، وهم (بالإضافة إلى جينوفيزي): فيليبّو بولونيا، وباولو كوستيلا، وباولا مامّيني، ورولاندو رافيلّو. هنا، تتجلّى السخرية الكوميدية في صُورٍ سينمائية جميلة، تستند إلى سيناريو متين الكتابة، يكشف أحد أسوأ مآزق الحياة العصرية، المتمثّل بالهاتف الخلوي، وبعلاقة الناس به، وبما يحتويه من أسرارٍ شخصية، تُخفي حقائق مرتبطة بالعلاقات مع الآخرين؛ وإلى أداء يتلاءم ومناخٍا ضاغطا، داخل غرفة الطعام، في سهرة عشاء؛ وإلى تصوير تُستكمل حِرفيته بمونتاجٍ يؤكّد فداحة المآزق والصدامات والأكاذيب.
في الإطار نفسه، يحصل "قطار الملح والسكر" للبرازيلي ليتشينيو أزيفيدو، بجائزة "الهرم الفضي جائزة لجنة التحكيم الخاصّة"؛ و"قتلة على كراسي متحرّكة"، للمجري أتيلاّ تيل، بجائزة "الهرم البرونزي لأفضل أول أو ثاني عمل"؛ و"لسنا بمفردنا أبداً"، للتشيكي بيتر فاكلاف، بجائزة أفضل مساهمة فنية.
وإذْ يستعيد الأول مناخ حربٍ أهلية في موزامبيق، محاولاً التقاط نبض اللحظة، على مستويي الفرد والعلاقات الإنسانية، فإنّ الثاني يتابع مسار 3 أصدقاء، اثنان منهم مُقعدان، يُقرِّرون تقديم خدماتهم لإحدى المافيات المحلية، فينتج عن ذلك مسارٌ تصاعدي من التحدّيات والمواجهات. بينما يسرد الثالث وقائع يومية لشخصيات مقيمة على الحدود الفاصلة بين القلق والألم والوحدة والعزلة، والرغبات الدفينة في الحبّ والعلاقات العابرة والتواصل.
يُذكر أن لجنة التحكيم (برئاسة الألماني بيتزولد) مؤلّفة من الممثلتين المصرية أروى جوده والأردنية صبا مبارك، والمخرجين شيخ عمر سيسوكو (مالي)، والبولندي فيليب بايون، والمصري هاني خليفة، والصينية لي يو، والأميركية ماري سويني، والمنتجة الأسترالية روبين كرشاو.
من ناحية أخرى، فإن الدورة الـ 38 لمهرجان القاهرة تتضمّن مسابقاتٍ، تتوزّع على برامج حديثة، كـ "أسبوع النقد" و"آفاق السينما العربية"، بالإضافة إلى "سينما الغد الدولية". أما جوائز المسابقة الأولى، فجاءت على النحو التالي: "جائزة شادي عبد السلام"، لـ "في المنفى" (لاتفيا ليتوانيا)، لدافيس سيمانيس؛ و"جائزة فتحي فرج لأفضل إسهام فني"، للمُصوِّر السينمائي بافل خروتشيبا، عن عمله في "زود" (ألمانيا بولندا) لمارتا مينوروفيتش.
وتوزّعت جوائز المسابقة الثانية على "حرائق" للسوري محمد عبد العزيز (جائزة لجنة التحكيم الخاصّة، وقيمتها المالية 50 ألف جنيه مصري، تمنحها "كلينك محمد حفظي" و"فيرست استب")، و"زيزو" للتونسي فريد بوغدير (جائزة أفضل فيلم، وقيمتها المالية 75 ألف جنيه مصري، تمنحها "شركة ألماسة"). بالإضافة إليهما، هناك شهادتا تقدير لـ "لحظات انتحارية" للمصرية إيمان النجار، و"بركة يُقابل بركة" للسعودي محمود صباغ.
أما المسابقة الثالثة، فتُقدِّم جائزتين اثنتين: جائزة لجنة التحكيم الخاصة، لـ "الناحية الأخرى لنهر دومان" (كوريا الجنوبية)، لسي وونغ باي؛ و"جائزة يوسف شاهين لأفضل فيلم قصير"، لـ "عدن" (كولومبيا)، لأندريس راميريز بوليدو. بالإضافة إلى 3 شهادات تقدير: "صعود" للبرتغالي بيدرو بيرالتا، و"نزهة" للكرواتي يوري بافلوفيتش، و"روزينيا" للبرازيلي غْوِي كامبوس.
اقــرأ أيضاً
ذلك أن إثارة "ميموزا" للفرنسي أوليفر لاكس، الموغل في مشهديات تأمليّة غامضة، درجةً من الحساسية لدى نقاد ومشاهدين، لم يَحُلْ دون فوزه بجائزتي "الهرم الذهبي لأفضل فيلم"، ينالها منتجوه فيليبي لاجي وناديا تورنسيس ولميا شْرايبي وميشال ميركت وجولي غاييه، وأفضل ممثل، يحصل عليها شكيب بن عمرو. وأن يواجَه "يوم للستات"، للمصرية كاملة أبو ذكري (افتتاح الدورة الـ 38)، بكمٍّ من المقالات والتعليقات السلبية، فهذا لم يمنع لجنة التحكيم، برئاسة الألماني كريستيان بيتزولد، من منح ناهد السباعي جائزة أفضل ممثلة، عن دورها فيه.
والفرق شاسعٌ بين الفيلمين، درامياً وجمالياً، إذْ إن "ميموزا" منحازٌ إلى لحظات بصرية موغلة في تأملاتها الشاعرية، المرتبكة والقلقة، في أحوال أفراد يعبرون الصحراء والتحدّيات والمصائب، ليُحققوا أمنية شيخٍ متوفى، تتمثل بدفنه في قريته؛ في حين أن "يوم للستات" يتوق إلى التعمّق في انفعالات نساء، يُسمَح لهنّ باستخدام "مسبح عام"، ليوم واحد فقط، حيث لن تكتفي الكاميرا بتعرية أحوالهنّ وهواجسهنّ فقط، بل أيضاً أحوال بيئة واجتماع، وهواجس أناس يُحيطون بهنّ. وهذا كلّه بلغة سينمائية عادية.
لكن، في المقابل، ينال الإيطالي "غرباء تماماً"، لباولو جينوفيزي، "جائزة نجيب محفوظ لأفضل سيناريو"، الموزّعة على كتّابه، وهم (بالإضافة إلى جينوفيزي): فيليبّو بولونيا، وباولو كوستيلا، وباولا مامّيني، ورولاندو رافيلّو. هنا، تتجلّى السخرية الكوميدية في صُورٍ سينمائية جميلة، تستند إلى سيناريو متين الكتابة، يكشف أحد أسوأ مآزق الحياة العصرية، المتمثّل بالهاتف الخلوي، وبعلاقة الناس به، وبما يحتويه من أسرارٍ شخصية، تُخفي حقائق مرتبطة بالعلاقات مع الآخرين؛ وإلى أداء يتلاءم ومناخٍا ضاغطا، داخل غرفة الطعام، في سهرة عشاء؛ وإلى تصوير تُستكمل حِرفيته بمونتاجٍ يؤكّد فداحة المآزق والصدامات والأكاذيب.
في الإطار نفسه، يحصل "قطار الملح والسكر" للبرازيلي ليتشينيو أزيفيدو، بجائزة "الهرم الفضي جائزة لجنة التحكيم الخاصّة"؛ و"قتلة على كراسي متحرّكة"، للمجري أتيلاّ تيل، بجائزة "الهرم البرونزي لأفضل أول أو ثاني عمل"؛ و"لسنا بمفردنا أبداً"، للتشيكي بيتر فاكلاف، بجائزة أفضل مساهمة فنية.
وإذْ يستعيد الأول مناخ حربٍ أهلية في موزامبيق، محاولاً التقاط نبض اللحظة، على مستويي الفرد والعلاقات الإنسانية، فإنّ الثاني يتابع مسار 3 أصدقاء، اثنان منهم مُقعدان، يُقرِّرون تقديم خدماتهم لإحدى المافيات المحلية، فينتج عن ذلك مسارٌ تصاعدي من التحدّيات والمواجهات. بينما يسرد الثالث وقائع يومية لشخصيات مقيمة على الحدود الفاصلة بين القلق والألم والوحدة والعزلة، والرغبات الدفينة في الحبّ والعلاقات العابرة والتواصل.
يُذكر أن لجنة التحكيم (برئاسة الألماني بيتزولد) مؤلّفة من الممثلتين المصرية أروى جوده والأردنية صبا مبارك، والمخرجين شيخ عمر سيسوكو (مالي)، والبولندي فيليب بايون، والمصري هاني خليفة، والصينية لي يو، والأميركية ماري سويني، والمنتجة الأسترالية روبين كرشاو.
من ناحية أخرى، فإن الدورة الـ 38 لمهرجان القاهرة تتضمّن مسابقاتٍ، تتوزّع على برامج حديثة، كـ "أسبوع النقد" و"آفاق السينما العربية"، بالإضافة إلى "سينما الغد الدولية". أما جوائز المسابقة الأولى، فجاءت على النحو التالي: "جائزة شادي عبد السلام"، لـ "في المنفى" (لاتفيا ليتوانيا)، لدافيس سيمانيس؛ و"جائزة فتحي فرج لأفضل إسهام فني"، للمُصوِّر السينمائي بافل خروتشيبا، عن عمله في "زود" (ألمانيا بولندا) لمارتا مينوروفيتش.
وتوزّعت جوائز المسابقة الثانية على "حرائق" للسوري محمد عبد العزيز (جائزة لجنة التحكيم الخاصّة، وقيمتها المالية 50 ألف جنيه مصري، تمنحها "كلينك محمد حفظي" و"فيرست استب")، و"زيزو" للتونسي فريد بوغدير (جائزة أفضل فيلم، وقيمتها المالية 75 ألف جنيه مصري، تمنحها "شركة ألماسة"). بالإضافة إليهما، هناك شهادتا تقدير لـ "لحظات انتحارية" للمصرية إيمان النجار، و"بركة يُقابل بركة" للسعودي محمود صباغ.
أما المسابقة الثالثة، فتُقدِّم جائزتين اثنتين: جائزة لجنة التحكيم الخاصة، لـ "الناحية الأخرى لنهر دومان" (كوريا الجنوبية)، لسي وونغ باي؛ و"جائزة يوسف شاهين لأفضل فيلم قصير"، لـ "عدن" (كولومبيا)، لأندريس راميريز بوليدو. بالإضافة إلى 3 شهادات تقدير: "صعود" للبرتغالي بيدرو بيرالتا، و"نزهة" للكرواتي يوري بافلوفيتش، و"روزينيا" للبرازيلي غْوِي كامبوس.