وتنظر بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بكثير من التفاؤل إلى نتائج الجولة الحالية التي تنعقد في المغرب، إذ تعتبرها جولة حاسمة، بالاستناد إلى عاملين رئيسيين. الأول أنها تأتي بعد تقديم المبعوث الأممي، برناردينو ليون، ملاحظاته على مسودة الاتفاق السياسي، والثاني قبول المؤتمر الوطني العام في طرابلس المشاركة في المفاوضات الجارية.
كذلك يضاف إلى ذلك الضغوط الإقليمية والدولية على طرفي النزاع للتوصل إلى تسوية تعيد توحيد المؤسسات الرئيسية للدولة وتفعيل عملها، لا سيما في ظل التهديد الذي بات يمثله تنظيم "داعش" فضلاً عن المساعي لإيجاد حلول لمشكلة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، والتي باتت ليبيا أحد أبرز مراكزها.
وكانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، قد دعت جميع الأطراف السياسية المعنية بالنزاع في البلاد، إلى استغلال فرصة الجولة الجديدة من الحوار في الصخيرات المغربية، من أجل "تحمل مسؤولياتها التاريخية في الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا لبلادها"، باعتبار أنه "ليس هناك من حل خارج الإطار السياسي".
اقرأ أيضاً: تعديل مسودة ليون يمهّد لاتفاق ليبي
وعلى جدول أعمال مفاوضات السلام في جولتها الخامسة، بين برلمان طبرق المنحل والمؤتمر الوطني الليبي العام في طرابلس المنتهية ولايته، التباحث بخصوص تنفيذ وقف إطلاق النار وإعادة استتباب الأمن، فضلاً عن نزع أسلحة المجموعات المسلحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأكد مصدر في وزارة الخارجية المغربية، لـ"العربي الجديد"، أن الجولة الحالية تتوفر فيها كامل حظوظ النجاح وإفراز اتفاق سياسي بين الفرقاء الليبيين، بهدف نزع فتيل العنف وانعدام الأمن اللذين باتا يهددان مستقبل ليبيا.
وفي ما يتعلق بالمباحثات الإضافية حول الوضع في ليبيا، سواء التي تستضيفها الجزائر، أو تلك التي عقدت في القاهرة يوم الأحد الماضي في سياق الاجتماع الوزاري الثلاثي المصري الجزائري الإيطالي، شدد الدبلوماسي المغربي على أن "الحوار في الصخيرات هو الأساس، وجولات الحوار الأخرى مكملة لما هو رئيسي".
من جهته، اعتبر مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، إدريس لكريني، أن الوضع في ليبيا وصل إلى مرحلة جد متقدمة من التأزم، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الأمني. وهو وضع لا تقتصر تداعياته على الداخل الليبي بل يطال المنطقة المغاربية برمتها.
وأوضح لكريني لـ"العربي الجديد" أن "البحث عن حل للخروج من المأزق الحالي لن يكون في صالح الليبيين لوحدهم بل هو خيار سيقي المنطقة من تطورات ومتاهات خطيرة، إذا ما استحضرنا توجه الجماعات المسلحة إلى الأراضي الليبية الشاسعة وانتعاشها في فضاء إقليمي تغيب فيه السلطة المركزية. ويضاف إلى ذلك التهافت الدولي على البلاد الغنية بالثروات النفطية والموقع الاستراتيجي، وإمكانية تدخل مجلس الأمن الدولي بموجب الفصل السابع".
ووفقاً للكريني، فإن جميع هذه الأوضاع تجعل من تجاوز الإشكالات التي رافقت الجولات السابقة من المفاوضات أمراً ضرورياً وملحاً، لكنه يلفت إلى أن "نجاح هذا الحوار الذي يستضيفه المغرب يظل بحاجة إلى توافر حسن نية الأطراف الليبية المتصارعة، واستحضارها لآلام الليبيين ورغبتهم في تجاوز الأوضاع الراهنة". ولفت إلى أن "المفاوضات، كأسلوب لإدارة الأزمات، تنطوي على أهمية كبيرة. فقد أسهمت في حل العديد من الأزمات والنزاعات الإقليمية والدولية المعقدة، لكن التفاوض لا يفرز حلولاً سحرية أو آنية". كذلك أوضح أنه "بناءً على التجارب الدولية، فإن هناك مفاوضات تطلبت جولات مطولة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بصراعات على قدر كبير من التشابك والتعقيد يتداخل فيها المحلي بالخارجي".
واعتبر لكريني أن عودة الأطراف المتصارعة في ليبيا إلى التفاوض، "يعد في حد ذاته خطوة محورية على طريق التعاطي بجرأة مع القضايا الخلافية الكبرى"، لافتاً إلى أن "هذه الأزمة المكلفة امتدت لسنوات تخللها تأزم الأوضاع الأمنية والسياسية على الأرض، وتهافت القوى الأجنبية على مدخرات البلاد".
ونبّه مدير مجموعة الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات إلى أن هذه العوامل، يُضاف إليها عدم قبول دول الاتحاد الأوروبي بوجود بؤرة توتر على حدودها البحرية الجنوبية، سيدفع مختلف الفرقاء الليبيين إلى بلورة توافقات حول القضايا التي ستطرح على مائدة المفاوضات بما يسمح بحلحلة الوضع.
اقرأ أيضاً: ليبيا.. بين "مسوّدة ليون" و"سواد داعش"