يواصل العاهل المغربي الملك محمد السادس، بوصوله نيجيريا في وقت متأخر، ليلة أمس الخميس، لأوّل مرة منذ وصوله إلى سدة الحكم في يوليو/ تموز عام 1999، جولته على عدد من البلدان الأفريقية التي عرفت بتأييدها لجبهة "البوليساريو" المتنازعة مع المغرب، والمطالبة بانفصال الصحراء عن سيادة المملكة.
وزار الملك كلاً من إثيوبيا ومدغشقر، ومن المرتقب أن يتوجّه بعد زيارة نيجيريا لبضعة أيام، ولقاء رئيسها محمد بوخاري، وهي الدولة التي تناصر أطروحة جبهة "البوليساريو" قبل وصول الأخير للحكم، إلى كل من كينيا وزامبيا، وهي بلدان أفريقية ترفض بدورها الحلّ الذي يقترحه المغرب لمشكلة الصحراء، متمثًلا في الحكم الذاتي للمناطق الصحراوية.
ويرى مراقبون أنّ الدبلوماسية التي يقودها الملك المغربي في القارة السمراء تستميل بلداناً في أفريقيا معروفة بتوجّهها المعادي لوحدة الصحراء، ومناصرة لجبهة "البوليساريو" التي تدعمها الجزائر، وذلك في محاول لسحب البساط من تحت الجبهة، وكسب تأييد هذه الدول في معركة الانضمام إلى منظمة الاتحاد الأفريقي.
في هذا الصدد، يقول الخبير في العلاقات الدولية سعيد الصديقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "زيارة العاهل المغربي إلى هذه البلدان الأفريقية تحكمها سياقات سياسية أكثر من العوامل الاقتصادية"، معتبراً أنّ "الدبلوماسية المغربية تمهّد لعودة الرباط إلى الاتحاد الأفريقي بعد انسحاب المملكة منه عام 1984 بسبب اعتراف المنظمة حينها بما يسمى الجمهورية الصحراوية".
ويعزّز هذا التوجّه، التصريحات التي أدلى بها وزير الشؤون الخارجية النيجيري جوفري أونياما، حين قال إنّ "قرار المغرب العودة إلى كنف الاتحاد الأفريقي يعتبر تطوّراً مرحباً به"، معتبراً أنّه "ليس من مصلحة الاتحاد بقاء المغرب خارج المنظمة الأفريقية".
وشدد المسؤول الحكومي النيجيري على أنّ المغرب، الذي حقق نجاحات هامة في مجال "مكافحة الإرهاب"، هو "شريك ناجح وموثوق به في العديد من دول أفريقيا جنوب الصحراء"، مضيفاً أنّ "بلدان هذه المنطقة تأمل في إرساء تعاون فعال مع المغرب في هذا المجال".
من جهته، رأى وزير الاتصال النيجيري بريستر عبدور رحيم أديبايو شيتو أنّ زيارة الملك المغربي إلى نيجيريا، "ستسمح بتقارب استراتيجي بين جمهورية نيجيريا الفدرالية والمملكة المغربية"، معتبراً أنّ الزيارة "ستتيح فرصاً جديدة في مجال التعاون بين البلدين، وتبادلاً للخبرات وللتجارب".
ويرى مراقبون أنّه لكسب ود نيجيريا والدول الأفريقية التي لا تؤيد موقف المغرب من قضية الصحراء، فإنّ المملكة تخرج ورقة الاقتصاد لمساعدة هذه البلدان، وإبرام اتفاقيات ثنائية هامة معها، من قبيل مشروع مرتقب، للإعلان عن بناء خط أنابيب للغاز يربط بين نيجيريا والمغرب، على طول بلدان ساحل غرب أفريقيا.
وبحسب مصادر إعلامية في البلدين، لـ"العربي الجديد"، فإنّ هذا المشروع سيمكّن من تسهيل نقل الغاز النيجيري نحو السوق الأوروبية، وهو المشروع الذي ساعدت عليه اتفاقيات تفاهم، وقّعها المغرب في العديد من العواصم الأفريقية، لا سيما تلك التي ستمرّ بها أنابيب الغاز.