يحذّر وزير القدس السابق، مسؤول ملف القدس في حركة "فتح"، حاتم عبد القادر، من انفجار مقبل سيجد الفلسطينيون أنفسهم مضطرين لخوض غماره للدفاع عن أنفسهم في مواجهة سيناريو الترحيل والطرد الذي طبّقته العصابات الصهيونية ومنظمات الإرهاب اليهودية في عام 1948، وتحاول منظمات الإرهاب الحديثة استنساخه وتطبيقه في هذه المرحلة من تاريخ الشعب الفلسطيني، مع توالي الاعتداءات الإرهابية الخطيرة على المواطنين مستهدفة إياهم بالحرق والاختطاف، والاقتحامات الليلية للبلدات والقرى الفلسطينية بحماية قوات الاحتلال التي تتواطأ مع هؤلاء المجرمين الإرهابيين وتوفر لهم الدعم والحماية.
عبد القادر، والذي كان عضواً في القيادة الموحّدة للانتفاضة الأولى، يرى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الصورة الآن باتت مقلوبة ومعكوسة تماماً عما كانت عليه الأوضاع في أواخر ثمانينيات القرن الماضي وفي ذروة الانتفاضة الأولى، حين كان المستوطنون يحسبون ألف حساب لنشطاء الانتفاضة، ويخشون التنقل إلا بحراسة الجيش وبالمركبات المصفحة"، مضيفاً "الآن هم نحن، ونحن هم. أي أننا بتنا كفلسطينيين نخشى التنقل، وبتنا نخاف من هجماتهم واعتداءاتهم الإرهابية، وقد تغوّلوا علينا واستفردوا بمواطنينا وبمناطقنا، واستباحوها ليلاً، وهو أمر يحدث يومياً وبرعاية جيش الاحتلال الذي يتصرف وكأنه قوة فصل بين معتدين إرهابيين وبين مواطنين آمنين لا حول لهم ولا قوة".
ويعيد عبد القادر هذا الوضع إلى تراجع العمل الميداني وانحساره إلى أبعد مدى بسبب وجود السلطة، والعدد الهائل من المستوطنات والمستوطنين، والتراجع الكبير في الديمغرافية الفلسطينية في الضفة لصالح المستوطنين الذين باتوا يشكّلون الآن نحو 60 في المائة من السكان في مناطق "ج"، تضاف إلى ذلك القيود التي تضعها السلطة أمام المقاومة، والتفاهمات الأمنية بينها وبين الاحتلال، ما ساهم في تغوّل جماعات الإرهاب اليهودية التي باتت تشعر بأنها طليقة وبأن بإمكانها أن تضرب الفلسطينيين أنّى شاءت وكيفما أرادت.
اقرأ أيضاً: عقد على مجزرة شفاعمرو... إرهاب المستوطنين يتمدّد
مع ذلك، يحذّر عبد القادر من أن "هذا الوضع لن يستمر طويلاً، ولا يمكن للفلسطينيين الذين يواجهون أخطاراً حقيقية تهدد مصيرهم ومصير أطفالهم وعوائلهم أن يصبروا طويلاً، وقد تعلموا من تجربة عام 1948، حين كانت العصابات اليهودية تنفذ جرائمها بحق المدنيين العزل في القرى والبلدات، ما يضطرهم للرحيل والنزوح"، مؤكداً أن "هذا لن يحدث أبداً، ولن يجدوا فلسطينياً واحداً يفكر بالرحيل حتى ولو كلفه ذلك حياته".
ويوجّه عبد القادر انتقاداً إلى السلطة الفلسطينية التي يقول إنها لا تمتلك خطة أو رؤية استراتيجية دفاعية لتحمي شعبها من إرهاب المستوطنين واعتداءاتهم، مضيفاً: "لم نشهد أي محاولة جدية من قبل السلطة لكبح جماح المستوطنين، علماً بأنه لدينا عناصر أمن يزيد عدد أفرادها عن 70 ألف عنصر يستهلكون سنوياً 40 في المائة من موازنة السلطة، فلماذا لا يُخصص جزء من عناصر الأمن هؤلاء ليتولوا ولو بلباسهم المدني حماية المناطق الفلسطينية المستهدفة باعتداءات المستوطنين من خلال لجان حماية شعبية، ومن باب أولى أن تقوم بهذه المهمة الشرطة الفلسطينية بدلاً من لجان الحراسة المدنية التي تحاول بإمكاناتها المتواضعة جداً التصدي لاعتداءات الإرهابيين اليهود ومواجهتهم؟". ويأسف لأن "هذا غير موجود، ما يُمكّن المستوطنين من مواصلة جرائمهم كما حدث عند استفرادهم بعائلة دوابشة من دوما، وكما حدث مع الشهيد الفتى محمد أبو خضير".
أما عن الأوضاع في القدس، ومواجهة اعتداءات المستوطنين على مواطنيها وأحيائها، فيؤكد عبد القادر أن "القوى الوطنية والإسلامية في المدينة نجحت أخيراً في تفعيل لجان الحراسة المدنية في عدد من الأحياء المستهدفة باعتداءات المستوطنين"، مشيراً إلى أن "هناك مطالبات من القوى الوطنية بأن تشكّل هذه اللجان تحت مسمى "لجان الحراسة المدنية" على غرار ما كان من لجان بعيد استشهاد الفتى محمد أبو خضير، وأن تتسلّح هذه اللجان بعصي، وكشافات إضاءة، وأجهزة اتصال، وهي في القانون الإسرائيلي غير ممنوعة، وبالتالي لن تتمكن قوات الاحتلال من ملاحقتها".
ويلفت إلى أن "لقاءات عدة جرت في الآونة الأخيرة لغرض تشكيل مزيد من هذه اللجان، علماً بأن هناك لجاناً تعمل فعلياً في الأحياء المتاخمة لمستوطنات القدس، حيث يتركز وجود المنظمات الإرهابية اليهودية فيها، ومن هذه المستوطنات تنطلق الاعتداءات على المواطنين وممتلكاتهم، على مرأى من شرطة الاحتلال التي لا تحرك ساكناً لكبح جماحهم، بل إنها كما هو الحال في الضفة الغربية تبدو متواطئة مع المستوطنين، خصوصاً أن أحد الجنود ووفقاً للمعلومات التي بين أيدينا كان قد سهّل دخول المستوطنين إلى قرية دوما قرب نابلس ما مكّنهم من ارتكاب جريمتهم الإرهابية بحق عائلة دوابشة".
اقرأ أيضاً: ممارسات إسرائيلية تضليلية لتطويق جريمة حرق دوابشة