بعد أكثر من سبعمئة عام على رحيله، يلتقي باحثون ونقّاد عرب في مؤتمر "حازم القرطاجني وقضايا تجديد الرؤية والمنهج في البلاغة العربية القديمة" الذي تنظّمه كلية الآداب والعلوم الإنسانية في "جامعة عبد المالك السعدي" في مدينة تطوان المغربية في الرابع عشر من الشهر الجاري.
على مدار أيام ثلاثة، تحتضن قاعة محمد الكتاني جلساتٍ لاستعادة الشاعر وعالم اللغة الأندلسي (1211 – 1284) الذي يعدّ من أبرز المنظّرين العرب حول عملية التلقّي واجتراح معايير فلسفية وفنية وجمالية تحكمها، حيث تحدّث لأوّل مرة في عصره عن ثالوث الشاعر والنص والمتلقي.
ازداد الاهتمام بصاحب "منهاج البلغاء وسراج الأدباء" في السنوات الأخيرة، حيث حظيت مؤلّفاته بطبعات محقّقة توضّح دوره في تأصيل الشعر العربي عبر اشتراطه المحاكاة والتخييل في كتابته نتيجة تأثّره بآراء أرسطو والفارابي وابن سينا، بعد أن كان سائداً القول بالنظم الذي يفترض تناسق الألفاظ والمعاني فقط.
من هنا، يظهر التقابل بين آراء القرطاجني وما تقدّمه النظريات الأدبية الحديثة في اعتنائها بالنص ووحدة تماسكه وعملية تلقّيه وفي تحقّق أسلوبه ومقاصده، وهي أمور لا تزال تعكس راهنية هذه الآراء والقدرة على تجديدها كما يسعى المشاركون من ثمانية بلدان عربية؛ العراق، وعُمان، والسودان، ومصر، ولبنان، والمغرب.
تتوزع أعمال المؤتمر على خمس جلسات محورية؛ الأولى بعنوان التجديد في المفاهيم: "المحاكاة والتخييل والتناسب"، والثانية "التجديد في الرؤية الشعرية والنقدية في نظرية القرطاجني"، والثالثة "التجديد في البلاغة والعروض"، والرابعة "تجديد القرطاجني في ميزان النظريات الحديثة"، والأخيرة بعنوان "البُعد التداولي في نظرية القرطاجني".
من بين المشاركين؛ محمد الحافظ الروسي بورقة عنوانها "المعاني الثواني عند حازم: كشف وبيان ونمذجة"، فيما تقارب بشرى تاكفراست "نظرية الشعر عند حازم القرطاجني، قراءة في مفهوم الأسلوب ومعنى التناسب الشعري"، ويكشف مصطفى اليعقوبي عن "مفهوم الشعر وقضاياه لدى حازم القرطاجني"، ويتجه أبو الفتوح محمد إلى ملامسة "رؤية جديدة للتصوير الشعري عند حازم القرطاجني عبر أقانيم المحاكاة والتخييل"، وتعالج ابتهال محمد التوم "تناسب المسموعات وفاعليتها في المتلقي".
وتقدّم سحر عبد العليم ورقة بعنوان "بناء النص الشعري عبر منظومة القرطاجني الاصطلاحية"، بينما تقارب مديحة السائح "المنهج البنائي للقصيدة العربية القديمة"، ومحمد القاسمي "مظاهر التجديد في التفكير النقدي عند القرطاجني"، ويتوقّف عدنان أجانة عند "النظم دراسة في المفهوم والمصطلح"، ليرصد أبو الخير الناصري "إشكالية الأصول".
تتناول دراسات الباحثين عبد الإله كنفاوي ومولاي علي السليماني وعبد الواحد الصمدي، قضايا "نظرية الوزن والغرض في الرؤية البلاغية والعروض، أعاريض الشعر، وأثر حازم البلاغي في مصنفات علوم القرآن".
ويعرض عبد المجيد زراقط "النظرية الشعرية، مفاهيمها وجديدها وقربها من النظريات الشعرية الحديثة" في كتاب "منهاج البلغاء وسراج الأدباء"، ويتحدّث أحمد علي ابراهيم الفلاحي عن "ترويض النص وإشكالية التوصيل، رؤية في جذور نظرية الاستقبال في منهاج البلغاء"، فيما يعاين عبد الرحمن بودرع "البيان في المنهاج".
"تداولية المعنى عند حازم القرطاجني: الأسس المنطقية والتناول اللساني" عنوان ورقة عبد الرحمن محمد طعمة، أما بدر بن سالم بن جميل القطيطي، فيتناول "البعد التداولي والنفعية الخطابية عند حازم القرطاجني"، وتختتم بشرى موسى صالح بدراسة "الأعراف التداولية في نقد حازم القرطاجني".