21 يوليو 2021
حاكم أوشينا في غرفة نوم أنستازيا
تكشف أساليب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في تعامله مع معارضيه، والمحتجين على نخبة التحكّم في اقتصاد البلد وأبدية حكم الرجل، أن "الأخ الأكبر" حاضر بيننا، وبأدوات ستاسي "الرفيق" أريش هونيكر (جهاز الاستخبارات في ألمانيا الشرقية "دي دي آر" سابقا)، وكي جي بي العصر السوفياتي، وبوتين خريج المدرسة هذه.
وإذا كان المثل الألماني القديم يقول إنه "عندما تعاشر الحمامة الغراب، يبقى ريشها أبيض، ولكن قلبها يصبح أسود"، فما من شك أنه ليس مستحيلا القول إن بوتين ليس تشي غيفارا، فهو يعاكس فلسفة تناقض الأضداد إلى خراب تحالفات بعقلية غروزنية (الأرض المحروقة بقوة النيران)، فقد وجد في بشار الأسد، ومليشيات إيران، مفتاحا لجزمةٍ عسكريةٍ متوسطية، بانحناء وطأطأة في حضرة أرعن محتل، كبنيامين نتنياهو، حارث أرض سورية قصفا، بصمت "عاصفة السوخوي" و"إس 300".
لا تعني ربطة العنق التي يرتديها بوتين أنه لا يقلد اليانكي/ الكابوي الأميركي، فإذا كان لهم "بلاك ووتر"، فللرفيق بوتين "فاغنر"، ومثلما لهم "حلفاء/ محميات" بمستوى أوشينا، أو دول 1984، فلدى الرفيق أيضا الانقلابيان، خليفة حفتر وعبد الفتاح السيسي. ومن تكون له زملاء مهنة بهذه المستويات فلا غرابة إذاً أن يلحق بالناشطة الروسية الأربعينية، أنستازيا شيفتشينكو، إلى غرفة نومها، وفق ما نقلت مواقع إخبارية عن أهل هذه الناشطة التي تشبه تهمتها تهمة أي ناشط عربي، في أنظمة الفلكين، الروسي والأميركي.
صحيح أن استخبارات واشنطن "حامية الحلفاء"؛ خصوصا في عصر ما فوق الوقاحة، في شرشحة خطابية لملكٍ هنا وابتزازٍ لولي عهد، يسرّبون أنهم "أنقذوا ناشطاً سعودياً" كغيره، في العام المنصرم، من نهاية منشارية كنهاية الصحافي جمال خاشقجي، بيد أن للحقيقة وجهاً آخر، ربما تطبيقاً عملياً لـ"انصر أخاك ظالماً أو مظلومًا".
التلصص قائم أيضا في أميركا نفسها، لكنه لا يلاحق الإنسان، في بيته وفي الشارع، من دون قرار محكمة، فما بالنا بغرف النوم. وفي هذا لا فضل هنا لترامب على بوتين مطلقا.
على كلٍ، ليس جديدا، على وزن المثل الألماني عن المعاشرة بين حمامة وغراب، أن فنادق دولة عربية تستحضر جن الإغواء الجنسي فخا لا ينتهي إلا بخضوع الضحية، جاسوسا وعميلا، فتغفل العين عن قصد عن قتلة الفلسطيني محمود المبحوح في فندق في دبي.
وقد يقال إنه أفضل لأنستازيا أن المحققين الروس صوّروها بملابس داخلية، على أن تنتهي مسمومة، كمحاولة قتل فاشل لسيرغي سكريبال وابنته يوليا (في بريطانيا)، أو كنهاية الصحافية آنا ستيبانوفنا بوليتكوفسكايا (اغتيلت في عام 2006) واغتيال لبوريس نيمتسوف، في صراع الأوليغارشية الروسية على كعكة "رأسمالية موسكو".
وفي الواقع، كل مقاربة تقترب من تبرير الإجرام، بشتى صنوفه، تقود إلى استنتاج أننا نحيا زمن سفالة، بكل معايير ومقاييس القيعان بلا نهايات. ومقياس "الحظوظ" والمفاضلة كارثة، إذا ما سألت عن السعودية لُجين الهذلول ورفيقاتها السوريات، المخفيات قسريا منذ أعوام، سميرة الخليل ورزان زيتونة.. وبقية قائمة عربية طويلة تمتد من صنعاء فالرياض إلى بغداد وبقية مدن أوشينا العربية، فوالدة الإيطالي، جوليو ريجيني، اختزلت قصة الحظوظ السافلة "قتلوه كما لو أنه مصري".
إذن، هل ثمة غرابة في سفالة المشهد؟ المشهد الغريب أن بوتين صديق لـ"الرجعية" التي تدفع لجيشٍ ظله في عصابات فاغنر، ليقتلوا العرب في سورية وليبيا، وحليف في الوقت نفسه لـ"معسكر الممانعة" (التقدّمية سابقا)، وفوق ذلك كله صديق حميم لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
بعيدًا طبعا عن مخيال ذكوري عما التقطته كاميرا الرفيق بوتين في غرفة نومها، فليست أنستازيا سوى تفصيل في حرفية الرجل الذي صادق أنظمة الأسيد والمناشير. وسوريو أوشينا ثمانينيات "القائد الخالد" (حافظ الأسد) يمكنهم أن يخبروا بالكثير، وإنْ كان أبسطها، حين كان يُصفع الرجل ويُركل، يصرخ المحقق في فرع أمني ما من فروع "الصمود والتصدّي": نحن نعرف متى عاشرت زوجتك أمس يا ابن.. آدم.
لا تعني ربطة العنق التي يرتديها بوتين أنه لا يقلد اليانكي/ الكابوي الأميركي، فإذا كان لهم "بلاك ووتر"، فللرفيق بوتين "فاغنر"، ومثلما لهم "حلفاء/ محميات" بمستوى أوشينا، أو دول 1984، فلدى الرفيق أيضا الانقلابيان، خليفة حفتر وعبد الفتاح السيسي. ومن تكون له زملاء مهنة بهذه المستويات فلا غرابة إذاً أن يلحق بالناشطة الروسية الأربعينية، أنستازيا شيفتشينكو، إلى غرفة نومها، وفق ما نقلت مواقع إخبارية عن أهل هذه الناشطة التي تشبه تهمتها تهمة أي ناشط عربي، في أنظمة الفلكين، الروسي والأميركي.
صحيح أن استخبارات واشنطن "حامية الحلفاء"؛ خصوصا في عصر ما فوق الوقاحة، في شرشحة خطابية لملكٍ هنا وابتزازٍ لولي عهد، يسرّبون أنهم "أنقذوا ناشطاً سعودياً" كغيره، في العام المنصرم، من نهاية منشارية كنهاية الصحافي جمال خاشقجي، بيد أن للحقيقة وجهاً آخر، ربما تطبيقاً عملياً لـ"انصر أخاك ظالماً أو مظلومًا".
التلصص قائم أيضا في أميركا نفسها، لكنه لا يلاحق الإنسان، في بيته وفي الشارع، من دون قرار محكمة، فما بالنا بغرف النوم. وفي هذا لا فضل هنا لترامب على بوتين مطلقا.
على كلٍ، ليس جديدا، على وزن المثل الألماني عن المعاشرة بين حمامة وغراب، أن فنادق دولة عربية تستحضر جن الإغواء الجنسي فخا لا ينتهي إلا بخضوع الضحية، جاسوسا وعميلا، فتغفل العين عن قصد عن قتلة الفلسطيني محمود المبحوح في فندق في دبي.
وقد يقال إنه أفضل لأنستازيا أن المحققين الروس صوّروها بملابس داخلية، على أن تنتهي مسمومة، كمحاولة قتل فاشل لسيرغي سكريبال وابنته يوليا (في بريطانيا)، أو كنهاية الصحافية آنا ستيبانوفنا بوليتكوفسكايا (اغتيلت في عام 2006) واغتيال لبوريس نيمتسوف، في صراع الأوليغارشية الروسية على كعكة "رأسمالية موسكو".
وفي الواقع، كل مقاربة تقترب من تبرير الإجرام، بشتى صنوفه، تقود إلى استنتاج أننا نحيا زمن سفالة، بكل معايير ومقاييس القيعان بلا نهايات. ومقياس "الحظوظ" والمفاضلة كارثة، إذا ما سألت عن السعودية لُجين الهذلول ورفيقاتها السوريات، المخفيات قسريا منذ أعوام، سميرة الخليل ورزان زيتونة.. وبقية قائمة عربية طويلة تمتد من صنعاء فالرياض إلى بغداد وبقية مدن أوشينا العربية، فوالدة الإيطالي، جوليو ريجيني، اختزلت قصة الحظوظ السافلة "قتلوه كما لو أنه مصري".
إذن، هل ثمة غرابة في سفالة المشهد؟ المشهد الغريب أن بوتين صديق لـ"الرجعية" التي تدفع لجيشٍ ظله في عصابات فاغنر، ليقتلوا العرب في سورية وليبيا، وحليف في الوقت نفسه لـ"معسكر الممانعة" (التقدّمية سابقا)، وفوق ذلك كله صديق حميم لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
بعيدًا طبعا عن مخيال ذكوري عما التقطته كاميرا الرفيق بوتين في غرفة نومها، فليست أنستازيا سوى تفصيل في حرفية الرجل الذي صادق أنظمة الأسيد والمناشير. وسوريو أوشينا ثمانينيات "القائد الخالد" (حافظ الأسد) يمكنهم أن يخبروا بالكثير، وإنْ كان أبسطها، حين كان يُصفع الرجل ويُركل، يصرخ المحقق في فرع أمني ما من فروع "الصمود والتصدّي": نحن نعرف متى عاشرت زوجتك أمس يا ابن.. آدم.