21 يوليو 2021
عن جيش التحرير الفلسطيني في سورية
قُتل، في شهر سبتمبر/أيلول الحالي وحده، أكثر من 13 عسكريا من جيش التحرير الفلسطيني في سورية، خصوصا في منطقة السويداء التي نشر النظام وحدات منه في الجنوب ومناطق أخرى.
وليس استخدام النظام هذا الجيش مخفيا، فهو مستمر في سنوات الحرب السورية، مع استغلال مشهود للقضية الفلسطينية، لشرعنة زج الفلسطينيين في هذه الحرب. ولم تخفِ قنوات النظام هذه المشاركة، فقد اعتبرتها من "معركة تحرير فلسطين". ومن ذلك، أن قناة العالم الإيرانية قدمت تفصيلا لما قالت عنه "في خنادق جيش التحرير الفلسطيني في سورية: حين لا تضيع البوصلة"، حيث تحدّث قائد هذا الجيش، اللواء محمد طارق الخضرا، في أغسطس/آب 2017، عن مشاركة جيشه قوات النظام في مواجهة الثائرين السوريين.
منذ تأسيسه في 1964، لم يكن القسم السوري لجيش التحرير الفلسطيني أكثر من أداة بعثية، بوسائل "فلسطينية"؛ كالرفاق في تنظيم الصاعقة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، اللذيْن، لم يتركا، مع غيرهما، ساحة إلا ولبّوا نداءها "القومي"، من حروب معمر القذافي، إلى ساحات الرفاق في طهران، والضاحية الجنوبية، من برج البراجنة إلى عين الحلوة ثم البارد والبداوي. وأخيرا من حلب وحندرات إلى حمص وحماة ودرعا، مرورا بالغوطة واليرموك وخان الشيح، وغيرها. وكلها مناطق ليست في الجليل، أو على تخوم طبرية وصفد، ولا الخليل أو نابلس وطولكرم وقلقيلية، ولا على تخوم غلاف غزة، ولا في حواري القدس وشعفاط وأبو ديس، بل هي شمالي سورية وشرقيها وغربيها وجنوبيها.
حين تعرض وسائل إعلام النظام، ومواليه في القنوات الإيرانية، "المسار الحافل بالوطنية" لهذا الجيش، فهي تذكّرنا بإرسال حافظ الأسد جنودا سوريين في عام 1983 إلى طرابلس اللبنانية، يدكّها ويدكّ مخيميها لملاحقة "العرفاتية". ولم يخطر ببال كثيرين أنه "حين لا تضيع البوصلة" يقصد بها كل ما تقدم من مدن فلسطين المحتلة، والتي تأسّس أصلا جيش "تحريرها"، ليكون ذراع منظمة التحرير الفلسطينية.
باستثناء حرب تشرين في 1973، والتي ساهم فيها شبان فلسطينيون واجهوا قوات الاحتلال في مرصد جبل الشيخ، وتاليا في حصار بيروت في 1982، قبل أن يُعاقب قادته لتعاونهم مع "العرفاتية"، أي منظمتهم الأم، منظمة التحرير، لا تاريخ لهذا الجيش.
وعلى مدى سبع سنوات و"الرفيق" الخضرا يكرس عقله العسكري، كما كان سلفه مصباح
البديري، لإعادة تشكيل وعي الشباب الفلسطيني في معسكر مصياف، عبر الضباط الأكثر خبرة و"وطنية خالصة" عن "ضرورة نسيان دكاكين الثورة الفلسطينية"؛ مع حفلات شتم يعرفها كل من كان "غرّا" طاولت ياسر عرفات وجورج حبش ونايف حواتمة، واستثنت دائما الرفيق أحمد جبريل، وخلفاء الرفيق زهير محسن، القوميين "الحكماء".
مئات من الشباب، من بين آلاف مجنّدين إجباريا، من مخيمات سورية، تم زجّهم في حرب نظام الأسد، وحليفيه الإيراني والروسي، ضد ثورة السوريين، فقضوا، وهم يبحثون، مثل رفاقهم من حزب الله عن "طريق القدس"، في اتجاهات الجغرافيا السورية، وعلى تخوم قرى ومدن ومخيمات شعب يجري تشريده، في تغريبةٍ أبشع من تغريبة الأجداد.
رفض آلافٌ من مخيمات سورية، من اليرموك إلى درعا، مشاركة القاتل بوصلته، وغادر آلاف، مثلما غادر شبّان سوريون بلدهم، مفضلين الموت غرقا على تحولهم أكباش فداء، أو ارتزاقا يشبه الذي مورس "قوميا" في جنون القذافي في حروبه مع تشاد.
بين السؤال والآخر، وبينهما ما سبق بكثير زمن الثورة السورية، يذهلك صمت "حركة تحرّر وطني" فلسطينية؛ منذ اعتلاء حافظ الأسد الأول ظهر القضايا القومية، خصوصا "سورية الجنوبية"، فلسطين، على إمعان تاريخي في تحويل "جيش تحرير"، مفترض نظريا أنه يتبعها، إلى استخدام مليشياوي أبعد ما يكون عن فلسطين، شكلا ومحتوى، بغسل أدمغة وبكراهيةٍ بحق
فصائلهم من ناحية، ودكّ أسافين مع الشعب السوري، أو قل البسطاء غير المدركين معاني أن يكون لمن يحمل اسم فلسطين شأن في معركة في السويداء أو حندرات والغوطة وعدرا وغيرها.. ومن غير المفهوم ذلك الجامع بين "الرفاق"، ضباطا وقيادات، مع مستوردين مرتزقة من أفغانستان وباكستان ولبنان والعراق برعاية طهران، ومجموعات فاشية من العالم، هي أصلا ضد وجود جاليات فلسطينية في الغرب.
جاء مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية من رام الله إلى سورية، في أثناء تهجير مخيم اليرموك وحصاره وقصفه، ليلتقي بحارس حدود الاحتلال في قصره، مدعيا قبل أكثر من أربع سنوات "حل مأساة اليرموك". وبمثل هذه العقلية، يُصمت عن ابتذال فلسطين واستخفافها، بتحويلها إلى إشارة خضراء بمعية طارق الخضرا، لتغطية جرف سورية من أقصاها إلى أقصاها، بمجازر لا تختلف كثيرا عن دير ياسين وكفر قاسم والطنطورة وبلد الشيخ وبقية القائمة.
منذ خمسة وخمسين عاما، وجيش "التحرير" في سورية يتدرّب "تحت وهج الشمس". وعليه يظل مهما لكل من يعرف أي نظام هذا الذي افتتح معاركه "القومية" في تل الزعتر، واختتمها متفاخرا بعودته إلى حماية حدود الجولان.
وليس استخدام النظام هذا الجيش مخفيا، فهو مستمر في سنوات الحرب السورية، مع استغلال مشهود للقضية الفلسطينية، لشرعنة زج الفلسطينيين في هذه الحرب. ولم تخفِ قنوات النظام هذه المشاركة، فقد اعتبرتها من "معركة تحرير فلسطين". ومن ذلك، أن قناة العالم الإيرانية قدمت تفصيلا لما قالت عنه "في خنادق جيش التحرير الفلسطيني في سورية: حين لا تضيع البوصلة"، حيث تحدّث قائد هذا الجيش، اللواء محمد طارق الخضرا، في أغسطس/آب 2017، عن مشاركة جيشه قوات النظام في مواجهة الثائرين السوريين.
منذ تأسيسه في 1964، لم يكن القسم السوري لجيش التحرير الفلسطيني أكثر من أداة بعثية، بوسائل "فلسطينية"؛ كالرفاق في تنظيم الصاعقة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، اللذيْن، لم يتركا، مع غيرهما، ساحة إلا ولبّوا نداءها "القومي"، من حروب معمر القذافي، إلى ساحات الرفاق في طهران، والضاحية الجنوبية، من برج البراجنة إلى عين الحلوة ثم البارد والبداوي. وأخيرا من حلب وحندرات إلى حمص وحماة ودرعا، مرورا بالغوطة واليرموك وخان الشيح، وغيرها. وكلها مناطق ليست في الجليل، أو على تخوم طبرية وصفد، ولا الخليل أو نابلس وطولكرم وقلقيلية، ولا على تخوم غلاف غزة، ولا في حواري القدس وشعفاط وأبو ديس، بل هي شمالي سورية وشرقيها وغربيها وجنوبيها.
حين تعرض وسائل إعلام النظام، ومواليه في القنوات الإيرانية، "المسار الحافل بالوطنية" لهذا الجيش، فهي تذكّرنا بإرسال حافظ الأسد جنودا سوريين في عام 1983 إلى طرابلس اللبنانية، يدكّها ويدكّ مخيميها لملاحقة "العرفاتية". ولم يخطر ببال كثيرين أنه "حين لا تضيع البوصلة" يقصد بها كل ما تقدم من مدن فلسطين المحتلة، والتي تأسّس أصلا جيش "تحريرها"، ليكون ذراع منظمة التحرير الفلسطينية.
باستثناء حرب تشرين في 1973، والتي ساهم فيها شبان فلسطينيون واجهوا قوات الاحتلال في مرصد جبل الشيخ، وتاليا في حصار بيروت في 1982، قبل أن يُعاقب قادته لتعاونهم مع "العرفاتية"، أي منظمتهم الأم، منظمة التحرير، لا تاريخ لهذا الجيش.
وعلى مدى سبع سنوات و"الرفيق" الخضرا يكرس عقله العسكري، كما كان سلفه مصباح
مئات من الشباب، من بين آلاف مجنّدين إجباريا، من مخيمات سورية، تم زجّهم في حرب نظام الأسد، وحليفيه الإيراني والروسي، ضد ثورة السوريين، فقضوا، وهم يبحثون، مثل رفاقهم من حزب الله عن "طريق القدس"، في اتجاهات الجغرافيا السورية، وعلى تخوم قرى ومدن ومخيمات شعب يجري تشريده، في تغريبةٍ أبشع من تغريبة الأجداد.
رفض آلافٌ من مخيمات سورية، من اليرموك إلى درعا، مشاركة القاتل بوصلته، وغادر آلاف، مثلما غادر شبّان سوريون بلدهم، مفضلين الموت غرقا على تحولهم أكباش فداء، أو ارتزاقا يشبه الذي مورس "قوميا" في جنون القذافي في حروبه مع تشاد.
بين السؤال والآخر، وبينهما ما سبق بكثير زمن الثورة السورية، يذهلك صمت "حركة تحرّر وطني" فلسطينية؛ منذ اعتلاء حافظ الأسد الأول ظهر القضايا القومية، خصوصا "سورية الجنوبية"، فلسطين، على إمعان تاريخي في تحويل "جيش تحرير"، مفترض نظريا أنه يتبعها، إلى استخدام مليشياوي أبعد ما يكون عن فلسطين، شكلا ومحتوى، بغسل أدمغة وبكراهيةٍ بحق
جاء مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية من رام الله إلى سورية، في أثناء تهجير مخيم اليرموك وحصاره وقصفه، ليلتقي بحارس حدود الاحتلال في قصره، مدعيا قبل أكثر من أربع سنوات "حل مأساة اليرموك". وبمثل هذه العقلية، يُصمت عن ابتذال فلسطين واستخفافها، بتحويلها إلى إشارة خضراء بمعية طارق الخضرا، لتغطية جرف سورية من أقصاها إلى أقصاها، بمجازر لا تختلف كثيرا عن دير ياسين وكفر قاسم والطنطورة وبلد الشيخ وبقية القائمة.
منذ خمسة وخمسين عاما، وجيش "التحرير" في سورية يتدرّب "تحت وهج الشمس". وعليه يظل مهما لكل من يعرف أي نظام هذا الذي افتتح معاركه "القومية" في تل الزعتر، واختتمها متفاخرا بعودته إلى حماية حدود الجولان.