يستعدّ عبد الباسط حمزة، وهو كفيف، لإجراء امتحانات البكالوريا في معهد المكفوفين حيّ حشاد بن عروس. يقول لـ"العربي الجديد" إن التلميذ المكفوف لا يختلف عن بقية التلاميذ، مؤكداً أن الإعاقة البصرية لن تحول دون تحقيق حلمه واجتياز الامتحانات. لدى حمزة مواهب عدة، فهو يعزف ويغني، وقد التحق بالمعهد العالي للموسيقى. ويرغب في الحصول على شهادات عليا، مضيفاً أنه تعلم مهنة التدليك تحسباً لإخفاقه في البكالوريا.
دراسة حمزة لم تخلُ من صعوبات في المعهد، إلا أن الامتحانات تجري على طريقة برايل (التقنية الخاصة بالمكفوفين لقراءة لتلمس الحروف)، كذلك فإن المراجع الضرورية متوافرة، وهذا جيد. يتحدث عن مشاكل كثيرة، منها النقص الكبير في الوثائق الخاصة بالأشخاص المعوقين، والإقامة في المساكن المخصصة للتلاميذ، وغياب النوادي ووسائل الترفيه. ويوضح أن الظروف الصعبة ربما كانت تعود إلى نقص اهتمام الدولة بالأشخاص المعوقين.
وكان أستاذ الموسيقى مشجعاً لحمزة، وقدم له العديد من النصائح التي يعتبرها هامة، وسيكون هذا تشجيعاً بالنسبة إليه لاجتياز البكالوريا. يضيف أنّه راجع دروسه جيداً، ودرس ما فاته خلال أزمة كورونا، وبذل جهداً إضافياً على أمل النجاح.
بالنسبة إليه، إن النجاح في البكالوريا وسيلة لتحقيق أهدافه وأحلامه، خصوصاً أن الحظ لم يسعف ابن عمته الكفيف بمواصلة تعليمه واجتياز البكالوريا نتيجة ظروف عدة.
من جهته، يستعد سجين تونسي في سجن القيروان للالتحاق بامتحانات البكالوريا. وأعلن المندوب الجهوي للتربية في القيروان عادل الخالدي، أن هذا السجين سيحصل على إجراء استثنائي يمكّنه من إجراء امتحان البكالوريا داخل السجن.
من جهته، يقول الناطق باسم وزارة التربية محمد الحاج طيب لـ"العربي الجديد"، إن 8 سجناء سيتمكنون من إجراء امتحان البكالوريا في الوحدات السجنية، وتكبير الخط بصفة استثنائية لنحو 64 تلميذاً، وإضافة ثلث الوقت لنحو 231 تلميذاً يعانون صعوبات في التعلم والكتابة، مؤكداً أن وزارة التربية، ككل عام، تهتم بالحالات الخاصة والاستثنائية. ويمكن في مثل هذه الحالات الاستعانة بتلميذ للكتابة لمن يعجز عن ذلك، شرط أن يكون المستوى الدراسي للتلميذ الكاتب أقلّ من مستوى البكالوريا. بالتالي، هناك شروط في اختيار هؤلاء التلاميذ الكتبة، ومهمتهم كتابة ما يُملى عليهم من قبل الشخص الذي يعاني صعوبة معينة، أو تعرض لحادث حال دون إجرائه الامتحانات من دون مساعدة.
يتابع الحاج طيب أنه لم يتقدم حتى الآن مرضى في المستشفيات لإجراء الامتحانات، إلا أن الأمور قد تتغير ليلة الامتحانات، ما يعني أن المعطيات تتغير حتى في اللحظات الأخيرة. ويلفت إلى أن الإجراءات والتوقيت والرقابة بالنسبة إلى الحالات الخاصة تختلف عن بقية التلاميذ، وعادة ما توفر كل الظروف والمساعدات اللازمة لهؤلاء، بما يمكنهم من إجراء الامتحانات حالهم حال بقية التلاميذ.
ويذكر الحاج طيب أن نحو 133,449 تلميذاً سيجرون امتحانات البكالوريا هذا العام، التي تبدأ في الثامن من يوليو/ تموز الجاري، في دورة خاصة واستثنائية نتيجة فيروس كورونا. وتُجرى الدورة الرئيسية للبكالوريا من 8 إلى 15 يوليو الجاري، فيما ستخصص دورة للتدارك من 27 إلى 30 يوليو، وستُعلَن نتائج الدورة الرئيسية يوم 26 يوليو، والنتائج الخاصة بدورة المراقبة يوم 9 أغسطس/ آب المقبل.
وشددت وزارة التربية على أن البروتوكول الصحي المعتمد لهذا العام سيشمل ضمانة سلامة التلاميذ والكادر التعليمي، مع الحرص على التباعد الاجتماعي وتقليص عدد المرشحين في القاعات مع توفير المعقمات. في هذا السياق، يقول رئيس جمعية تونس أرض الإنسان للأشخاص المعوقين عبد الحميد خيري، لـ"العربي الجديد"، إن هناك عقبات وصعوبات أمام بعض التلاميذ المعوقين، وخصوصاً فاقدي البصر، بسبب صعوبة إيجاد تلميذ كاتب لمن يعاني من فقدان البصر أو السمع أو مشاكل في الكتابة أو غير ذلك، ما دفع بعض الجمعيات إلى التدخل ومساعدة الوزارة، مشيراً إلى أنه كان يفترض على الدولة الإهتمام بهذه المشاكل وتذليل الصعوبات أمام الفئات الخاصة.
ويوضح خيري أن العدد الضئيل للأشخاص المعوقين في البكالوريا مردّه إلى أن نسبة هامة منهم تنقطع عن التعليم، إما بسبب الصعوبات التي تعترضهم، أو نتيجة أمور أخرى. يضيف أن نسبة نجاح هذه الفئة ما زالت ضئيلة، ويتوجه البعض نحو التكوين المهني أو تعلّم حرفة. هذا العام، تابع خيري تلميذة معوقة راسلت المندوبية الجهوية للتربية بداية العام، وطلبت منحها وقتاً إضافياً للبكالوريا، وقد جمعت وثائق لحالتها مرات عدة، ما جعلها تعاني، علماً أنه كان يفترض أن يكون الأمر بديهياً وآلياً وبمبادرة من الوزارة، خصوصاً أنه سبق لها التعامل مع هذه الحالات، وغالبية الملفات مودعة لدى المندوبيات الجهوية للتربية.