أثرت الحرب اليمنية وتداعياتها في كلّ المجالات، لتزيد من تدهور الأوضاع الاجتماعية لدى مختلف الشرائح، بما في ذلك العلاقات داخل الأسرة. وهو ما أدى إلى زيادة حوادث العنف الأسري ضد الإناث خصوصاً، ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع عدد حالات الانفصال والطلاق وكذلك الزواج المبكر.
القضية ليست مرتبطة بالحرب، بل تعود إلى ما قبلها ولو تفاقمت الآن. فقد كانت حالات الزواج المبكر والاعتداء الجسدي والنفسي ضد الإناث في ارتفاع أكثر من أي وقت مضى، "لكنّ الإجراءات العدلية ضد هذه الاعتداءات تبقى نادرة"، بحسب بيانات إدارة المعلومات الخاصة بصندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن.
أدّت تداعيات الحرب إلى فقدان مصادر الدخل والأعمال، فقرّر أحمد في ريف محافظة حجة تزويج شقيقته فاطمة (15 عاماً) إلى رجلٍ يكبرها بمقدار ضعفي عمرها، بسبب عجزه عن سداد ديون أسرته النازحة للرجل بعد تراكمها لتبلغ 600 ألف ريال (ألفي دولار). وبعد رفض شقيقته الانصياع بسبب خوفها من تكرار قصص سيئة لبعض صديقاتها اللواتي تزوجن بكبار السن، اعتدى أحمد عليها بالضرب عدة مرات، من دون أن تتدخّل والدتها بشكلٍ كافٍ لحمايتها. تعبّر فاطمة عن قلقها بالقول: "احتمال عنف زوجي المستقبلي يزيد من قلقي، فقد أتحول إلى مجرد عاملة - مثل زوجته الأولى- في رعي المواشي التي يمتلكها".
لكنّ البعض ممن استشارته فاطمة، حاول طمأنتها إلى أنّ زوجها المستقبلي طيب، وقد يمثل حبل نجاة لها من اعتداءات شقيقها عليها في عدة مناسبات. وعندما التمست مساعدة جار كبير في السن للتوسط مع شقيقها، أخبرها بـ"صعوبة تفاعل أي شخص مع طلبها كونها ما زالت تحت مسؤولية شقيقها، وليس لها سوى الامتثال لرغبة ولي أمرها، أو توسيط شخص آخر من أقاربها".
تضيف لـ "العربي الجديد": "كلّ من أتحدث إليه عن مشكلتي يتهمني بمحاولة الهروب من التزامات العمل، التي تمارسها كلّ النساء في القرية، وتُعتبر سني كافيةً للزواج. وبذلك، لا أستبعد تعرضي للضرب في بيت الزوجية إن لم يعجبه أدائي".
اقــرأ أيضاً
تسببت الحرب في اختفاء المؤسسات والجمعيات والمراكز التي تعمل في مجال الحماية الاجتماعية، خصوصاً النسائية. فقد توقفت المؤسسات العدلية والسلطات الضبطية عن العمل وباتت تنصح بإحالة مثل هذه القضايا إلى الذكور من الأسرة، أو المراجع الاجتماعية، مثل الأعيان. فالشرطة توصي بشكل غير رسمي طرفي المشكلة بحلها داخل إطار الأسرة لتجنب انتشار تفاصيلها الحساسة، في إشارة إلى أي معلومات حول "العيب" في مشاركة قضايا تخص المرأة مع أفراد خارج الأسرة.
في العاصمة صنعاء، ضرب الضابط الأمني زوجته أسماء، في عدة مناسبات، بعد رفضها مساعدته في دفع بعض نفقات الأسرة من دخلها من مبيعات المخللات. تؤكد أسماء أنّها اتفقت مسبقاً مع زوجها على احتفاظها بقيمة مبيعاتها لنفسها لإعالة أسرة أبيها الفقيرة. لكنّه يطلب منحه كلّ المال من أجل تحسين معيشة الأسرة بعد ارتفاع الأسعار وتعرض رواتب كلّ موظفي الحكومة لانقطاعات متكررة بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة مؤخراً.
تقول أسماء لـ "العربي الجديد": "أسرتي فقيرة وهي غير قادرة على مقاضاة زوجي، لهذا أصبر في كلّ مرة". لكنها اضطرت مؤخراً، بعد حوادث ضرب متكررة، إلى الإقامة مع أسرتها لعدة أسابيع من أجل الضغط على الزوج لمراضاتها. تعتقد أسماء أن لا حلّ لمشكلتها سوى طلب الطلاق الذي لا تريده، بسبب عدم رغبتها في التأثير على أطفالها.
من جهتها، تشير الناشطة الحقوقية، خلود الحاج، إلى أنّ هناك قلة من النساء الضعيفات ممن لا يتمتعن بدعم أسرهن الفقيرة أو ليست لهن أسر أساساً، قررن حسم قضايا العنف ضدهن باللجوء إلى المنظمة الوحيدة التي تقدم خدمات لحمايتهن، وهي "اتحاد نساء اليمن".
تقول الحاج إنّ هناك خطاً هاتفياً ساخناً يمكن للمعنفات استخدامه، فيتلقين بعض خدمات الدعم النفسي والنصائح في البداية، من أجل محاولة دفع الزوج أو ولي الأمر إلى تحسين معاملته. لكنّ القضايا الصعبة تحلّ من خلال إيوائهن في بيت خاص لحماية المعنفات تديره المنظمة بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان. ويعدّ هذا البيت أحد ثلاثة ملاجئ لحماية النساء في كامل البلاد.
تتابع الناشطة الحقوقية أنّ من حق النساء في هذه البيوت "الإقامة بالإضافة إلى تلقي دعم المنظمة القانوني لهن في المرافق الأمنية والعدلية المختلفة، مع تغطية كافة رسوم ذلك الدعم". لكنّها، في المقابل تشير إلى عدم معرفة النساء بخدمات هذه المنظمة بسبب ضعف الترويج لها على مستوى البلاد.
اقــرأ أيضاً
القضية ليست مرتبطة بالحرب، بل تعود إلى ما قبلها ولو تفاقمت الآن. فقد كانت حالات الزواج المبكر والاعتداء الجسدي والنفسي ضد الإناث في ارتفاع أكثر من أي وقت مضى، "لكنّ الإجراءات العدلية ضد هذه الاعتداءات تبقى نادرة"، بحسب بيانات إدارة المعلومات الخاصة بصندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن.
أدّت تداعيات الحرب إلى فقدان مصادر الدخل والأعمال، فقرّر أحمد في ريف محافظة حجة تزويج شقيقته فاطمة (15 عاماً) إلى رجلٍ يكبرها بمقدار ضعفي عمرها، بسبب عجزه عن سداد ديون أسرته النازحة للرجل بعد تراكمها لتبلغ 600 ألف ريال (ألفي دولار). وبعد رفض شقيقته الانصياع بسبب خوفها من تكرار قصص سيئة لبعض صديقاتها اللواتي تزوجن بكبار السن، اعتدى أحمد عليها بالضرب عدة مرات، من دون أن تتدخّل والدتها بشكلٍ كافٍ لحمايتها. تعبّر فاطمة عن قلقها بالقول: "احتمال عنف زوجي المستقبلي يزيد من قلقي، فقد أتحول إلى مجرد عاملة - مثل زوجته الأولى- في رعي المواشي التي يمتلكها".
لكنّ البعض ممن استشارته فاطمة، حاول طمأنتها إلى أنّ زوجها المستقبلي طيب، وقد يمثل حبل نجاة لها من اعتداءات شقيقها عليها في عدة مناسبات. وعندما التمست مساعدة جار كبير في السن للتوسط مع شقيقها، أخبرها بـ"صعوبة تفاعل أي شخص مع طلبها كونها ما زالت تحت مسؤولية شقيقها، وليس لها سوى الامتثال لرغبة ولي أمرها، أو توسيط شخص آخر من أقاربها".
تضيف لـ "العربي الجديد": "كلّ من أتحدث إليه عن مشكلتي يتهمني بمحاولة الهروب من التزامات العمل، التي تمارسها كلّ النساء في القرية، وتُعتبر سني كافيةً للزواج. وبذلك، لا أستبعد تعرضي للضرب في بيت الزوجية إن لم يعجبه أدائي".
تسببت الحرب في اختفاء المؤسسات والجمعيات والمراكز التي تعمل في مجال الحماية الاجتماعية، خصوصاً النسائية. فقد توقفت المؤسسات العدلية والسلطات الضبطية عن العمل وباتت تنصح بإحالة مثل هذه القضايا إلى الذكور من الأسرة، أو المراجع الاجتماعية، مثل الأعيان. فالشرطة توصي بشكل غير رسمي طرفي المشكلة بحلها داخل إطار الأسرة لتجنب انتشار تفاصيلها الحساسة، في إشارة إلى أي معلومات حول "العيب" في مشاركة قضايا تخص المرأة مع أفراد خارج الأسرة.
في العاصمة صنعاء، ضرب الضابط الأمني زوجته أسماء، في عدة مناسبات، بعد رفضها مساعدته في دفع بعض نفقات الأسرة من دخلها من مبيعات المخللات. تؤكد أسماء أنّها اتفقت مسبقاً مع زوجها على احتفاظها بقيمة مبيعاتها لنفسها لإعالة أسرة أبيها الفقيرة. لكنّه يطلب منحه كلّ المال من أجل تحسين معيشة الأسرة بعد ارتفاع الأسعار وتعرض رواتب كلّ موظفي الحكومة لانقطاعات متكررة بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة مؤخراً.
تقول أسماء لـ "العربي الجديد": "أسرتي فقيرة وهي غير قادرة على مقاضاة زوجي، لهذا أصبر في كلّ مرة". لكنها اضطرت مؤخراً، بعد حوادث ضرب متكررة، إلى الإقامة مع أسرتها لعدة أسابيع من أجل الضغط على الزوج لمراضاتها. تعتقد أسماء أن لا حلّ لمشكلتها سوى طلب الطلاق الذي لا تريده، بسبب عدم رغبتها في التأثير على أطفالها.
من جهتها، تشير الناشطة الحقوقية، خلود الحاج، إلى أنّ هناك قلة من النساء الضعيفات ممن لا يتمتعن بدعم أسرهن الفقيرة أو ليست لهن أسر أساساً، قررن حسم قضايا العنف ضدهن باللجوء إلى المنظمة الوحيدة التي تقدم خدمات لحمايتهن، وهي "اتحاد نساء اليمن".
تقول الحاج إنّ هناك خطاً هاتفياً ساخناً يمكن للمعنفات استخدامه، فيتلقين بعض خدمات الدعم النفسي والنصائح في البداية، من أجل محاولة دفع الزوج أو ولي الأمر إلى تحسين معاملته. لكنّ القضايا الصعبة تحلّ من خلال إيوائهن في بيت خاص لحماية المعنفات تديره المنظمة بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان. ويعدّ هذا البيت أحد ثلاثة ملاجئ لحماية النساء في كامل البلاد.
تتابع الناشطة الحقوقية أنّ من حق النساء في هذه البيوت "الإقامة بالإضافة إلى تلقي دعم المنظمة القانوني لهن في المرافق الأمنية والعدلية المختلفة، مع تغطية كافة رسوم ذلك الدعم". لكنّها، في المقابل تشير إلى عدم معرفة النساء بخدمات هذه المنظمة بسبب ضعف الترويج لها على مستوى البلاد.