تخوض المعارضة المسلحة في الجنوب السوري معركة على أكثر من جبهة، أولها بمقاومة الضغوط الروسية لدفعها إلى التوقيع على وثيقة "تسوية" هي أقرب إلى الاستسلام، تعني تسليم كل شيء في المنطقة للنظام السوري، وهو ما كانت المعارضة قد رفضته خلال مفاوضات يوم السبت، قبل أن تتجدد المفاوضات، أمس الأحد، بعد مساعٍ أردنية، واستمرت لساعات طويلة، قبل أن يتم الإعلان عن عدم التوصل إلى اتفاق لليوم الثاني على التوالي. بالتوازي مع ذلك، تواجه المعارضة حربين في الوقت نفسه، عسكرية تحاول التصدي لها بعد امتصاص الضربات الأولى، ونفسية تسعى المعارضة للانتصار فيها من خلال تحييد "الطابور الخامس" الذي يعمل على الترويج للتسوية غير المشروطة مع النظام. هذا الواقع يأتي في ظل أزمة إنسانية متصاعدة، مع تكدس نحو مائتي ألف مدني على الحدود قرب الأردن، الذي رفض فتح حدوده أمامهم.
وبعد فشل المفاوضات بين فصائل المعارضة والروس، يوم السبت، أعلن المتحدث باسم غرفة العمليات المركزية في درعا، إبراهيم الجباوي، لـ"العربي الجديد"، أن المفاوضات مع الجانب الروسي استؤنفت صباح (أمس)، الأحد، في بلدة بصرى الشام، بمساعٍ أردنية، مضيفاً: "كل شيء قابل للتفاوض". وأشار إلى أن قوات النظام ومليشيات تساندها، تقوم بهجمات في مناطق عدة في ريف درعا، مضيفاً أن "الجيش السوري الحر يعمل على صدها". وبعد ساعات من التفاوض، قال المحامي غسان المسالمة، مساء أمس، لـ"العربي الجديد"، إن اللقاء التفاوضي الثاني في بصرى الشام، انتهى بتقديم فصائل المعارضة مطالب للروس الذين وعدوا بدراستها، واشترطوا في المقابل أموراً تدرسها المعارضة.
وكانت الجولة الأولى من المفاوضات بين الروس والجيش الحر، التي عُقدت في بلدة بصري الشام السبت، قد فشلت، بعدما طالب الروس فصائل المعارضة بتسليم السلاح الثقيل والخفيف، وتسليم المنطقة ومعبر نصيب الحدودي للنظام وتقديم كل من حمل السلاح للمحاكمة، وهو ما اعتبرته المعارضة عرض استسلام. فيما عرض وفد المعارضة على روسيا خلال المفاوضات إدارة مشتركة مع قوات النظام لمعبر نصيب الحدودي مع الأردن، إضافة إلى عدم دخول قوات النظام من جيش وشرطة إلى المدن والبلدات، وبقاء السلاح الخفيف والمتوسط بيد فصائل المعارضة للدفاع عن نفسها في حال غدر النظام، وعدم تهجير أي مقاتل للمعارضة من المحافظة.
ولكن الجانب الروسي يبحث عن استسلام غير مشروط مهدداً بالخيار العسكري "المتوحش" الذي اتّبعه في مناطق سورية عديدة، فيما أكد قادة في الجيش الحر جنوب سورية، من خلال مقاطع فيديو بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي، أنهم اتخذوا قرار المواجهة العسكرية في حال فشلت المفاوضات مع الضباط الروس. وتداول الشارع السوري المعارض بكثرة ما قاله القيادي في الجيش السوري الحر أدهم الكرّاد لضابط روسي خلال مفاوضات السبت: "تسقط موسكو ولن تسقط درعا".
وامتصّت المعارضة المسلحة الضربات الأولى واستطاعت شن هجوم معاكس السبت، استعادت من خلاله العديد من المواقع التي خسرتها خلال الأيام القليلة الماضية. وأعلنت فصائل المعارضة، السبت، أنها استعادت السيطرة على بلدات السهوة وصيدا والطيبة والمتاعية وغصم ومعربا والجيزة، بالإضافة إلى مواقع عسكرية في محيط مدينة الحراك، ما أسفر عن تراجع كبير لقوات النظام في مدن الحراك والكرك الشرقي. كما أكدت العمليات المركزية في الجنوب، أمس الأحد، أن "المعارك العنيفة لا تزال تدور رحاها بين قواتنا ومليشيات الأسد وإيران على مختلف المحاور في درعا"، مشيرة إلى أن قوات النظام تقصف مناطق المدنيين في بلدة نوى بشكل هيستيري.
اقــرأ أيضاً
وتدرك المعارضة أن الخيارات المتاحة أمامها ضيقة، خصوصاً بعد القرار الأردني بإغلاق الحدود حتى أمام المدنيين الهاربين من القصف الجوي الروسي، ومن ثم ليس أمامها إلا تحسين شروط تسوية مع الجانب الروسي، أو المواجهة العسكرية التي تربك وتستنزف النظام وحلفاءه على مدى طويل، حيث تخوض المعارضة معركة وجود في الجنوب السوري.
وتؤكد الوقائع الميدانية أن فصائل المعارضة قادرة على الصمود ومقاومة قوات النظام لفترة طويلة، معتمدة على آلاف المقاتلين الذين اكتسبوا خبرة قتالية خلال نحو سبع سنوات من محاربة قوات النظام ومليشيات إيران المساندة لها، فضلاً عن كونها تمتلك أسلحة ثقيلة تمكّنها من المقاومة ومجابهة قوات النظام.
وبالتزامن مع الحرب العسكرية التي يشنها النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون على فصائل الجيش الحر، تبرز حرب نفسية يحاول النظام وحلفاؤه من خلالها بث روح الهزيمة والوهن في نفوس مقاتلي الجيش الحر وحاضنته، من خلال ضخ أنباء كاذبة عن مصالحات تجريها بلدات ومدن في درعا. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، السبت، عن انضمام 3 بلدات (ام ولد، وأبطع، وجبيب) إلى نظام الهدنة في المنطقة، و"موافقة 250 مسلحاً من فصائل المعارضة المحلية على تسوية أوضاعهم مع قوات النظام. غير أن مصادر محلية أكدت لـ"العربي الجديد"، عدم دقة هذه المعلومات، مشيرة إلى أن بلدة أبطع موالية أصلاً للنظام، وأن ام ولد وجبيب هما مع المعارضة، لافتة إلى تمكّن فصائل المعارضة، أمس، من استعادة بلدة داعل المجاورة لبلدة أبطع بعدما دخلتها قوات النظام وأفراد من الشرطة العسكرية الروسية. من جهتها، تحدثت أنباء غير مؤكدة عن دخول بلدة بصرى الشام في مصالحة مع النظام السوري.
وتحاول صحيفة "الوطن" الموالية للنظام تزييف الحقائق على الأرض، إذ زعمت، أمس الأحد، أن قوات النظام باتت على بعد كيلومترين فقط من الحدود الأردنية، وهو ما يتنافى تماماً مع الوضع الميداني على الأرض، زاعمة أيضاً أن فصائل الجيش الحر "تنهار"، داعية إياها إلى "الاستسلام" والخضوع "لقبضة الجيش"، في حين أن هذه الفصائل تمكنت، السبت، من دحر قوات النظام من عدة مدن وبلدات. كما تحدثت صحيفة "الوطن" عن أن بلدات عدة دخلت في "المصالحة" مع النظام، زاعمة أن هذه البلدات "شهدت تجمّعات شعبية حاشدة للترحيب بالجيش وشكره على تخليصهم من الإرهابيين"، وفق زعمها.
كما بثت وكالة "سانا" مقاطع فيديو تظهر عشرات الأشخاص زعمت أنهم يدعمون قوات النظام في درعا وريفها، في محاولة على ما يبدو لتعميم روح الاستسلام في الجنوب السوري، عقب تعرض قوات النظام لخسائر فادحة في أرواح عناصرها منذ بدء العملية العسكرية في التاسع عشر من الشهر الماضي.
وأكدت مصادر محلية في درعا أن هناك "طابوراً خامساً" للنظام في المحافظة وريفها، يحاول ثني الجيش الحر عن عزمه على مواجهة قوات النظام والترويج لمصالحات تحت ذريعة المحافظة على المدن والبلدات من التدمير المتوقع من قبل الطيران الروسي ومدفعية النظام. كما قال العميد الجباوي لـ"العربي الجديد"، إن فصائل المعارضة تحاول القضاء على ما سماها بـ"الفتن" في درعا وريفها.
واتّبع النظام سيناريو الحرب النفسية والطابور الخامس في غوطة دمشق الشرقية أخيراً، وهو ما أدى إلى سقوط بلدات بيده من دون قتال، ويحاول تكرار ذلك في درعا، إلا أن الفصائل هناك قالت إنها أدركت مساعي النظام مبكراً وعملت على تحييد من يروّج للاستسلام لقوات النظام وتعميم خطاب اليأس بين الحاضنة الاجتماعية للمعارضة السورية المسلحة.
في ظل هذا المشهد المعقّد، والمفتوح على تصعيد إضافي، يعيش ما يقارب المائتي ألف مدني في ظروف صعبة قرب الحدود مع الأردن الذي رفض فتح أبوابه لهم. هذا الأمر ترافق مع إعلان المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين محمد الحواري، أن هناك نقصاً شديداً في حجم المساعدات التي يحتاجها اللاجئون السوريون الفارون من مناطق الجنوب السوري وما زالوا داخل الأراضي السورية، محذراً من خطورة نقص المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين هناك.
وكانت الجولة الأولى من المفاوضات بين الروس والجيش الحر، التي عُقدت في بلدة بصري الشام السبت، قد فشلت، بعدما طالب الروس فصائل المعارضة بتسليم السلاح الثقيل والخفيف، وتسليم المنطقة ومعبر نصيب الحدودي للنظام وتقديم كل من حمل السلاح للمحاكمة، وهو ما اعتبرته المعارضة عرض استسلام. فيما عرض وفد المعارضة على روسيا خلال المفاوضات إدارة مشتركة مع قوات النظام لمعبر نصيب الحدودي مع الأردن، إضافة إلى عدم دخول قوات النظام من جيش وشرطة إلى المدن والبلدات، وبقاء السلاح الخفيف والمتوسط بيد فصائل المعارضة للدفاع عن نفسها في حال غدر النظام، وعدم تهجير أي مقاتل للمعارضة من المحافظة.
ولكن الجانب الروسي يبحث عن استسلام غير مشروط مهدداً بالخيار العسكري "المتوحش" الذي اتّبعه في مناطق سورية عديدة، فيما أكد قادة في الجيش الحر جنوب سورية، من خلال مقاطع فيديو بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي، أنهم اتخذوا قرار المواجهة العسكرية في حال فشلت المفاوضات مع الضباط الروس. وتداول الشارع السوري المعارض بكثرة ما قاله القيادي في الجيش السوري الحر أدهم الكرّاد لضابط روسي خلال مفاوضات السبت: "تسقط موسكو ولن تسقط درعا".
وامتصّت المعارضة المسلحة الضربات الأولى واستطاعت شن هجوم معاكس السبت، استعادت من خلاله العديد من المواقع التي خسرتها خلال الأيام القليلة الماضية. وأعلنت فصائل المعارضة، السبت، أنها استعادت السيطرة على بلدات السهوة وصيدا والطيبة والمتاعية وغصم ومعربا والجيزة، بالإضافة إلى مواقع عسكرية في محيط مدينة الحراك، ما أسفر عن تراجع كبير لقوات النظام في مدن الحراك والكرك الشرقي. كما أكدت العمليات المركزية في الجنوب، أمس الأحد، أن "المعارك العنيفة لا تزال تدور رحاها بين قواتنا ومليشيات الأسد وإيران على مختلف المحاور في درعا"، مشيرة إلى أن قوات النظام تقصف مناطق المدنيين في بلدة نوى بشكل هيستيري.
وتدرك المعارضة أن الخيارات المتاحة أمامها ضيقة، خصوصاً بعد القرار الأردني بإغلاق الحدود حتى أمام المدنيين الهاربين من القصف الجوي الروسي، ومن ثم ليس أمامها إلا تحسين شروط تسوية مع الجانب الروسي، أو المواجهة العسكرية التي تربك وتستنزف النظام وحلفاءه على مدى طويل، حيث تخوض المعارضة معركة وجود في الجنوب السوري.
وتؤكد الوقائع الميدانية أن فصائل المعارضة قادرة على الصمود ومقاومة قوات النظام لفترة طويلة، معتمدة على آلاف المقاتلين الذين اكتسبوا خبرة قتالية خلال نحو سبع سنوات من محاربة قوات النظام ومليشيات إيران المساندة لها، فضلاً عن كونها تمتلك أسلحة ثقيلة تمكّنها من المقاومة ومجابهة قوات النظام.
وبالتزامن مع الحرب العسكرية التي يشنها النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون على فصائل الجيش الحر، تبرز حرب نفسية يحاول النظام وحلفاؤه من خلالها بث روح الهزيمة والوهن في نفوس مقاتلي الجيش الحر وحاضنته، من خلال ضخ أنباء كاذبة عن مصالحات تجريها بلدات ومدن في درعا. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، السبت، عن انضمام 3 بلدات (ام ولد، وأبطع، وجبيب) إلى نظام الهدنة في المنطقة، و"موافقة 250 مسلحاً من فصائل المعارضة المحلية على تسوية أوضاعهم مع قوات النظام. غير أن مصادر محلية أكدت لـ"العربي الجديد"، عدم دقة هذه المعلومات، مشيرة إلى أن بلدة أبطع موالية أصلاً للنظام، وأن ام ولد وجبيب هما مع المعارضة، لافتة إلى تمكّن فصائل المعارضة، أمس، من استعادة بلدة داعل المجاورة لبلدة أبطع بعدما دخلتها قوات النظام وأفراد من الشرطة العسكرية الروسية. من جهتها، تحدثت أنباء غير مؤكدة عن دخول بلدة بصرى الشام في مصالحة مع النظام السوري.
وتحاول صحيفة "الوطن" الموالية للنظام تزييف الحقائق على الأرض، إذ زعمت، أمس الأحد، أن قوات النظام باتت على بعد كيلومترين فقط من الحدود الأردنية، وهو ما يتنافى تماماً مع الوضع الميداني على الأرض، زاعمة أيضاً أن فصائل الجيش الحر "تنهار"، داعية إياها إلى "الاستسلام" والخضوع "لقبضة الجيش"، في حين أن هذه الفصائل تمكنت، السبت، من دحر قوات النظام من عدة مدن وبلدات. كما تحدثت صحيفة "الوطن" عن أن بلدات عدة دخلت في "المصالحة" مع النظام، زاعمة أن هذه البلدات "شهدت تجمّعات شعبية حاشدة للترحيب بالجيش وشكره على تخليصهم من الإرهابيين"، وفق زعمها.
كما بثت وكالة "سانا" مقاطع فيديو تظهر عشرات الأشخاص زعمت أنهم يدعمون قوات النظام في درعا وريفها، في محاولة على ما يبدو لتعميم روح الاستسلام في الجنوب السوري، عقب تعرض قوات النظام لخسائر فادحة في أرواح عناصرها منذ بدء العملية العسكرية في التاسع عشر من الشهر الماضي.
واتّبع النظام سيناريو الحرب النفسية والطابور الخامس في غوطة دمشق الشرقية أخيراً، وهو ما أدى إلى سقوط بلدات بيده من دون قتال، ويحاول تكرار ذلك في درعا، إلا أن الفصائل هناك قالت إنها أدركت مساعي النظام مبكراً وعملت على تحييد من يروّج للاستسلام لقوات النظام وتعميم خطاب اليأس بين الحاضنة الاجتماعية للمعارضة السورية المسلحة.
في ظل هذا المشهد المعقّد، والمفتوح على تصعيد إضافي، يعيش ما يقارب المائتي ألف مدني في ظروف صعبة قرب الحدود مع الأردن الذي رفض فتح أبوابه لهم. هذا الأمر ترافق مع إعلان المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين محمد الحواري، أن هناك نقصاً شديداً في حجم المساعدات التي يحتاجها اللاجئون السوريون الفارون من مناطق الجنوب السوري وما زالوا داخل الأراضي السورية، محذراً من خطورة نقص المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين هناك.