14 نوفمبر 2024
حصار اليمنيين.. إرادة سعودية وتواطؤ عربي وأممي
لا قوانين إنسانية أو أخلاقية تحمي اليمنيين اليوم من حصار جائر تفرضه العربية السعودية، قائدة التحالف العربي في اليمن، فهي تنتهك هذه القوانين منذ تدخلها العسكري في اليمن، وتتمادى في قتل اليمنيين، وتشديد حصارهم منذ حوالي نصف شهر، وقد أعاد الحصار السعودي اليمنيين دفعة واحدة إلى الأيام الأولى من الحرب، بمرارتها ورعبها ووحشيتها، وكأن ثلاث سنوات من القتل والحصار والتنكيل لا تكفيهم. ولكن في شرع الأقوياء، لا ينظر لعقاب شعب طحنته الحرب، وتغدو كل الإجراءات العقابية الصارمة مبرّرة، ويتم استيعابها بمقتضى موازين الصراعات الإقليمية، وبمقتضى مصالح الآخرين معها.
منذ استهداف جماعة الحوثي العاصمة السعودية الرياض في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، يعيش اليمنيون يوميات حصار لم يشهدوا مثله منذ بدء الحرب في بلادهم قبل ثلاثة أعوام، إضافة إلى استهداف التحالف العربي المدنيين، ومقتل أكثر من ستين يمنياً في غضون الأسبوع الأول فقط، ناهيك عن الجرحى والدمار الكبير الذي أحدثته الغارات. حجب تشديد الحصار السعودي الأخير، ثقب صغير طالما تنفس منه اليمنيون بمشقة، إذ أغلقت السلطات السعودية المنافذ البرية والبحرية والجوية اليمنية، مضاعفة معاناة اليمنيين، متجاوزة ما يترتب على تدخلها العسكري في اليمن من مسؤولية سياسية أمام اليمنيين والعالم، لكن السعودية، كدولة قوية مدعومة وغير خاضعة للمساءلة عن جرائمها بحق اليمنيين، ضربت بحصارها كل التزاماتها وتعهداتها حيال اليمنيين، وانتهكت القانون الدولي الإنساني علنا.
لم يحدث في تاريخ الحروب الحديثة أن حظي حصار شعب أعزل، وبلا سيادة، بالتأييد أو التجاهل، كما يحدث اليوم لليمنيين، إذ لم يكتفِ المجتمع الدولي والإقليمي بمباركة الإجراءات السعودية، بل مضى في استرضاء الغضب السعودي على اليمنيين، إذ لم تعرب جامعة الدولة العربية، ولا أمينها العام، حتى عن "مجرد" القلق من كلفة الحرب التي تخوضها السعودية في اليمن، ولا هزّ إنسانيته حصار شعب أكثر من ثلاث سنوات، في حين لبت الجامعة مسرعة طلبا سعوديا في عقد اجتماع طارئ للنظر في الدور الإيراني وتسليح الحوثيين.
تدرك السعودية أن حصار اليمنيين وعزلهم عن العالم عقاب لا تترتب عليه مساءلة من أحد، لا من المجتمع الدولي، ولا من القوى السياسية اليمنية، إذ طالما تجاهل المجتمع الدولي معاناة اليمنيين إلى حد توصيفه الحرب التي تجري في بلادهم حربا منسية، ربما ليطمئن نفسه بتناسيها. في حين أبعدت السلطة الشرعية، ممثلة بالرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قسراً عما يدور في اليمن. وبالتالي لم تعد معنيةً بأوضاع اليمنيين، وإن ادعت السعودية أن إغلاق المنافذ تم بموافقة السلطة الشرعية، وإن أفضل تسويةٍ مريحةٍ بالنسية للسلطة الشرعية ضمان إقامة هانئة في الرياض. في المقابل، وظفت جماعة الحوثي الحصار السعودي في خطابها الإعلامي، وذهبت بعيداً وبلا مسؤولية في تبني تصعيد عسكري آخر في الأراضي السعودية. وبالتالي لا يمكن التعويل على جماعة مغامرة، لم تتكفِ فقط بقتل اليمنيين، بل ولا تجد غضاضةً بتسببها في حصارهم.
إن دولة من دون سيادة كاليمن، لا يمكنها أن تفرض على السعودية احترام القوانين التي تنظم علاقة البلدين، ومن ثم فإن انتهاك حدود اليمن وأجوائه وشعبه سيمر من دون عواقب في الوقت الراهن، كما أن يمنا من دون سلطة سياسية وطنية لا يمكن أن يسائل السعودية عن إجراءاتها القاهرة في حق مواطنيه، وبلا نخب سياسية وطنية لن يستفزها مزاعم السيادة الوطنية التي جرفتها، ولا حصار شعب أعزل. لذا، من البديهي في ميزان علاقات مختلة أن يتحول اليمنيون وأجواء بلادهم الوطنية ومنافذهم البرية والبحرية إلى مسألة سعودية وحالة أمنية لدراسة النتائج المترتبة على أمنها القومي، حتى لو أدى ذلك إلى هلاك اليمنيين. كما أن هذا الحصار لا يتم التطرق له، لا من المنظمات الدولية ولا الأمم المتحدة، ولا المهتمين بالمسألة اليمنية، باعتباره جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وإنما إجراءات احتياطية سعودية.
لا يدرك العالم أن أسبوعاً من تشديد السعودية في إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية اليمنية أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية لليمنيين بشكل غير مسبوق، حيث عطل الحلول الإسعافية التي لجأت إليها المنظمات الدولية طوال الحرب في اليمن، وتوقف دخول المساعدات الغذائية طوال أكثر من أسبوع، وهو ما يعني موت يمنيين كثيرين يعتمدون على المساعدات، خصوصا في المناطق الريفية الفقيرة. كما أن إغلاق المنافذ البحرية أعاق وصول المشتقات النفطية، ما تسبب بأزمة وقود في جميع المناطق اليمنية، وتعطلت معظم المستشفيات الحكومية وأقسام
غسيل الكلى لغياب الديزل، فيما ضارب تجار السوق السوداء في أسعار الديزل والمواد الغذائية، لترتفع أسعارها إلى الضعف، فضلاً عن نفاد المواد الغذائية الأساسية من الأسواق، كالرز والحبوب وحليب الأطفال، كما تعطلت حياة اليمنيين جراء إغلاق مطار عدن، والمنافذ البرية كمنفذ الربوعة، وعلق الآلاف من المرضى اليمنيين في الخارج، وأعاق طلابا كثيرين من السفر لاستكمال دراستهم.
لم تحرج السلطات السعودية المناشدات المتكرّرة للأمم المتحدة في رفع الحصار الخانق على اليمنيين، بل أثبتت كذب تعهداتها أمام الأمم المتحدة في إعادة النظر في إغلاق مطار صنعاء منذ عام، وتسهيل حركة الملاحة في مطار عدن، إذ تمادت بوضع اشتراطاتٍ إضافيةٍ لإدارة مشتركة لميناء الحديدة مع الأمم المتحدة، وهو ما رفضته الأخيرة، لكن السعودية التي لا سلطة لأحدٍ عليها في قهر اليمنيين والتنكيل بهم مضت بعيداً في انتهاكاتها، إذ قصفت جهاز الإرشاد الملاحي في مطار صنعاء في الرابع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ما يعني عزل صنعاء تماماً عن العالم، وتَقَصُدا في منع الرحلات الأممية والبعثات الإنسانية من دخول اليمن إلى أجل غير مسمّى.
منذ استهداف جماعة الحوثي العاصمة السعودية الرياض في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، يعيش اليمنيون يوميات حصار لم يشهدوا مثله منذ بدء الحرب في بلادهم قبل ثلاثة أعوام، إضافة إلى استهداف التحالف العربي المدنيين، ومقتل أكثر من ستين يمنياً في غضون الأسبوع الأول فقط، ناهيك عن الجرحى والدمار الكبير الذي أحدثته الغارات. حجب تشديد الحصار السعودي الأخير، ثقب صغير طالما تنفس منه اليمنيون بمشقة، إذ أغلقت السلطات السعودية المنافذ البرية والبحرية والجوية اليمنية، مضاعفة معاناة اليمنيين، متجاوزة ما يترتب على تدخلها العسكري في اليمن من مسؤولية سياسية أمام اليمنيين والعالم، لكن السعودية، كدولة قوية مدعومة وغير خاضعة للمساءلة عن جرائمها بحق اليمنيين، ضربت بحصارها كل التزاماتها وتعهداتها حيال اليمنيين، وانتهكت القانون الدولي الإنساني علنا.
لم يحدث في تاريخ الحروب الحديثة أن حظي حصار شعب أعزل، وبلا سيادة، بالتأييد أو التجاهل، كما يحدث اليوم لليمنيين، إذ لم يكتفِ المجتمع الدولي والإقليمي بمباركة الإجراءات السعودية، بل مضى في استرضاء الغضب السعودي على اليمنيين، إذ لم تعرب جامعة الدولة العربية، ولا أمينها العام، حتى عن "مجرد" القلق من كلفة الحرب التي تخوضها السعودية في اليمن، ولا هزّ إنسانيته حصار شعب أكثر من ثلاث سنوات، في حين لبت الجامعة مسرعة طلبا سعوديا في عقد اجتماع طارئ للنظر في الدور الإيراني وتسليح الحوثيين.
تدرك السعودية أن حصار اليمنيين وعزلهم عن العالم عقاب لا تترتب عليه مساءلة من أحد، لا من المجتمع الدولي، ولا من القوى السياسية اليمنية، إذ طالما تجاهل المجتمع الدولي معاناة اليمنيين إلى حد توصيفه الحرب التي تجري في بلادهم حربا منسية، ربما ليطمئن نفسه بتناسيها. في حين أبعدت السلطة الشرعية، ممثلة بالرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قسراً عما يدور في اليمن. وبالتالي لم تعد معنيةً بأوضاع اليمنيين، وإن ادعت السعودية أن إغلاق المنافذ تم بموافقة السلطة الشرعية، وإن أفضل تسويةٍ مريحةٍ بالنسية للسلطة الشرعية ضمان إقامة هانئة في الرياض. في المقابل، وظفت جماعة الحوثي الحصار السعودي في خطابها الإعلامي، وذهبت بعيداً وبلا مسؤولية في تبني تصعيد عسكري آخر في الأراضي السعودية. وبالتالي لا يمكن التعويل على جماعة مغامرة، لم تتكفِ فقط بقتل اليمنيين، بل ولا تجد غضاضةً بتسببها في حصارهم.
إن دولة من دون سيادة كاليمن، لا يمكنها أن تفرض على السعودية احترام القوانين التي تنظم علاقة البلدين، ومن ثم فإن انتهاك حدود اليمن وأجوائه وشعبه سيمر من دون عواقب في الوقت الراهن، كما أن يمنا من دون سلطة سياسية وطنية لا يمكن أن يسائل السعودية عن إجراءاتها القاهرة في حق مواطنيه، وبلا نخب سياسية وطنية لن يستفزها مزاعم السيادة الوطنية التي جرفتها، ولا حصار شعب أعزل. لذا، من البديهي في ميزان علاقات مختلة أن يتحول اليمنيون وأجواء بلادهم الوطنية ومنافذهم البرية والبحرية إلى مسألة سعودية وحالة أمنية لدراسة النتائج المترتبة على أمنها القومي، حتى لو أدى ذلك إلى هلاك اليمنيين. كما أن هذا الحصار لا يتم التطرق له، لا من المنظمات الدولية ولا الأمم المتحدة، ولا المهتمين بالمسألة اليمنية، باعتباره جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وإنما إجراءات احتياطية سعودية.
لا يدرك العالم أن أسبوعاً من تشديد السعودية في إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية اليمنية أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية لليمنيين بشكل غير مسبوق، حيث عطل الحلول الإسعافية التي لجأت إليها المنظمات الدولية طوال الحرب في اليمن، وتوقف دخول المساعدات الغذائية طوال أكثر من أسبوع، وهو ما يعني موت يمنيين كثيرين يعتمدون على المساعدات، خصوصا في المناطق الريفية الفقيرة. كما أن إغلاق المنافذ البحرية أعاق وصول المشتقات النفطية، ما تسبب بأزمة وقود في جميع المناطق اليمنية، وتعطلت معظم المستشفيات الحكومية وأقسام
لم تحرج السلطات السعودية المناشدات المتكرّرة للأمم المتحدة في رفع الحصار الخانق على اليمنيين، بل أثبتت كذب تعهداتها أمام الأمم المتحدة في إعادة النظر في إغلاق مطار صنعاء منذ عام، وتسهيل حركة الملاحة في مطار عدن، إذ تمادت بوضع اشتراطاتٍ إضافيةٍ لإدارة مشتركة لميناء الحديدة مع الأمم المتحدة، وهو ما رفضته الأخيرة، لكن السعودية التي لا سلطة لأحدٍ عليها في قهر اليمنيين والتنكيل بهم مضت بعيداً في انتهاكاتها، إذ قصفت جهاز الإرشاد الملاحي في مطار صنعاء في الرابع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ما يعني عزل صنعاء تماماً عن العالم، وتَقَصُدا في منع الرحلات الأممية والبعثات الإنسانية من دخول اليمن إلى أجل غير مسمّى.