وكان تقرير الحريات للعام 2015 الصادر عن الجهة نفسها، قد وثق لانتكاسة كبيرة في واقع الحريات. وعلق الرئيس التنفيذي للمركز نضال منصور، بالقول "في العام 2016 لم نشهد تقدماً بحالة الحريات الإعلامية، لكننا لم نشهد انتكاسة".
وسلّط التقرير الضوء على تعاميم حظر النشر الصادرة عن هيئة الإعلام، وأثر توسع الهيئة في اللجوء إليها خلال العام الماضي على واقع الحريات الإعلامية. وبحسب منصور، فإن حالة الحريات كانت ستحافظ على ثباتها لو جرى استبعاد قضية حظر النشر.
وغالباً ما لجأت السلطات الأردنية لحظر النشر في القضايا التي تثير الرأي العام، أو تتصل بأحداث جسيمة أمنياً وعسكرياً، مبررة إياه بالحفاظ على سرية التحقيق، أو المصلحة الوطنية، لكن التقرير رأى فيه "رقابة مسبقة وتجاوزاً على القانون والدستور وتدخلاً في أعمال القضاء"، مقللاً من أثره في حجب المعلومات والحقائق عن الناس في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم النتائج التي أشارت إلى واقع حريات متدنٍّ، شدد منصور على أن "فرصة التغيير متاحة في حال توفرت الجرأة والشجاعة والإرادة السياسية"، متهماً بأن الحكومة في إدارتها لملف الإعلام "لا ترى أبعد من أنفها" بتحويلها القوانين كلما سنحت الفرصة لتعديلها إلى أداة للتقييد.
وفي ما وثق التقرير لاستمرار الحصار على الإعلام ومواصلة الحكومة وأجهزة إنفاذ القانون في الدولة إحكام قبضتها على وسائل الإعلام، سواء من خلال استخدام القانون كأداة للتقييد أو بفرض الرقابة المسبقة والتدخل بالنشر، لاحظ أن الحصار والملاحقة لم تعد توجهاً يقتصر على وسائل الإعلام المحترفة، بل امتدت إلى وسائل التوصل الاجتماعي من خلال إقامة دعاوى ضد بعض مستخدميها.
وكشف استطلاع رأي الصحافيين الذي شمل 266 صحافياً وإعلامياً، محافظة حالة التشاؤم لدى المستطلعة آراؤهم، حيث وصف 27.1 بالمائة واقع الحريات بالمتدنية و25.9 بالمائة اعتبروها مقبولة، فيما وصفها بالمتوسطة 31.6 بالمائة، مقابل 13.9 بالمائة اعتبروها 1.5 ممتازة.
فيما رأى 44 بالمائة من المستطلعة آراؤهم أن الحريات بقيت على حالها، مقابل 16.9 عبروا عن قناعتهم بتراجعها بدرجة كبيرة، فيما اعتقد 3.4 بأنها تقدمت بدرجة كبيرة.
وفي ما يتصل بتعاميم حظر النشر التي تصدرها هيئة الإعلام أو جهات أخرى، اعتبر 79.3 بالمائة أنها تمثل رقابة مسبقة وتضييقاً على حرية الإعلام.
وكشفت مؤشرات التقرير مواصلة الصحافيين فرض رقابة ذاتية على أنفسهم، حيث بلغت نسبتها 93.6 بالمائة، بزيادة قليلة عما كانت عليه في تقرير عام 2015، لكن اللافت في التقرير ارتفاع نسبة تجنب الإعلاميين انتقاد الحكومة التي بلغت نسبتها 54 بالمائة، فيما يفرض 83 بالمائة رقابة على البحث في القضايا الدينية، كما أفاد 84 بالمائة عن تجنبهم مناقشة القضايا الجنسية، لكن تجنب انتقاد الأجهزة الأمنية بقي الخوف الأكبر لدى الصحافيين وبنسبة بلغت 88 بالمائة.
وشمل الاستطلاع مواقف الإعلاميين من أثر دور مواقع التواصل الاجتماعي في إذكاء خطاب العنف وإقصاء الآخر، ليعبر 89 بالمائة أن لتلك الوسائل دور في إثارة خطاب العنف، ويؤيد 93.6 بالمائة تغليظ العقوبات على من يقوم بترويج خطاب الكراهية في الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي.