يقود اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، أخيراً، حملة اعتقالات غير معلنة في صفوف معارضيه العسكريين، شرق البلاد، بالتوازي مع تصاعد الخلافات بين الأجسام السياسية التابعة له والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في طرابلس.
وبعد تداول وسائل إعلام ليبية ودولية أنباء تؤكّد اعتقال ضابط بارز في قوات حفتر، تناقلت الوسائل ذاتها أنباء عن اختفاء وزير الداخلية السابق بحكومة مجلس النواب عمر السنكي، منذ أمس الثلاثاء.
وكان عسكريون يعملون داخل قاعدة حفتر في مدينة المرج، أكّدوا أنّ آمر معمل القاعدة الثالثة في بنغازي التابعة لحفتر، العقيد علي احكومة، حضر إلى قاعدة المرج بطلب استدعاء من حفتر ليتم تغييبه داخل السجون على خلفية تهم تمثلت في إخراجه لآليات ثقيلة من معسكره، دون إذن اللواء المتقاعد، فيما تعرض ثلاثة من مرافقيه للتعذيب لإثبات هذه التهم ضده.
وفي السياق، أكّد أقرباء السنكي أنه اختفى منذ ليلة البارحة بالتوازي مع معلومات وردتهم باعتقاله من قبل أجهزة حفتر الأمنية في بنغازي.
وبحسب مصادر خاصة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن حفتر وقّع على قائمة احتوت على ما يزيد عن الخمسين شخصية ما بين سياسية وعسكرية للقبض عليهم، جراء تورطهم في الحراك العسكري الذي قاده وكيل وزارة الداخلية في حكومة الوفاق فرج قعيم، نهاية الأسبوع الماضي في بنغازي ضد حفتر.
وأوضحت المصادر ذاتها أنّ حفتر يقود حملة تطهير واسعة داخل قواته وفي شرق ليبيا عموماً، لتلافي وقوع أي عصيان داخل قواته أو في الأراضي التي سيطر عليها مجدداً، بعد فشل محاولة وكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق فرج قعيم، الأسبوع الماضي.
وعن مجريات أحداث الأسبوع الماضي، أفاد مصدر أمني رفيع في بنغازي، لـ"العربي الجديد"، بأنّ قعيم المنشق السابق عن قوات حفتر منذ يونيو/حزيران من العام الماضي، قاد حراكاً قبلياً مدعوماً بمسلحين وضباط من قوات حفتر، ليعلن خلال الأسبوع الماضي عن نواياه في قلب ظهر المجن على حفتر، بعد تعرضه لحادث اغتيال في الخامس من الشهر الجاري بواسطة سيارات مفخخة استهدفت رتل سيارات كان يستقل إحداها أثناء تنقله داخل بنغازي.
وقال إنّ شخصيات قبلية وعسكرية لم تخفِ امتعاضها من حفتر في مناسبات سابقة طلبت من قعيم إعلان معارضته للواء المتقاعد بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال، وهو ما أعلن عنه قعيم، الأربعاء الماضي، متهماً حفتر بتدبير حادث الاغتيال. كما أعلن عن قرب عقد اجتماع لضباط وعسكريين في منطقة برسس في بنغازي، لتعيين قائد القوات الخاصة ونيس بوخمادة، قائداً عاماً جديداً للجيش بديلاً عن حفتر.
ويعد بوخمادة من أبرز الشخصيات العسكرية في قبيلة المغاربة، وسيوفر له هذا الترشيح موالاة قبيلة المغاربة، التي كانت تسيطرعلى منطقة الهلال النفطي بواسطة ابنها إبراهيم الجضران، قبل ان يحتلها حفتر منتصف مارس/آذار الماضي.
ولفت المصدر عينه إلى أنّ حفتر استبق الأحداث وباغت قعيم بحصار مقراته في مناطق بودزيرة وبرسس، شرق بنغازي، وقصفها بواسطة الطيران بشكل مكثف قبل أن يسيطر عليها كلياً، الجمعة الماضي، لتعلن حكومة مجلس النواب، يوم السبت، أنّ مقرات قوة المهام الخاصة التابعة لقعيم آلت إليها.
ولا يبدو أن التصعيد توقف عند الحد العسكري بل تجاوزه إلى صعد أخرى، ففي تحدٍ جديد لحفتر، أعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، أمس الثلاثاء، عن قدوم عمداء بلديات طبرق وجردس، شرق البلاد، للقاء رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، ضمن لقائه بعمداء عدد من البلديات الليبية.
الخطوة التي اعتبرها المجلس الرئاسي ضمن صلاحياته لحلحلة مشاكل البلديات، قابلتها حكومة مجلس النواب والحاكم العسكري التابع لحفتر بقرار مفاجئ، مساء أمس، بتوقيف عمداء بلديتي طبرق وجردس، ومعاقبتهما على خلفية مخالفة قرارات الحاكم العسكري، التي تقضي بمنع التواصل مع حكومة الوفاق والتعامل معها.
وأكّد الناطق باسم حكومة مجلس النواب حاتم العريبي صدور قرارات عن الحكومة بشأن اتخاذ إجراءات بحق عمداء بلديات، ومن تواصلوا بالمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق، معتبراً أن الإجراء جاء تطبيقاً لقرارات سابقة للأجهزة الأمنية بمتابعة كل من اتصل أو تعامل مع سلطات طرابلس، وأنّ هذه القرارات تأتي بالتنسيق مع قيادة حفتر.
واتهم العريبي المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، خلال تصريح تلفزيوني، أمس، بشق الصف في برقة عبر استخدام القبائل، وشراء الذمم وكسب الرأي العام، بتصريحات وأموال وتوزيع الوظائف.