"بنك الطعام المصري" هو أحد المؤسسات الأهلية الخيرية التي تهتم بتوزيع الإعانات على الفقراء. ويهتم البنك بالطعام فقط، بخلاف غيره من المؤسسات التي توفّر الملابس والأموال والمعونات المادية والطبية.
في مقر البنك الرئيسي في القاهرة خلية عمل لا تهدأ، شباب من الجنسين، ومن أعمار متباينة، يقضون الوقت في تجهيز مواد غذائية قبل توزيعها على المستحقين. معظم هؤلاء الشباب العاملين في بنك الطعام متطوعين بالأساس، وكثيرون منهم أنهوا دراستهم من دون أن يتمكنوا من إيجاد عمل.
محمد أحد هؤلاء، يقول: "قررت أن أشارك لتضييع وقتي في أمر نافع، ومع الوقت اكتشفت أنني أقوم بتقديم خدمة مهمة من خلال عملي التطوعي، نحن نجهز الكثير من المواد لتوزيعها، كلها السلع الأساسية".
ستضع أموالك أو الغذاء الذي تتبرع به، ومثل أي بنك ستكون لك أرباح، لكن هذه الأرباح لن تقدمها لك إدارة البنك، بل هي مؤجلة إلى الآخرة، حيث تحصل عليها إن شاء الله على هيئة حسنات تثقل ميزانك يوم القيامة"، بهذه الكلمات لخص رضا سكر، المدير التنفيذي لبنك الطعام فكرة العمل به.
مجدي إسماعيل، مسعف بالمركز الرئيسي لمرفق إسعاف القاهرة، يعمل بالمرفق منذ ثلاثة وعشرين عاما، ولم يفطر يوماً واحداً من أيام شهر رمضان وسط أسرته الصغيرة، المكوّنة من زوجته وثلاث بنات وصبي واحد.
يقول إسماعيل لـ"العربي الجديد": "رغم أن مواعيد العمل الرسمية تبدأ في الثامنة صباحا، وتنتهي في الثامنة مساء، إلا أن العمل قد يمتد ليشمل يومين متواصلين، خاصة إذا كانت الحالة التي نسعفها تحتاج إلى النقل إلى محافظة بعيدة عن العاصمة. أسرتي مبرمجة على ظروف عملي الاستثنائية، وفي حالة حدوث ظرف طارئ نقوم بالتبديل مع بعضنا البعض بما يتوافق مع ظروف العمل".
وعن ذكريات عمل الإسعاف في رمضان، يقول جمعة محمد جمعة، السائق في إسعاف القاهرة، إن أصعب أيام عمله كانت عند انهيار صخرة الدويقة "يومها قضينا شهر رمضان بالكامل في منطقة سقوط الصخرة، وكذلك أيام غرق عبّارة السلام عام 1998، كما قضينا أيام العيد بالكامل في العمل".
أما عبد الإله سالم الذي يعمل بالمرفق منذ 33 عاماً، فيقول إن أصعب أيام عمله كان ما حدث يوم حادث قطار العياط "حيث مكثنا أسبوعاً كاملاً في العمل". يتابع: "لكن سنوات ما بعد ثورة يناير 2011 من أشد وأصعب السنوات علينا نظراً لكثرة الفعاليات والمظاهرات والأحداث التي شهدها ميدان التحرير وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو وغيرها من ميادين القاهرة، وكان أصعبها خلال أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة".
ومن الإسعاف إلى موقف النقل العام بميدان عبد المنعم رياض بوسط القاهرة، حيث يرى السائق جميل العسيلي أن العمل في رمضان حالة خاصة، ويشرح:"عملنا أن نظل في الشارع من أجل توصيل الناس لمنازلهم، حتى يفطرون مع أولادهم".
يضيف العسيلي: "ما يخفف عني بعدي عن أسرتي أنه خلال انطلاق صوت الآذان، ونحن في الطريق أجد راكباً يعطيني مما معه، علبة عصير أو بضعة حبات من البلح أو العجوة. ودائماً بعد أن أنهي رحلتي أجد كثيراً من أصحاب الخير في نهاية الخط ممن يقدمون لنا وجبات كاملة. وقد تعودنا على ذلك".
وسط ازدحام الميدان، يقف المجند (ن.ط.) شاكياً همّه. يقول: "فترة الخدمة طويلة. أظل واقفاً خلالها أنظم حركة المرور في ظل الارتفاع الرهيب في درجة الحرارة". يضيف: "مع ذلك، قبل الإفطار بحوالي نصف ساعة يخف الازدحام، فأستعد لتناول الإفطار على مائدة من موائد الرحمن.. لأن أحداً لا يسأل علينا".