فتح النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، جبهة خارجية على سياساته المتَّبعة في مصر، وتحديداً في التعامل مع رافضي الانقلاب، ولكن هذه المرة على مستوى رسمي. وأثارت تحركات النظام المصري في الضغط على رافضي الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، من خلال إحالة أوراق مرسي إلى المفتي، لاستطلاع رأيه في أحكام إعدام له، ردود فعل دولية سلبية.
واتسمت ردود الفعل بالوضوح في اعتبار أن الأحكام الصادرة ضد مرسي، تناقض سيادة القانون، وهي بعيدة كل البعد عن طبيعة القضاء الطبيعي والقواعد القانونية الراسخة، كما تعكس ردود الفعل الدولية تراجع مكانة القضاء المصري والتشكيك في مصداقيته.
وتوقع مراقبون، أن تؤدي التصريحات الرافضة للحكم على مرسي، إلى ضغوط كبيرة على السيسي خلال الفترة المقبلة من المجتمع الدولي، من أجل تسوية الأزمة الحالية في مصر، خصوصاً عقب فشل السيسي في احتواء الأزمة، وبدء تململ المجتمع الدولي من طول عمر الأزمة.
وكشف فرحان حقّ نائب المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، أن "بان تلقّى بقلق بالغ نبأ الإحالة". وأضاف حقّ "لقد تلقى الأمين العام بقلق بالغ القرار الذي صدر من محكمة مصرية، يوم السبت، بحق مرسي وآشخاص آخرين". وأشار إلى أن "بان سيواصل مراقبة الموضوع عن كثب، ويؤكد أهمية أن تتخذ جميع الأطراف خطوات، تؤدي إلى تشجيع وتجنب تقويض السلام والاستقرار في المنطقة".
اقرأ أيضاً العالم عقب حكم الإعدام: #مرسي_لست_وحدك
كما عبّرت الخارجية الأميركية، عن قلقها إزاء إحالة أوراق مرسي إلى المفتي لاستطلاع الرأي في إعدامه، وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، إن "الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق من قرار محكمة مصرية، إحالة أوراق مرسي للمفتي، وترى أن مثل هذه المحاكمات لا تتطابق مع سيادة القانون".
من جانبه، قال الخبير السياسي، مختار غباشي، إن "ردود الفعل الدولية على إحالة أوراق مرسي للمفتى، تعكس عدم رضى بما يحدث في مصر، سواء على مستوى القضاء المصري، أو في سبيل التعامل مع الأزمة الحالية".
وأضاف غباشي، لـ "العربي الجديد"، أن "المجتمع الدولي حاول التدخل أكثر من مرة لحل الأزمة ولكن دون جدوى، ورأوا أن السيسي ربما يتمكن من حلها على طريقته، ولكن هذا أيضا لم يحدث". وتابع أن "المجتمع في أغلبه اعترف بشرعية النظام الحالي، ليس لاقتناعهم بترتيبات ما بعد 30 يونيو/حزيران 2013، ولكن في النهاية بات هناك نظام لا بد من التعامل معه ولكن بطريقة حذرة العلاقات". وأشار الخبير السياسي، إلى أن "الأزمة تكمن في القيام بتحركات داخلية ربما يكون الغرض منها الضغط على معارضي النظام، وتواجه خارجيا بانتقاد شديد".
فيما أكد دبلوماسي مصري سابق، أن "إحالة مرسي إلى المفتي، بدا وكأنه علامة فارقة في الأزمة المستمرة منذ عامين تقريباً، خصوصاً أن التصريحات التي صدرت من الخارجية الأميركية، فضلاً عن الأمم المتحدة، تعكس أن المسار في مصر غير مرضٍ عنه دولياً".
وقال الدبلوماسي، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد"، إن "أحكام الإعدام ربما ستكون مقدمة لضغوط دولية كبيرة على السيسي، لتسريع حلّ الأزمة وتقديم تنازلات، كونه فشل في حلّ الأزمة عن طريقة القتل والقمع". وأضاف أن "السيسي تسبب في حرج لمصر الدولة وليست النظام على المستوى الدولي، وأساء لسمعة القضاء المصري بشكل كبير، وبات محط انتقادات وتراجع دولي". وتابع "العالم أجمع بات يدرك أن ما يحدث في مصر هو تصفية سياسية لرافضي الانقلاب، وبالتالي مجمل الأحكام الصادرة ليست قضائية وإنما سياسية".
اقرأ أيضاً مجزرة أحكام الإعدام في مصر: مهزلة قضائية جديدة