تحدثت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري أن الحكومة بدأت باتخاذ إجراءات تعوّض الخسائر في انخفاض سعر صرف الليرة وشح موارد الموازنة العامة للدولة، في ظل استنزاف الاحتياطي من العملات الأجنبية، ومن بين تلك الإجراءات طرح سندات الخزينة للاكتتاب للمصارف، وتصفية شركات صناعية عملاقة، تحت عنوان إصلاح القطاع العام.
ووفقا لمصادر إعلامية محلية، فقد بلغ إجمالي الديون التي اقترضتها حكومة النظام، خلال الأشهر الثمانية الماضية، نحو 645 مليار ليرة سورية (حوالي 960 مليون دولار)، بعد اكتتاب عدد من المصارف على سندات الخزينة المخوّل لها المشاركة في المزادات، إضافة إلى عملاء في تلك المصارف.
وأضافت أن الدين العام بلغ نحو 11.6% من إجمالي اعتمادات الميزانية العامة للدولة، للعام الجاري 2020، البالغة 4000 مليار ليرة (نحو 6 مليارات دولار بالسعر الرسمي)، في حين يعادل الدين العام قرابة 32% من إجمالي عجز الموازنة المقدّر بمبلغ 1455 مليار ليرة.
ولا يدخل عجز شركة الكهرباء، البالغ 711 مليار ليرة، ضمن الميزانية، بحسب ما أعلنه وزير المالية، مأمون حمدان، لدى إقرار الميزانية في مجلس الشعب مع نهاية العام الماضي.
ولم تحدد حكومة النظام هدفها من الاستدانة من المصارف عبر سندات الخزينة، في وقت لم تتحدث فيه عن خطط في مجال الإنفاق الاستثماري أو إقامة مشاريع تستدعي الاستدانة، ما رجح أن تكون القروض لتمويل عجز الموازنة لتسديد الأجور والرواتب وتمويل بعض المستوردات، كما يقول سمير طويل، الصحافي المختص بالشأن الاقتصادي لـ"العربي الجديد".
ويضيف طويل أن من عادة الحكومات أن تلجأ إلى طرح سندات خزينة للمصارف من أجل تمويل مشاريع استثمارية، إلا أنه بالنسبة للنظام فليس لديه أية مشاريع، بل إن الموازنة تتعلق في معظمها بالإنفاق الجاري، ولهذا فهو طرح سندات الخزينة التي تعد دينا على الحكومة بهدف تمويل عجز الموازنة.
ويتابع طويل أن النظام لا يملك موارد من أجل الموازنة سوى الضرائب والرسوم التي تغطي بعض البنود في الموازنة، ولا خيارات أمامه سوى بيع سندات الخزينة والاستدانة من المصارف، ما يعني أنه سيزيد العجز عجزا ويرتب ديونا إضافية على الحكومة.
خصخصة المصانع
ويتزامن الحديث عن الدين العام الداخلي مع طلب الحكومة من وزارة الصناعة تشكيل لجنة لإعداد مشاريع الصكوك التشريعية لحلّ جميع الشركات المدمرة كلياً، والمتوقفة عن العمل ولا تحقق الريعية الاقتصادية والجدوى المطلوبة.
وقدرت مصادر عدد هذه الشركات بـ30 شركة، تضاف إليها 10 شركات متوقفة عن الإنتاج قبل اندلاع الحرب. ويبلغ عدد الشركات التابعة لوزارة الصناعة 118 شركة، يتوقع مراقبون أن تكون ذريعة الدمار الكلي الذي ساقته الحكومة مبرراً لاستكمال عملية التصفية النهائية لها، عبر وضع الصك التشريعي اللازم لهذه الغاية.
وتدرج الحكومة إجراءاتها تحت عنوان إصلاح القطاع العام الصناعي، في حين يرى ثامر قرقوط، المتخصص بالشؤون الاقتصادية، أن تصفية شركات عريقة لا يصب في الإطار الإصلاحي على الإطلاق.
ويقول قرقوط لـ"العربي الجديد" إن الحكومة تقيس كل الشركات بمسطرة واحدة، فهناك نحو 40 شركة تابعة لـ8 مؤسسات عامة تتبع لوزارة الصناعة، مدمرة كلياً أو جزئياً، وأغلبها في قطاعي الغذاء والنسيج، وهما قطاعان رائدان.
وأضاف أن البلاد بحاجة ماسة إلى هذين القطاعين، سواء لجهة الاستفادة من مدخلات هاتين الصناعتين المتوفرة، أو لجهة المنتجات النهائية التي بحاجة إليها السوق المحلي، لاسيما في القطاع الغذائي، فضلا عن إمكانية التصدير.
ويؤكد قرقوط أن فشل النظام في الإصلاح، وتغلغل الفساد في القطاع الصناعي على وجه الخصوص، يجب ألا يكون شماعة تعلّق عليها عدم الرغبة في الإصلاح وعدم القدرة عليه، مضيفا أنه مهما كانت الأصول الثابتة للشركات المزمع حلها باهظة الثمن، لاسيما العقارات التي بنيت عليها، لا يجب أن يكون ذلك سببا لتصفيتها.
ويقول قرقوط إن الاقتصاد السوري حاليا منهك ومدمر، وقبل 2011 كان الفساد والفشل عنوانا رئيسيا له من بين جملة عناوين أخرى، لكن هذا يجب أن يحول القضية برمتها إلى فرصة حقيقية، لمعالجة المشكلات بشكل اقتصادي وتنموي، وعلى الصعيد الوطني، ومحاسبة من أوصل البلاد إلى هذا الوضع.
(الدولار = 665 ليرة سورية رسميا و2000 في السوق السوداء)