مع مرور شهر على تسلّم بوريس جونسون لمنصبه في رئاسة الحكومة البريطانية، تستمر التغطية الإعلامية البريطانية في حدّة تجاذبها بين مؤيد ومعارض لمواقفه وسياساته. ويمكن رسم خريطة مواقف الصحف البريطانية من حكومة جونسون بناءً على الميول السياسية التقليدية لهذه الصحف بشكل عام، إضافةً إلى موقفها من "بريكسيت" بشكل خاص.
تمتاز الصحافة البريطانية، عموماً، بميولها اليمينية المحافظة، خصوصاً عند مقارنتها بنظيرتها الأوروبية. ووفقاً لمسح أجراه موقع "يوغوف" المختص باستطلاعات الرأي، بداية عام 2017، فإنّ البريطانيين أنفسهم يعتقدون بأن صحافتهم ذات ميول يمينية بشكل عام. فمن بين ثمانية صحف تغطي كامل الأراضي البريطانية، أجاب المشاركون بأن خمسة منها يمينية، واثنتين يساريتان، وواحدة فقط تحتل مكاناً وسطاً.
ولا تعد مفاجأة أن تكون "ديلي ميل"، أكثر الصحف البريطانية انتشاراً، هي أيضاً أكثرها يمينيّة. بينما تواجهها في الطرف المقابل صحيفة "ذا غارديان" والتي تعد أكثر الصحف البريطانية ميولاً يسارية. أما صحيفة "ميرور" فتشارك "ذا غارديان" الطيف السياسي، وإن كانت تعتبر أكثر وسطية. أما صحيفة "ذا إندبندنت" فوصفت على أنها وسطية، وإن كانت ذات ميول يسارية. وتقابلها في ذلك صحيفة "ذا تايمز" والتي تعدّ يمينية ولكن ذات نزعة وسطية. أما الصحف الأخرى مثل "تيليغراف"، و"ديلي إكسبرس" و"ذا صن"، فتتوزع على كامل طيف اليمين السياسي.
بالطبع، ينعكس هذا الاصطفاف السياسي للصحف البريطانية على دعمها للأحزاب التي توافقها التوجه السياسي، وغالباً ما تربط الجانبين علاقات وثيقة، تتجلى بنشر السياسيين من توجه معين آراءهم عبر الصحف الموافقة. فرئيس الوزراء الحالي، بوريس جونسون، يمتلك مقالاً أسبوعياً في صحيفة "ذا ديلي تيليغراف"، بينما تنشر "ذا إندبندنت" بشكل متكرر للسياسيين الوسطيين في العمال والمحافظين إضافة إلى الديمقراطيين الليبراليين. أما وزراء حكومة تيريزا ماي فكان لهم أن نشروا مقالات عدة في صحيفة "تايمز".
اقــرأ أيضاً
وبشكل عام، يمكن القول بوجود صحف يسارية أو ذات ميول وسطية، مثل "ذا غارديان" و"ذا إندبندنت"، والتي تدعم حزب العمال والديمقراطيين الليبراليين، وصحف يمينية أو ذات ميول وسطية تدعم حزب المحافظين أو حتى حزب بريكسيت، مثل "ديلي تيليغراف" و"ديلي ميل". وتوجد بين التيارين صحف ذات توجه وسطي تنال دعماً مختلطاً، وتشمل "ذا تايمز" و"فاينانشال تايمز".
ويُضاف إلى ما سبق مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فوفقاً لبحث أجرته جامعة أوكسفورد البريطانية قبل شهر من موعد الاستفتاء عام 2016 حول تغطية الصحف البريطانية لبريكسيت، فإن الصحف اليمينية مثل "ديلي ميل" و"ديلي إكسبرس" و"ذا صن" و"تيليغراف" تتبنى مواقف مؤيدة لبريكسيت. بينما كانت تغطية الصحف اليسارية، مثل "ديلي ميرور" و"ذاغارديان"، والوسطية، مثل "فاينانشال تايمز"، معارضة له. أما صحيفة "ذا تايمز" فكانت تغطيتها متوازنة بين الطرفين وإن كانت أقرب لتأييد اليمين المحافظ.
ولم تتبدل مواقف الصحف من بريكسيت منذ صدور نتيجة الاستفتاء عام 2016، بل إنها تعكس تشدد المعسكرات السياسية تجاه مواقفها. فالصحف اليمينية أصبحت تدعم بريكسيت من دون اتفاق، وهو ما تعكسه تغطية "تيليغراف" و"ديلي ميل"، والتي تصور المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي على أنها حرب استقلال شبيهة بالحرب العالمية الثانية والتي "انتصرت" فيها بريطانيا على أوروبا. أما نظيرتها اليسارية أو الوسطية ذات الميول اليسارية فتدعم الاستفتاء الثاني والبقاء في الاتحاد الأوروبي. فصحيفة "ذا غارديان "من المدافعين عن البقاء في الاتحاد الأوروبي، ومن منتقدي زعيم حزب العمال جيريمي كوربن المؤيد لبريكسيت. أما "ذا إندبندنت" فقد تبنت حملة الاستفتاء الثاني على بريكسيت، حيث أطلقت الحملة على موقعها، وأعلنت أنها تدعم خيار البقاء في الاتحاد. أما "ديلي ميرور" فتنقسم في موقفها من بريكسيت، بصورة تعكس انقسام حزب العمال الذي تدعمه. أما الصحف الوسطية مثل "فاينانشال تايمز"، فتبنت خطة تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي بصورة منظّمة تحترم الاستفتاء وتقلّل من الضرر اللاحق ببريطانيا.
وتُمكن رؤية انعكاس هذه الخريطة الإعلامية في تغطية الصحف البريطانية لبوريس جونسون، حتى منذ أن كان وزيراً للخارجية في حكومة تيريزا ماي. وينال جونسون تغطية إيجابية متفائلة من الصحف اليمينية المحافظة المؤيدة لبريكسيت مشدد، بينما يواجه معارضة لمواقفه من قبل الصحافة الوسطية واليسارية.
يشير المحاضر في علم الاجتماع في جامعة برمنغهام، غيزم ألبيون، إلى هذه التحولات، أو عدمها، في حديثه لـ"العربي الجديد" بالقول "إن وقتنا الحالي مهم لمراقبة عمل الاعلام البريطاني. فقد كشف بريكسيت عن أنه في التغطية الإعلامية السياسية، لم يتبدل الكثير. وكما كان الوضع في الماضي، فإن تعامل الإعلام مع الوضع الحالي، والتوافق مع المؤسسة السياسية وغيرها، يعتمد جداً، من بين عدة أمور أخرى، على مالكي هذه الوسائل الإعلامية والميول السياسية الخاصة بالصحافيين".
ويتابع ألبيون "بريكسيت بالتأكيد المسألة الأكثر أهمية، إن لم تكن الوحيدة. بالطبع توجد شخصية جونسون الخلافية وسيرته المهنية كصحافي منذ نهاية الثمانينيات وكسياسي منذ نهاية التسعينيات، إضافةً إلى دوره وفريقه في حملة استفتاء بريكسيت عام 2016، إضافة إلى أن الشارع البريطاني يرى في حزب المحافظين خياراً مألوفاً في سدة الحكم".
ويضيف "يحاول جونسون وفريقه منذ وصوله لرئاسة الوزراء أن يصور حكومته على أنها تتجنب "الفوضى"، والتي يحاولون تصويرها على أنها من سمات خصومهم السياسيين، وأنهم أيضاً حزب لن يرفع من عبء الضرائب". ويُحذّر ألبيون من رد فعل حكومة جونسون، قائلاً "يجب أن تتعامل حكومة جونسون بحذر مع الإعلام لتتجنب الإدانة. فهناك مخاوف من وحدة الرد السريع التي شكلتها الحكومة للتعامل مع التقارير الإعلامية المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو حتى من اتهامات بقيود إعلامية تم فرضها على الإعلام خلال زيارة جونسون الأولى إلى ويلز كرئيس للوزراء. إن مثل هذه القيود، إن استمرت، ستكون مرفوضة وستثبت ضررها في نهاية الأمر كون حرية الإعلام في صلب الديمقراطية البريطانية".
ولا تعد مفاجأة أن تكون "ديلي ميل"، أكثر الصحف البريطانية انتشاراً، هي أيضاً أكثرها يمينيّة. بينما تواجهها في الطرف المقابل صحيفة "ذا غارديان" والتي تعد أكثر الصحف البريطانية ميولاً يسارية. أما صحيفة "ميرور" فتشارك "ذا غارديان" الطيف السياسي، وإن كانت تعتبر أكثر وسطية. أما صحيفة "ذا إندبندنت" فوصفت على أنها وسطية، وإن كانت ذات ميول يسارية. وتقابلها في ذلك صحيفة "ذا تايمز" والتي تعدّ يمينية ولكن ذات نزعة وسطية. أما الصحف الأخرى مثل "تيليغراف"، و"ديلي إكسبرس" و"ذا صن"، فتتوزع على كامل طيف اليمين السياسي.
بالطبع، ينعكس هذا الاصطفاف السياسي للصحف البريطانية على دعمها للأحزاب التي توافقها التوجه السياسي، وغالباً ما تربط الجانبين علاقات وثيقة، تتجلى بنشر السياسيين من توجه معين آراءهم عبر الصحف الموافقة. فرئيس الوزراء الحالي، بوريس جونسون، يمتلك مقالاً أسبوعياً في صحيفة "ذا ديلي تيليغراف"، بينما تنشر "ذا إندبندنت" بشكل متكرر للسياسيين الوسطيين في العمال والمحافظين إضافة إلى الديمقراطيين الليبراليين. أما وزراء حكومة تيريزا ماي فكان لهم أن نشروا مقالات عدة في صحيفة "تايمز".
وبشكل عام، يمكن القول بوجود صحف يسارية أو ذات ميول وسطية، مثل "ذا غارديان" و"ذا إندبندنت"، والتي تدعم حزب العمال والديمقراطيين الليبراليين، وصحف يمينية أو ذات ميول وسطية تدعم حزب المحافظين أو حتى حزب بريكسيت، مثل "ديلي تيليغراف" و"ديلي ميل". وتوجد بين التيارين صحف ذات توجه وسطي تنال دعماً مختلطاً، وتشمل "ذا تايمز" و"فاينانشال تايمز".
ويُضاف إلى ما سبق مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فوفقاً لبحث أجرته جامعة أوكسفورد البريطانية قبل شهر من موعد الاستفتاء عام 2016 حول تغطية الصحف البريطانية لبريكسيت، فإن الصحف اليمينية مثل "ديلي ميل" و"ديلي إكسبرس" و"ذا صن" و"تيليغراف" تتبنى مواقف مؤيدة لبريكسيت. بينما كانت تغطية الصحف اليسارية، مثل "ديلي ميرور" و"ذاغارديان"، والوسطية، مثل "فاينانشال تايمز"، معارضة له. أما صحيفة "ذا تايمز" فكانت تغطيتها متوازنة بين الطرفين وإن كانت أقرب لتأييد اليمين المحافظ.
ولم تتبدل مواقف الصحف من بريكسيت منذ صدور نتيجة الاستفتاء عام 2016، بل إنها تعكس تشدد المعسكرات السياسية تجاه مواقفها. فالصحف اليمينية أصبحت تدعم بريكسيت من دون اتفاق، وهو ما تعكسه تغطية "تيليغراف" و"ديلي ميل"، والتي تصور المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي على أنها حرب استقلال شبيهة بالحرب العالمية الثانية والتي "انتصرت" فيها بريطانيا على أوروبا. أما نظيرتها اليسارية أو الوسطية ذات الميول اليسارية فتدعم الاستفتاء الثاني والبقاء في الاتحاد الأوروبي. فصحيفة "ذا غارديان "من المدافعين عن البقاء في الاتحاد الأوروبي، ومن منتقدي زعيم حزب العمال جيريمي كوربن المؤيد لبريكسيت. أما "ذا إندبندنت" فقد تبنت حملة الاستفتاء الثاني على بريكسيت، حيث أطلقت الحملة على موقعها، وأعلنت أنها تدعم خيار البقاء في الاتحاد. أما "ديلي ميرور" فتنقسم في موقفها من بريكسيت، بصورة تعكس انقسام حزب العمال الذي تدعمه. أما الصحف الوسطية مثل "فاينانشال تايمز"، فتبنت خطة تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي بصورة منظّمة تحترم الاستفتاء وتقلّل من الضرر اللاحق ببريطانيا.
وتُمكن رؤية انعكاس هذه الخريطة الإعلامية في تغطية الصحف البريطانية لبوريس جونسون، حتى منذ أن كان وزيراً للخارجية في حكومة تيريزا ماي. وينال جونسون تغطية إيجابية متفائلة من الصحف اليمينية المحافظة المؤيدة لبريكسيت مشدد، بينما يواجه معارضة لمواقفه من قبل الصحافة الوسطية واليسارية.
يشير المحاضر في علم الاجتماع في جامعة برمنغهام، غيزم ألبيون، إلى هذه التحولات، أو عدمها، في حديثه لـ"العربي الجديد" بالقول "إن وقتنا الحالي مهم لمراقبة عمل الاعلام البريطاني. فقد كشف بريكسيت عن أنه في التغطية الإعلامية السياسية، لم يتبدل الكثير. وكما كان الوضع في الماضي، فإن تعامل الإعلام مع الوضع الحالي، والتوافق مع المؤسسة السياسية وغيرها، يعتمد جداً، من بين عدة أمور أخرى، على مالكي هذه الوسائل الإعلامية والميول السياسية الخاصة بالصحافيين".
ويتابع ألبيون "بريكسيت بالتأكيد المسألة الأكثر أهمية، إن لم تكن الوحيدة. بالطبع توجد شخصية جونسون الخلافية وسيرته المهنية كصحافي منذ نهاية الثمانينيات وكسياسي منذ نهاية التسعينيات، إضافةً إلى دوره وفريقه في حملة استفتاء بريكسيت عام 2016، إضافة إلى أن الشارع البريطاني يرى في حزب المحافظين خياراً مألوفاً في سدة الحكم".
ويضيف "يحاول جونسون وفريقه منذ وصوله لرئاسة الوزراء أن يصور حكومته على أنها تتجنب "الفوضى"، والتي يحاولون تصويرها على أنها من سمات خصومهم السياسيين، وأنهم أيضاً حزب لن يرفع من عبء الضرائب". ويُحذّر ألبيون من رد فعل حكومة جونسون، قائلاً "يجب أن تتعامل حكومة جونسون بحذر مع الإعلام لتتجنب الإدانة. فهناك مخاوف من وحدة الرد السريع التي شكلتها الحكومة للتعامل مع التقارير الإعلامية المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو حتى من اتهامات بقيود إعلامية تم فرضها على الإعلام خلال زيارة جونسون الأولى إلى ويلز كرئيس للوزراء. إن مثل هذه القيود، إن استمرت، ستكون مرفوضة وستثبت ضررها في نهاية الأمر كون حرية الإعلام في صلب الديمقراطية البريطانية".