بيروت ــ نادر فوز
بين اجتماعات مؤتمر جنيف ــ 2 وأروقته وخلاصاته المنتظرة، تجمّد البحث الجدي في الشأن الحكومي اللبناني. لقاءات القيادات اللبنانية مستمرة في ما بينها، تحديداً بين قوى 8 آذار وحلفاء حزب الله، على خط رئيس تكتل الإصلاح والتغيير النيابي النائب ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وفي السياق، تُشير معلومات خاصة بـ"الجديد" إلى أن عون قال خلال لقائه أحد السفراء الأوروبيين في منزله في الرابية يوم أمس، ما حرفيته: "يبدو أنّ حزب الله يريد وقف المشاورات مؤقتاً". فالحزب، بحسب مطلعين على أجواء عون، يدعو أولاً إلى انتظار خواتيم جنيف ــ 2 في مدينة مونترو السويسرية، لتقدير المرحلة السياسية اللاحقة، وثانياً اتخّذ موقف التجميد تلقائياً بعد استبعاد الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن المؤتمر الدولي حول سوريا. يضاف إلى ذلك العامل الأمني المتمثل بالتفجيرين اللذين هزّا مناطق نفوذ الحزب في أقل من أسبوع واحد، في الهرمل والضاحية الجنوبية لبيروت. الأمر الذي قرأه الحزب كاستمرار لحرب المملكة العربية السعودية عليه، ما من شأنه نسف أي مبادرة وفاقية في لبنان.
على الرغم من هذا الجمود الذي فرضه حزب الله، استمرّت اللقاءات بين الوزير جبران باسيل، صهر عون، وممثلين عن حركة أمل (التي يرأسها بري)، كما حصل لقاء بين باسيل ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط. خلال هذه الجلسات، خاض باسيل في التفاصيل فأكد عدم تحبيذ فريق عون مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية ليضيف بعدها أنّ "التيار الوطني الحر مستعد للتنازل عن هذا المطلب في حال التوصل إلى اتفاق على الحكومة" باعتبار أنّ عون سيتخلّى عن تعنّته الوزاري عكس التجارب الحكومية السابقة، نظراً لدقة المرحلة الحالية. واستمرار هذه اللقاءات الجانبية، بحسب أجواء باسيل، من شأنه تحضير الأرضية أمام المشاروات الحكومية عند استئنافها برضى حزب الله.
أما قوى 14 آذار فلا تزال على مواقفها وانقساماتها. موافقة زعيم تيار المستقبل النائب سعد الحريري على المشاركة في حكومة وفاقية مع حزب الله جاءت من مقرّ المحكمة الخاصة باغتيال والده رفيق الحريري. ورغم استمرار أعمال المحكمة واتهامها أفراداً منظمة من حزب الله بالتخطيط والتنفيذ لعملية 14 شباط – فبراير 2005، فإن فريق الحريري في بيروت متفائل بتشكيل الحكومة. وضع هذا الفريق ثلاثة شروط أساسية: الاتفاق المسبق على البيان الوزاري، وتضمينه إعلان بعبدا (الذي ينص على تحييد لبنان إزاء الأزمة السورية) والمداورة في الحقائب. وهي شروط بمثابة بمثابة خيط رفيع يتحكم الحريري به، يبقيه مربوطاً إلى طاولة التحضير للحكومة ويسهل قطعه في حاول تدهور الأوضاع الإقليمية. فيبدو الحريري، كغيره من أطراف الساحة اللبنانية، كمن يشتري الوقت على وقع محكمة لاهاي وحنيف ــ 2.
أما سمير جعجع، رئيس القوات اللبنانية، الحليف المسيحي الأقوى للمستقبل، فيحافظ على رفضه المبدئي لمشاركة حزب الله في حكومة واحدة. جعجع وخلال استقباله شخصيات مستقلة في قوى 14 آذار قبل أيام، بدا واثقاً من عدم توصل حلفائه إلى اتفاق مع الحزب. مع العلم أنه خلال هذه اللقاءات الداخلية، عاد وحذّر هذه الشخصيات الحليفة من أي خطوة سياسية ناقصة قد تؤمن لحزب الله غطاءً داخلياً رغم ضغط المحكمة الدولية وضغط الواقع الميداني في سوريا عليه ورغم ضغط الغرب المستمر على إيران.
بين 8 آذار و14 آذار، يحافظ الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام على تفاؤله الدائم والمستمر منذ تكليفه قبل تسعة أشهر من اليوم. بدوره، ترك نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال السراي الحكومي مع فريق عمله، في خطوة تبدو شكليّة أكثر من كونها مؤشراً جدياً لسرعة تأليف الحكومة الجديدة.