تتوالى استطلاعات الرأي في فرنسا منذ أسابيع، وتمنح النتائج نفسها في الصدارة، التي تتقاسمها الأغلبية الرئاسية، 23 في المائة، وحزب "التجمع الوطني"، الذي تترأسه مارين لوبان، 22 في المائة، وخلفهما يأتي حزب "الجمهوريون" ثالثاً، بـ13 في المائة، ثم "فرنسا غير الخاضعة" رابعاً، بـ 8 في المائة، ويتقاسم المرتبة الخامسة، الحزب الاشتراكي الذي تحَالَف، قبل أسبوع، مع حركة "ساحة عامة"، الذي يترأسه الفيلسوف رافائيل غلوكسمان، مع الحزب الإيكولوجي، بـ 7 في المائة. وفي مؤخرة الترتيب يتواجد حزب "انهضي فرنسا" اليميني، بـ 5 في المائة، و"أجيال"، الذي يترأسه بونوا هامون، بـ2,5 في المائة، واتحاد الديمقراطيين المستقلين، من يمين الوسط، بـ2 في المائة.
ومع مضي الأحزاب الفرنسية قُدُماً في حملتها الانتخابية لاستحقاق 26 مايو/أيار، بدأت تُعرَف أسماء القوائم ومتزعميها. وسيتم مساء اليوم، رسمياً، تعيين، ناتالي لوازو، الوزيرة للشؤون الأوروبية، على رأس لائحة الأغلبية الرئاسية (الجمهورية إلى الأمام وموديم) في الانتخابات الأوروبية، وهو ما سيَفرض عليها، على الفور، الاستقالة من منصبها الوزاري. وكانت ناتالي لوازو قد حلت ضيفة على برنامج "البرنامج السياسي"، المكرَّس لمارين لوبان، بأداء لم يكن مُرضياً.
وتراهن الأغلبية الرئاسية، من هذا التعيين، الحفاظ على الصدارة في استطلاعات الرأي، وتكريس المرشحين كل وقتهم للدفاع عن مشروع الرئيس ماكرون الأوروبي، الذي كشفت عنه "رسالة الرئيس إلى المواطنين الأوروبيين".
وإذا كانت الانتخابات لا تزال بعيدة، وكل شيء يمكن أن يتغير، كما حدث في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فإن اليسار الفرنسي يدخل هذه الانتخابات في وضع تشرذم غير مسبوق. فإذا كان اليسار المتعدد، يقترب في مختلف الانتخابات السابقة، من عشرين في المائة أو يتجاوزها، فهو يدخل هذه الانتخابات متشظياً، بين "فرنسا غير الخاضعة" و"تحالف الاشتراكيين" مع "ساحة عامة" و"الإيكولوجيين" وحركة "أجيال"، وأخيراً الحزب الشيوعي، الذين يشكلون مجتمعين 26 في المائة.
ولا أحد يعرف كيف ستكون النتائج في النهاية، وإن كانت الصراعات والتنافس يبدوان على أشدهما، بين مكونات اليسار، حيث ينتقد رئيس حزب "فرنسا غير الخاضعة"، جان لوك ميلانشون، تصريحات رئيس حزب الإيكولوجيين، يانيك جادو، من أن الإيكولوجيا ليست من اليسار ولا من اليمين، في حين أن رافائيل غلوكسمان، يعيب على حركة ميلانشون عداءها للاتحاد الأوروبي.
وبين اليسار المتشظي والمقدمة، التي يتربع عليها أنصار الرئيس ماكرون وأتباع مارين لوبان، يقف حزب "الجمهوريون" اليميني، في الوسط، وهو يَعدُ بإحداث مفاجأة في قادم الأيام.
وعلى الرغم من النسبة التي تمنحها له استطلاعات الرأي، والتي تتراوح ما بين 13 و15 في المائة، إلا أن هذا الحزب الذي يعتبر، عددياً، أول حزب معارض لماكرون، بفضل مائة نائب في مجلس النواب، وأغلبية مريحة في مجلس الشيوخ، يراهن على حرب الاستنزاف بين مارين وماكرون، في المقدمة، التي تريد استعادة معركة الرئاسيات لسنة 2017، كي يقدم نفسه باعتباره المعارض الأول والأكبر والأكثر مصداقية.
ولعلّ المعركة الأخيرة بين مجلس الشيوخ والإليزيه، والتي اعتبرها الأول من صميم عمله، فيما اعتبرها الإليزيه "مناورة سياسوية مفضوحة"، بخصوص تقديم ثلاثة من مستشاري الرئيس إلى القضاء، دليلٌ على أن "الجمهوريون" هو الحزب الأقدر على إزعاج الرئيس وحكومته.