يفتتح توفيق الحكيم كتابَه الجميل، "يوميات نائب في الأرياف"، بهذه الكلمات: "آويت إلى فراشي البارحة مبكراً، فلقد شعرت بالتهاب الحلق، وهو مرض يزورني الآن من حين إلى حين. فعصبت على رقبتي خرقة من الصوف و..".
وتذكرت ما نحن فيه من حجر صحي، ومن رعب الفيروس عديم الأصل واللون والطعم والرائحة، فقلت: الحمد لله أن حلقي ليس ملتهباً، وأن حنجرتي ليست فرناً ذرياً، وأن أموري جيدة، حتى كتابة هذه السطور.
ذلك أن كورونا في مخيم اللاجئين، لم تضرب ولا واحداً من نزلائه الـ 600، حتى اللحظة.
كانت قراءة الحكيم، إذن، قد أعادتني لواقع العالم.
ففكرت: لقد هزمنا فيروسُ كوفيد 19. رفعنا الرايات واختبأنا في المنازل.
ومن عزلة المنزل، وبغير سبب مباشر منها، تخطر للواحد أسئلة كئيبة [لأنه يعرف إجاباتها مسبقاً]، مثل: هل تهزم كورونا ـ هذا الفيروس المتوحش ـ تلك الرأسماليةَ الأشد توحشاً؟
بعد أسبوعين من كوفيد 19، يبدو أن كل شيء في العالم آخذ في التدهور والانهيار: عدد أقل من الأصحاء، وعدد أقل من كل ما تعودنا عليه.
والأولوية الآن فقط، لتحاشي الفيروس، جرياً وراء غريزة البقاء.
الآن، والآن فقط، أحن إلى كل ذلك الهواء القديم، الذي تنفسته في حياتي، دونما أي ريبة.
* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة
استمع للنص مسجلاً