اعتقلت السلطات السعودية يوم أمس في خطوة مفاجئة خالد التويجري، وهو مدير الديوان الملكي وأمين هيئة البيعة السابق وأقوى رجل سعودي في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، بسبب تأثيره الكبير على قراراته فترة حكمه.
ولد التويجري في مدينة المجمعة شمال العاصمة الرياض عام 1960 لنائب رئيس الحرس الوطني والمستشار ورجل الأعمال عبد العزيز التويجري، وحصل على درجة البكالوريوس في كلية القانون بجامعة الملك سعود، كما حصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية وماجستير التشريع الجنائي الإسلامي من جامعة نايف للعلوم الأمنية.
وعمل التويجري في بداية حياته كمستشار قانوني في الحرس الوطني السعودي في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز حينما كان وزيراً للحرس الوطني وولياً للعهد، حيث توثقت صلته به وانتقل بعدها إلى ديوان ولي العهد بمنصب نائب رئيس مركز الدراسات المتخصصة، قبل أن يواصل صعوده ليصبح سكرتيراً خاصاً بولي العهد آنذاك عبد الله بن عبد العزيز، ثم أصبح نائباً لرئيس ديوان ولي العهد.
للتويجري إنتاجات أدبية وشعرية، حيث يكتب شعراً غنائياً تحت اسم وهمي "ساري" واستطاع من خلال علاقاته الفنية تكوين شبكة من الفنانين العرب يقومون بالغناء لصالح السعودية في أعيادها الوطنية، استغلها ولي العهد محمد بن سلمان فيما بعد للغناء ضد قطر.
وعند تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية عام 2005 عُيّن التويجري كرئيس للديوان الملكي وسكرتير خاص للملك، وبدأ التويجري يبسط نفوذه بقوة حيث احتكر الوصول إلى دائرة صنع القرار، إذ أصبح مستشاراً خاصاً للملك، وعندما دُمجت رئاسة الديوان الملكي مع رئاسة مجلس الوزراء أصبح التويجري رئيساً لهما، كما أصبح رئيساً للحرس الملكي المكلف بحماية القصور الملكية.
وفي عام 2006 أسس الملك عبد الله بن عبد العزيز هيئة البيعة، وهي بمثابة مجلس شورى مصغر بين أعضاء الأسرة الحاكمة يختص بتنصيب الملوك وأولياء العهد، وعيّن خالد التويجري أميناً لها في خطوة تهدف إلى تنصيب ابنه متعب وزير الحرس الوطني المعفى والمعتقل كملك للبلاد، لكن وجود عدد من الأعمام الأقوياء لمتعب وعلى رأسهم سلطان ونايف والملك الحالي سلمان، أعاق خطط الملك الراحل مع التويجري لتوريث العرش.
وكانت الخطة التي خطط لها التويجري تقضي بعزل سلمان بن عبد العزيز من منصبه كولي للعهد وتنصيب أخيه مقرن كولي للعهد، ومن ثم تنصيب متعب كولي لولي العهد وعزل مقرن بعد ذلك، وهو الأسلوب الذي استخدمه محمد بن سلمان حرفياً للوصول إلى ولاية العهد بعد عزله لعمه مقرن، ومن ثم ابن عمه محمد بن نايف.
ويحنق الكثير من الأمراء السعوديين على التويجري كونه كان متحكماً في دخولهم ومقابلتهم للملك الراحل، حيث إن العديد من الأمراء ومنهم الأمير خالد بن طلال والأمير سعود بن سيف النصر صرحوا علناً ضده، وطالبوا الملك باتخاذ إجراءات حازمة كونه يسيء إلى صورته حسب زعمهم.
ومع مجيء ثورات الربيع العربي تولى التويجري مهمة التخطيط للثورات المضادة والتنسيق مع الإماراتيين فيما يخص ملف الانقلاب على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، كما تولى مهمة التنسيق مع عباس كامل مدير مكتب عبد الفتاح السيسي واشترى من خلال نفوذه في مصر العديد من الولاءات التي استخدمها فيما بعد أثناء محاولته إسقاط الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز من ولاية العهد.
ومع تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في البلاد، جُرّد التويجري من كافة مناصبه عقوبة له، وسرت شائعات بأنه تعرض للاعتقال لكنه ظهر بعد شهور في بعض اللقاءات الاجتماعية، وظل مختفياً عن المشهد السياسي بعد صعود نجم ولي العهد الحالي محمد بن سلمان وتواري حليفه متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني الأسبق، حتى تاريخ اعتقاله ليلة أمس بتهم تتعلق بالفساد وتلقي الرشاوى نظير منصبه كرئيس للديوان الملكي.