ويرى معلقون أن تخصيص "السيسي" جزءًا من خطابه، خلال الاحتفال بعيد الشرطة المصرية، للشعب التونسي بأن الظروف الاقتصادية صعبة في العالم كله ومطالبته إياهم بالحفاظ على بلادهم، كان من الأجدر به أن ينظر إلى حال البلاد التي يحكمها، والأوضاع المتردية على كل المستويات.
ويؤكد الخبير العسكري، اللواء عباس القلا، أن الوضع الاقتصادي المتدهور في مصر أكثر بكثير مما يحدث في تونس، التي تمتاز بالاستقرار الاقتصادي إلى حد كبير، منوهاً بأن حالة التدمير والخراب التي تمر بها مصر، والتي لم تشهد من قبل مثيلاً لها، كان من الأجدر بالنظام أن يهتم بها، مشيراً إلى أن العالم كله والمنظمات الإنسانية والدولية انتقدت، وما زالت تنتقد، الوضع الأمني والسياسي الذي تمر به البلاد حالياً والذي لم تشهده من قبل.
ويقول:" إن ما يحدث هو نوع من التدخل في شأن الشعب التونسي"، مضيفاً أن:" الرئيس التونسي اعترف بحق الشعب في التظاهر وحقه في العيش بحرية، مندداً بالبطالة والتهميش الاجتماعي وضرورة حل مشاكل البطالة، على عكس ما يحدث في مصر. الشرطة اعتقلت من قبل، على سبيل المثال لا الحصر، في مصر خريجي مؤهلات عليا من الأوائل وحاصلين على ماجستير ودكتوراه يطالبون بحقهم في التعين".
ويتابع: إن السيسي يهاجم نواب البرلمان لكونهم اعترضوا على "قانون الخدمة المدنية" ويرى في خطابه الأخير أن هناك 7 ملايين موظف ليس لهم وجود، ووجودهم ضرر على مصر، ويريد مليونا فقط لإدارة البلاد، أليس هذا استهزاء بمشاعر الشعب والمواطنين؟.
اقرأ أيضاً: نواب للسيسي: أين الجيش والشرطة والقضاء من "تنازلات الغلابة"؟
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، أن تعليق "السيسي" على ما يحدث في مصر هو تخوف "من ذكرى ثورة 25 يناير"، مؤكداً أن النظام لديه معلومات عن غضب في الشارع المصري ودعوات من قبل الشباب للنزول إلى الشارع في الذكرى الخامسة لثورة يناير، منوهاً بأن ما يحدث في تونس من الممكن أن يحدث في مصر، كما كانت تونس من قبل سبباً لثورة 25 يناير عام 2011، وكان نظام مبارك قد أكد أن ما يحدث في تونس لا يمكن أن يتكرر في مصر، وتكرر بالفعل.
ويشير إلى أن ما يحدث في دول الجوار من أحداث من الممكن أن يؤثر على الدول المجاورة، لتشابه الثقافات والمشكلات التي تواجه الشعوب العربية، موضحًا أنه حان الوقت لكي يوقِف النظام الحالي الهجمة الشرسة على شعارات ثورة 25 يناير، المتمثلة في العيش والحرية والكرامة الإنسانية، قبل أن تنفجر الأوضاع كما يحدث حاليًا في تونس، لافتاً إلى أن تونس تعاملت مع الاحتجاجات وفق قواعد الدستور والعمل الديمقراطي ولم تقم بحملة اعتقالات رغم وقوع البلاد تحت حكم قانون الطوارئ المطبق منذ زمن.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور حازم حسني، أن حديث السيسي عن تونس في كلمته في عيد الشرطة يعكس مدى تخوف النظام الحالي من انتقال الاحتجاجات إلى مصر، مؤكداً أن مشاكل تونس توجد في مصر بأضعاف، ويقول إن تأهب الحالة الأمنية في مصر إلى الدرجة القصوى، وانتشار عناصر الأمن في الشوارع المدججين بالسلاح، وكأن مصر مقبلة على حرب، يدل على مدى الخوف الذي تشعر به الحكومة المصرية بسبب احتقان الشعب ضد سياستها.
وأضاف حسني أن تخوف الرئيس السيسي من 25 يناير لأمرين، أولهما أن صوت جماعة الإخوان ومناصريها بات صوتًا واحدًا، مما أسهم في رفع صوت المعارضة خلال الفترة الماضية، خاصة أنهم يرون سياسات النظام والجهات الأمنية التي ترتكب أخطاء جسيمة كما حدث في عهد مبارك بأنها تعود بمصر إلى 24 يناير 2011، أما الأمر الثاني فتقارير الأمن الوطني التي أوصلت إلى الرئيس معلومات بني عليها السيسي تخوفه، مشيراً إلى أن أجهزة الأمن باتت لا تفرق بين مؤيد للنظام ومعارض، حيث أن كثيرًا من مؤيدي السيسي تم اعتقالهم وتوجيه اتهامات ضخمة بحقهم، مما ساهم في انخفاض شعبيته.
اقرأ أيضاً: السيسي ينتقد رفض مجلس النواب قانون "الخدمة المدنية"