وفي دول الربيع العربي، تصدرت العدالة الاجتماعية مطالب جماهير تونس، مصر، ليبيا، اليمن وسورية منذ العام 2011.
وفي مصر، على سبيل المثال، رصدت الدراسات الاجتماعية أن 25% من جموع الشباب الذي نزل ميدان التحرير كان له مطالب سياسية، بينما كانت المطالب الاقتصادية، وفي صدارتها العدالة الاجتماعية سبب نزول الـ75% الباقية.
ورغم اعتمادها مبدأ أساسيا، قوضت الأمم المتحدة فرص العدالة الاجتماعية في مصر حين رفض صندوق النقد الدولي، الذراع المالي للأمم المتحدة، التعاون مع نظام الرئيس محمد مرسى المحسوب على ثورة يناير، رغم جديته في تحقيق العدالة الاجتماعية، ونشر مظلة دعم الغذاء لفئات أخرى كانت محرومة، ورفع رواتب 1.9 مليون موظف واستحدث معاش "المرأة المعيلة" فأكرم نصف مليون أسرة تعولها امرأة، وأشاع مناخ الشفافية والثقة فجذب الاستثمارات الأجنبية وتحويلات العاملين بالخارج، وأنعش الصادرات والسياحة وسوق العمل.
الصندوق رفض منح مصر الثورة قرضا متواضعا بقيمة 3.2 مليارات دولار كان على وشك الموافقة عليه للمجلس العسكري بسبب انتقال السلطة للرئيس محمد مرسي، ثم رفض قرضا آخر للرئيس المنتخب بقيمة 4.8 مليارات دولار!
في المقابل، رحب الصندوق بإقراض نظام عبد الفتاح السيسي مبلغ 12 مليار دولار، وهو مبلغ يزيد عن ضعف ما كان يطلبه الرئيس مرسي، رغم تقويض السيسي تجربة ديمقراطية فريدة بانقلاب عسكري دموي على ثورة سلمية أكبرتها الأمم المتحدة وأبهرت زعماء العالم الحر.
الصندوق خرق العدالة الاجتماعية لما منع مرسي، المنتخب، وأقرض السيسي الذي انقلب على إنجازات سلفه، وبدد حلم العدالة الاجتماعية وطرد الاستثمارات الأجنبية وعائدات العاملين بالخارج، وأهدر مليارات الخليج، وقوض سوق الصادرات، وأقفر سوق السياحة، وأصاب 40% من الشباب بالبطالة، وبدد المليارات في مشروعات توسعة قناة السويس والعاصمة الجديدة المشكوك في جدواها، ثم أقال قاضيا، رئيس المركزي للمحاسبات، لأنه عرّى نظامه الفاسد.
ونشرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية تحليلا اقتصاديا حمّلت فيه السيسي المسؤولية المباشرة عن الفشل الاقتصادي الذي تعيشه مصر، ونشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية مقالا بعنوان "خراب مصر" اتهمت فيه السيسي بإخفاقه في إدارة شؤون البلاد ولا سيما الجانب الاقتصادي.
وخرق صندوق النقد الدولي، العدالة الاجتماعية حين أغرى الحكومة المصرية بتخفيض قيمة الجنية مقابل الدولار إلى النصف في بلد يستورد 75% من غذائه بالدولار، ما ضاعف معدلات التضخم من 10% في يونيو/حزيران 2013 إلى 30% في يناير 2017، بحسب الإحصائيات الرسمية، بينما يقدرها معهد السياسات الأميركي، كاتو، بأربعة أضعاف الإحصائيات الرسمية!
وخرق الصندوق العدالة الاجتماعية أيضا حين أثنى الحكومة عن دعم غذاء الفقراء، فشكلت لجنة من 4 وزارات، التموين والتخطيط والمالية والتضامن، أوصت في النهاية باستبعاد 10 فئات اجتماعية من مظلة دعم الغذاء رغم تسميتها "لجنة العدالة الاجتماعية"!
وحرمت اللجنة المواطن من دعم الغذاء إذا تعدى دخله الشهري 1500 جنيه، 80 دولاراً، أو زاد معاشه عن 1200 جنيه، 65 دولاراً، كل ذلك إرضاء لصندوق نقد الأمم المتحدة!