أثارت استقالة رئيس تحرير صحف "البلاد" و"الوطن" و"الشرق" السابق قينان الغامدي، من عضوية مجلس إدارة هيئة الصحافيين السعوديين، الكثير من الجدل في الشارع الإعلامي السعودي. خاصةً أن الغامدي أكد أن سبب استقالته هو فشل المجلس في تقديم أي شيء للصحافيين، كما طالب بترشيح مجلس إدارة جديد للهيئة، لا يكون رئيسا تحرير أكبر صحيفتين في السعودية من ضمنه، ويقصد رئيس تحرير جريدة "الرياض"، تركي السديري، ورئيس تحرير صحيفة "عكاظ"، هاشم عبده هاشم، محذرًا من أن وجودهما على رأس هرم المجلس الجديد سيعني استمرار خمول هيئة الصحافيين وفشلها في أداء دورها المطلوب.
ويصف الغامدي الهيئة بـ"المتردية" التي لم تفعل شيئاً للمنتسبين إليها، متهمًا مجلس الإدارة بالتسبب
في ذلك. ويقول لـ"العربي الجديد": "وجود الهيئة بالأساس فكرة أكثر من جيدة، ولكن المشكلة تكمن في أداء المجلس، الذي لم يفعل شيئاً لعدم تفرغ رئيسها تركي السديري أو نائبه الدكتور هاشم عبده هاشم لها، لهذا لا بدّ من تجديد الدماء، لأن استمرار المجلس الحالي يعني أن لا شيء سيتغير". ويتابع: "التقصير بكامله من المجلس، الفكرة جميلة ورائعة، ولكنّ المجلس لم يفعل شيئاً ليحقق الفكرة".
ولم يكن هجوم الغامدي الأول من أحد أعضاء المجلس، فقبل قرابة الشهرين وصف عضو مجلس إدارة الهيئة ورئيس تحرير جريدة "الوطن" السابق طلال الشيخ، عمل الهيئة بالمؤسف، وقال: "حاولتُ جاهداً إنشاء هيئة أو لجنة للصحافيين الرياضيين، ولكن لم أحقق أي شيء. الهيئة هي المكان الوحيد الذي أعترف بفشلي فيه".
كما أن الشباب الذي دخلوا المجلس اكتشفوا أنهم لم يكن بمقدورهم أن يفعلوا شيئاً، خاصةً أن المجلس لم ينعقد طوال العامين الماضيين، لانشغال رئيسه ونائبه.
اقرأ أيضاً: صحافيات رياضيات... والمرأة ممنوعة من دخول الملعب
كشف المستور
وكشفت استقالة الغامدي الكثير مما يدور في هيئة الصحافيين السعوديين، التي لم تكن تحظى من الأساس بالقبول من العاملين في المجال الإعلامي، والذين يرون أنها لم تقدم لهم ما يذكر. ويؤكد الكاتب الصحافي عبد الله الكنهل، أن وصف الهيئة بالفاشلة، يعود إلى أنّ القائمين عليها لم يقدموا أي شيء يذكر، ويقول: "كل ما قام به أعضاء مجلس إدارة الهيئة طوال السنوات الأربع هو أنهم جعلوا وجودها كعدمه". ويضيف: "لا يكاد يوجد إجماع مثل الإجماع على
خيبة أمل شديدة تجاه هيئة الصحافيين السعوديين، إنها واحدة فقط من مزاعم مؤسسات المجتمع المدني في السعودية، والحقيقة أنها ابن غير شرعي لهذا المجتمع".
ويشدد الكهنل على أن فشل الهيئة يعود إلى أنّها لم تُبنَ على أسس سليمة. ويضيف: "كان يجب أن تنطلق من داخل المجتمع نفسه أو من مجموعة المهنيين الذين يشكلون عضويتها، وتؤسَّس وتصاغ أنظمتها ولوائحها بمعزل تام عن أي تدخل من السلطة أو أي جهة رسمية حكومية، ولهذا بمجرد أن ولادة الهيئة من رحم السلطة، والصلاحيات المعطاة لوزير الثقافة والإعلام يجردها من كونها مؤسسة مجتمع مدني إلى مجرد هيئة أو لجنة أو غيره متشكلة من خلال الوزارة وبرعايتها لتنسيق بعض شؤون الصحافيين". ويتابع :"كان طبيعياً وبديهياً أن تنتقل عقلية الإدارة الحكومية وفردية اتخاذ القرارات إلى الهيئة".
وفي الإطار ذاته، يؤكد الكاتب والإعلامي حبشي الشمري، أن هيئة الصحافيين لم تقم بأي دور حقيقي لخدمة الصحافيين السعوديين ولا غيرهم. ويقول في حديث مع "العربي الجديد": "انتخاب مجلس إدارة جديد للهيئة هو انتخاب لفشل جديد، فخلال دورتين من عمر المجلس لم يقدم شيئاً يمكن أن نسمّيه إنجازا، ما يحدث في كل مرة هو فشل ذريع". ويضيف: "يتحمل الصحافيون أيضًا مسؤولية حال الهيئة المتجمد، فهم من حمّل نفس الأشخاص المسؤولين عن فشل دورتها الأولى إلى دورتها الثانية، ونتمنى أن يكون التغيير جذريًا في الدورة الثالثة".
ويشدد الشمري على أنهم كصحافيين لا يتوقعون من الهيئة "إلا بقدر ما يضغطون هم على مجلس الإدارة فرديا أو مؤسسيا، من أجل نيل المكتسبات التي يجب أن يحصلوا عليها وفي طليعتها الحماية القانونية وتمكينهم من أداء الأدوار المنوطة بهم".
ويتذكر الصحافيون السعوديون الدور السلبي للهيئة في حادثة وفاة الصحافي محمد الثبيتي، جراء خطأ طبي في الدمام (شرق السعودية) قبل نحو ثلاثة أسابيع، بعد أن لزمت الصمت ولم تصدر حتى بيانًا صحافيًا ينتقد وزارة الصحة، بل تعاملت مع الأمر وكأنه لا يعنيها، وحتى لم تعزي عائلته.
اقرأ أيضاً: السعودية: عودة حساب "مجتهد" على "تويتر" بعد إقفاله لساعات
فشل ذريع
في خطاب استقالته الذي حصلت عليه "العربي الجديد"، أكد الغامدي أن السبب يعود إلى فشل الهيئة في عمل شيء يذكر للصحافيين، وقال: "نظرًا لما وصل إليه حال الهيئة من جمود، ولإحساسي بعدم قدرتي على تقديم أي جهد مفيد لأعضائها، وعدم قدرتي على التأثير في مجلس إدارتها الذي لم ينعقد منذ نحو عامين، فإنني أقدم استقالتي مقرونة بالشكر والتقدير لكم".
من جهته، يعتبر الأمين العام للهيئة عبدالله الجحلان، في تصريح إلى "العربي الجديد" أن استقالة الغامدي غير
مؤثرة على عمل مجلس الإدارة، لأنه بالأساس انتهى تكليفه منذ ثلاثة أشهر، ويجري العمل لانتخابات جديدة لاختيار أعضاء المجلس المقبل، ويقول: "دورة المجلس الحالي منتهية منذ مطلع العام ونحن نجهّز لانتخابات جديدة".
ويكشف الجحلان أن خمسة فقط من أعضاء مجلس إدارة الهيئة الحالي، جددوا اشتراكاتهم السنوية فيها، بينما لم يجدد البقية.
اقرأ أيضاً: لا حماية لصحافيي السعوديّة