دخلت المؤسسة الدينية الرسمية في لبنان على خط دعم بعض المرشحين في الانتخابات النيابية بشكل واضح وصريح، عبر التعميم الذي أصدره المدير العام للأوقاف في دار الفتوى، الشيخ محمد أنيس الأروادي، يوم الأربعاء الماضي، لخطباء الجمعة، بشأن مضمون الخطبة.
وتُظهر نسخة التعميم التي حصل عليها "العربي الجديد" دعوة الخطباء إلى الربط بين "الإدلاء بالأصوات بكثافة وبين بقاء الأمان والاستقرار"، والربط أيضاً بين التصويت وبين "حفظ الكيان والهيبة والوجود، لأن بيروت هي العاصمة والقاصمة بأهلها وإن صلحت صلح سائر الوطن".
ليعود الأروادي ويشير إلى أن "كثافة التصويت تؤتي أكلها بحسب القانون الجديد"، قبل أن يختم تعميمه بأمر واضح: "وأنا أدعوكم لذلك".
وقد أكّد عدد من المشايخ المسجلين في دار الفتوى، الذين فضّلوا عدم ذكر أسمائهم أن "كبار المسؤولين في دار الفتوى يُشددون على وجوب رفع الحاصل الانتخابي في بيروت، لدعم حظوظ مرشحي تيار المستقبل والتقليص من إمكانية خرق لائحتهم من قبل اللوائح الثماني التي تنافس على مقاعد الدائرة الثانية".
وبحسب المدير التنفيذي لـ"الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" (لادي)، عمر كبّول، فإن "رفع الحاصل الانتخابي في بيروت من خلال زيادة عدد المُقترعين لا يخدم سوى الأحزاب الكبيرة والمنظمة صاحبة الماكينات الانتخابية المُقتدرة، ويحرم في الوقت نفسه المستقلين من إمكانية تحقيق خرق والوصول إلى البرلمان".
وأشار كبّول لـ"العربي الجديد" إلى رصد "تشدد القوى في الحديث عن رفع الحاصل وتشجيع الناخبين في كل الدوائر التي تخشى من تعرضها للخرق فيها".
وإلى جانب التعميم الرسمي الذي سيُردده مئات المشايخ من على منابر الجمعة في بيروت والمناطق، لأنه يحمل صفة الإلزام، فقد ذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن مستشار رئيس الحكومة، بسام تميم، يتّصل بالمشايخ في بيروت، ويدعوهم إلى "استلام أمانة من قصر الرئيس الشهيد رفيق الحريري في منطقة قريطم في بيروت".
وقد تداول بعض المشايخ أن هذه "الأمانة" ما هي إلا مبلغ مالي سيدفعه الحريري بعد أن تم إيقاف دفع المنحة المالية التي خصصتها دولة الإمارات لعلماء الدين في دار الفتوى منذ سنوات قبل شهرين فقط.
وقد تعهّد الحريري يومها بالعمل على إعادة العمل بها، لتصل الأموال الإماراتية إلى دار الفتوى مُجدداً قبيل موعد الانتخابات المقرر إجراؤها في السادس من مايو/ أيار الحالي، ويتولّى فريق رئيس الحكومة توزيعها على المشايخ.
وتبلغ قيمة المساعدة المالية الإماراتية للمشايخ 750 دولاراً أميركياً للشيخ الذي يحمل صفة مساعد إمام، و1000 دولار للشيخ الذي يحمل صفة إمام، وكانت تدفع بشكل فصلي (كل 3 أشهر).
وتجدر الإشارة إلى أن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان كان قد تصدّر الحاضرين في مهرجان إعلان مرشحي "تيار المستقبل" قبل أسابيع.
وقد لجأ مختلف القوى السياسية اللبنانية إلى علماء الدين لحث الناخبين على التصويت لهم، وبلغ الأمر حدّ تحريم أحد العلماء في منطقة صور التصويت لأي مرشح لا ينتمي إلى "حزب الله" أو إلى "حركة أمل" في كل الدوائر التي يترشحّ فيها الطرفان.
كذلك منح استخدام قاعات المساجد وصالونات الكنائس لإقامة اللقاءات الانتخابية غطاء دينياً للمرشحين.