تحولت مدينة السليمانية الجبلية، التي يسكنها زهاء 700 ألف نسمة في إقليم كردستان بشمال العراق، إلى مركز تجاري مزدهر خلال العامين الماضيين.
لكن العديد من المشاريع التي انتعشت في العامين الماضيين توقفت في الوقت الراهن.
مواقع بناء كانت تمتلئ نشاطاً في كل مكان باتت الآن مهجورة، وتوقفت الرافعات والجرافات التي كانت تعمل فيها منذ قررت بغداد في يناير/كانون الثاني من العام 2014 تقليص المدفوعات لكردستان بسبب سياسة الإقليم النفطية.
تعاقدت شركة (بريز) التي يعمل فيها المهندس مثال مازن على إنشاء مجمع سكني ضخم في وسط السليمانية، لكن العمل متوقف حالياً في الموقع.
وقال هذا المهندس إن الاستثمارات في إقليم كردستان كانت تسير بشكل جيد في العامين 2012 و2013، غير أن عدم مصادقة الإقليم على موازنة العام 2014 وعدم توصل أربيل بحصتها من الموازنة الفيدرالية، جمد الاستثمار في الإقليم.
وقال مازن إن نحو 90% من المشاريع الاستثمارية قيد الإنجاز في الإقليم متوقفة.
واستأنفت الحكومة المركزية في بغداد صرف حصة كردستان من الموازنة العامة للبلاد في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد توقيع اتفاق نفطي بين الطرفين وافقت بموجبه أربيل على تسويق نفطها عبر شركة النفط العراقية "سومو".
وبموجب هذا الاتفاق، وعدت بغداد الأكراد بحصة 16% من ميزانية العراق للعام الجاري البالغة 105 مليارات دولار، وهو ما يعادل نحو مليار دولار شهرياً.
غير أن أربيل لم تسدد بعد دفعة شهر فبراير/شباط الماضي رغم توصل كردستان بمبلغ 420 مليون دولار من بغداد في 19 مارس/آذار الماضي.
وذكر المهندس مثال مازن، أن نقص السيولة المالية أدى إلى تأجيل تنفيذ عدد من التعاقدات لعجز الشركات عن دفع أجور العمال أو عن الوفاء بالتزاماتها المُتعاقد عليها.
وأضاف أن "عدم توصل الشركات بمستحقاتها، بسبب أزمة السيولة التي تعاني منها حكومة الإقليم، دفعها للاستغناء عن خدمات العديد من المهندسين وباقي الأيدي العاملة".
وتمتعت السليمانية بالاستقرار والأمن خلافاً لمعظم أنحاء العراق الأخرى على مدى السنوات الماضية، كما أعفت الحكومة المحلية المستثمرين من الضرائب.
وتدفقت رؤوس أموال من الخليج وتركيا ولبنان والصين، كما ضخت حكومة كردستان ومستثمرون محليون ومانحون دوليون المزيد من الأموال.
وقال ياسين محمود رشيد، المتحدث باسم اتحاد المستثمرين في إقليم كردستان، إن الخلافات المالية مع حكومة بغداد والانخفاض الهائل في أسعار النفط العالمية وبواعث القلق من تنظيم "الدولة الإسلامية" كلها عوامل أدت إلى تراجع حركة التبادل التجاري.
وتابع: "انخفض التبادل التجاري بمقدار أكثر من 7 مليارات دولار مقارنة مع سنة 2013. أما بالنسبة للاستثمارات في إقليم كردستان فقد تراجعت أكثر من 8 مليارات دولار. وفي إقليم كردستان الآن أكثر من 400 ألف عامل تم الاستغناء عن خدماتهم في الشركات وفي المشاريع الاستثمارية".
وأفاد بأن حجم التبادل التجاري بين كردستان وتركيا بلغ 16 مليار دولار في عام 2013 وتراوح بين 9 مليارات و10 مليارات مع إيران. بينما لم يزد متوسط حجم التبادل التجاري مع البلدين معاً في 2014 عن 6 مليارات.
اقرأ أيضاً:
غنيمة الطاقة تدعّم إقامة دولة كردستان