"القوّة الناعمة" من المصطلحات الأثيرة لدى محمد حسنين هيكل، وبسبب تكراره في إطلالاته الإعلامية خلال السنوات الأخيرة، بات مصطلحاً متداولاً في بعض أوساط الإعلام المصري ودوائر السلطة.
حاولت الأخيرة تمثّله أو "تمثيله"، بشكل أبرزَ - للمفارقة - عمق الفجوة وفداحة مأزقها. لم تذهب إلى سياسات وإصلاح ومأسسة، بل "اهتدت" إلى إشراك نجمات سينما في زيارة رئاسية إلى ألمانيا أو "احتضان" مثقفين بصفتهم نجوماً وليس ممثلي منظومة ثقافية ومجتمع يحرصون على مصالحه. هنا لا يمكن لعملية الاحتضان أن تتجاوز المستوى الأول من مفهوم "العلاقات العامة"، بل وتبدو في بعض الحالات أقرب إلى الاختطاف الرمزي.
لكن، لنتأمل قليلاً في مفاهيم "القوة الناعمة" ومصادرها المعاصرة. مبتكر المصطلح ومنظّره رجل أمن أميركي اسمه جوزيف ناي. صحيح أنه يتمتع بقدرات فكرية، لكن مهامه ومناصبه هي لرجل مخابرات. فالأستاذ في هارفرد هو أيضاً رئيس سابق لـ"مجلس الاستخبارات الوطني" ومستشار لغيرها من المؤسسات الأمنية الأميركية.
أخطر ما في تنظيرات "ناي"، هو تجريدها لمفهومٍ بعمر البشرية اسمه - ببساطة - القوة الحضارية من لحمه - أي عناصره القيميّة - ليكون أداة سيطرة، وقصْرِه على تصوّرات براغماتية ليس للسياسة فحسب وإنما للوجود.
مفهوم يشبه "الدجاج المسحَّب" (بيع لحم الدجاجة من دون عظمها)، ولكنه في حالتنا العربية بيع عظام دجاجة يُزعَم أنها تبيض أكثر من مرة في اليوم.
اقرأ أيضاً: عالم بلا سكايب