تخطّت أبوظبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة كلّاً من السعودية ومصر في طرح أدوات دين، هي الأطول زمنياً على الإطلاق في المنطقة العربية وبلدان الشرق الأوسط، وفق مسح لـ"العربي الجديد"، ما يؤشر إلى دخول البلد الخليجي الغني بالنفط حقبة تاريخية جديدة تمتد لنحو نصف قرن من الديون.
وكشفت وثيقة أن أبوظبي بدأت، أمس الثلاثاء، تسويق إصدار سندات مقومة بالدولار، ينقسم إلى ثلاث شرائح لأجل ثلاث سنوات وعشر سنوات ونصف السنة و50 عاماً.
وكانت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، قد تقاسمت مع "مصر الفقيرة" على حد وصف رئيسها عبد الفتاح السيسي، لقب البلد الأطول في سنوات الاقتراض، بعد أن طرحت سندات دولية في إبريل/ نيسان الماضي يصل أجلها إلى 40 عاماً، وهي نفس المدة التي جعلت مصر حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 صاحب لقب البلد الأول عربياً في مدة الاقتراض على الإطلاق.
وأفادت وثيقة صادرة عن أحد البنوك، التي تدير طرح السندات لصالح أبوظبي، وفق رويترز، بأن سعر الفائدة للشريحة الأطول، التي تُستحق في 2070، يزيد بنسبة 3% فوق عائد سندات الخزانة الأميركية. وتحددت أسعار الفائدة على سندات الخزانة الأميركية خلال أغسطس/ آب الجاري بواقع 1.347% لأجل 30 عاماً.
وبدأت الإمارات، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الخليج، عام 2020 بإطلاق أكبر ميزانية اتحادية في تاريخها بمقدار 61 مليار درهم (16.6 مليار دولار) بعجز صفر، إلا أن جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية تتجه بالدولة إلى تسجيل أسوأ عام في تاريخها.
وحتى الآن، لم تصدر الإمارات أية بيانات رسمية تظهر التأثير الحقيقي للجائحة على ميزانيتها، وآخر بيانات نشرتها حكومة الإمارات في منتصف أغسطس/ آب الجاري تتناول أداء الميزانية في الربع الأول من 2020، وهي الفترة التي سبقت تفشي الجائحة.
لكن صندوق النقد الدولي توقّع في يونيو/ حزيران الماضي انكماش اقتصاد الإمارات بنسبة 4.3% في 2020، وارتفاع العجز بأربعين ضعفاً عنه في 2019.
ومؤخراً ذكرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية أن الإمارات ستعاني من انكماش حاد، مشيرة إلى أن ديون الكيانات المرتبطة بحكومة دبي لا تزال أكثر عرضة للمخاطر الكلية بسبب حيازتها في قطاعات العقارات والنقل والسياحة.
وسجلت دول مجلس التعاون الخليجي الست عجزاً مالياً متفاقماً خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بقيمة 180 مليار دولار، متأثراً بتهاوي عائدات النفط وتداعيات كورونا، التي شلّت مختلف الأنشطة الاقتصادية.
وتستأثر السعودية وحدها بنحو 55% من إجمالي العجز في دول الخليج، وفق تقرير صادر مؤخراً عن وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني العالمية، التي توقعت ارتفاع العجز التراكمي إلى نحو 500 مليار دولار بحلول عام 2023.
وفقاً لوكالة التصنيف العالمية، فإن العجوزات تفاوتت من دولة إلى أخرى بالمنطقة في النصف الأول، وتراوحت بين 15% و25% من إجمالي الناتج المحلي، باستثناء قطر التي حافظت على عجز بنحو 8%.
وتمت تغطية عجز دول الخليج خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري باقتراض 100 مليار دولار، منها حوالي 60.3 مليار دولار على شكل سندات بارتفاع 10 مليارات دولار عن العام الماضي 2019، فيما تمت تغطية الجزء المتبقي (80 مليار دولار) بالسحب من الاحتياطيات العامة.